المسنون في اليابان يتمتعون بعمر طويل وحياة هادئة

التقدم في طب الشيخوخة ساهم في ارتفاع متوسط العمر

يتقلص عدد السكان في اليابان منذ عام 2005 إلى جانب القوة العاملة بالبلاد (أ.ب)
TT

لا توجد دولة صناعية في العالم يهرم مواطنوها سريعا كما يحدث في اليابان. وبفضل الوجبات التي تتضمن أطعمة مثل السوشي، فإن المواطن الياباني يتمتع بعمر طويل، ولكن الجانب السلبي لذلك هو أن الكثيرين يموتون وحيدين، وأحيانا دون أن يلحظ أحد وفاتهم.

ويبدو أن ذلك هو ما حدث مع سوجين كاتو، فلا أحد يعرف على وجه الدقة المدة التي قضاها ميتا في منزله قبل أن يكتشف جيرانه وفاته. وعندما وصلوا للاحتفال بعيد ميلاده الـ111، وجدوه عبارة عن جثة وصفوها بأنها كانت كـ«المومياء». وكان تاريخ أحدث صحيفة وجدت في منزله هو 5 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1978، ما يشير إلى أنه ربما قد رحل عن الدنيا قبل أكثر من 30 عاما.

وبينما تتشكك الشرطة في قيام أقرب أقربائه بالاحتفاظ بخبر موته سرا طوال هذه السنوات حتى يواصل صرف راتب تقاعده، تحدثت وسائل إعلام يابانية عن حالة أخرى مماثلة بعد أيام قليلة. وكانت هذه حالة أكبر معمرة يابانية سنا، وتدعى فوسا فورويا (113 عاما).

وبعد خروج حالة كاتو المؤثرة إلى الضوء، أرادت السلطات أن تحقق في قضية فورويا لمعرفة كيف كانت تعيش. واكتشفت أن أحدا لم يكن يعرف مكانها، واتضح أن ابنتها (79 عاما) والمسجلة أنها تعيش مع والدتها لم تكن لديها فكرة عن مكان أمها. وقالت إن آخر مرة تحدثت مع أمها كانت عام 1986 وفقا للتقارير الإعلامية. واعتقدت الابنة أن والدتها انتقلت مع شقيقها إلى إقليم تشيبا المجاور.

وتلقي حالات مثل هذه الضوء على وضع كبار السن في اليابان، حيث يصل متوسط عمر النساء إلى 86.4 عام، وهو أعلى متوسط عمر في العالم. ويبلغ متوسط عمر الرجال 79.5 عام. وهناك أكثر من 40 ألف ياباني بلغوا سن المائة وما يقرب من 30 مليون شخص، أي ربع سكان اليابان، تعدوا الخامسة والستين.

ويتقلص عدد السكان في اليابان منذ عام 2005 إلى جانب القوة العاملة بالبلاد. وعلى المدى المتوسط هناك تهديد بوجود نقص في العمالة المؤهلة.

وهناك الكثير من العوامل التي تساهم في ارتفاع متوسط العمر في اليابان، أولها التقدم في طب الشيخوخة، وخاصة في مجال علاج السرطان وأمراض القلب والجلطات، وهي أكثر الأسباب المعروفة للوفاة. وبالإضافة إلى وجباتهم التقليدية قليلة الدهون، يعيش اليابانيون في بلد آمن وغني نسبيا، ولكن الجانب المظلم هو أن الكثير من اليابانيين يعيشون في وحدة خلال سنوات عمرهم الأخيرة.

وكان الشباب معتادا على أخذ آبائهم كبار السن ليعيشوا معهم، لكن التوجه الحالي هو العودة إلى العائلة النواة، تاركين الكثير من كبار السن لحالهم. والهجرة إلى المدن الكبرى مثل طوكيو يعني ترك كبار السن بمفردهم.

وتظل الملابسات الخاصة بوفاة كاتو وفورويا غامضة. ويقول المسؤولون إنهم حاولوا مرارا زيارة كاتو، ولكن أقاربه لم يسمحوا لهم بدخول بيته. وكانوا يبلغوهم أن الرجل المسن لا يريد أن يستقبل زوارا، وأنه معتزل في حجرته لأنه يريد أن يعيش حياة أليمة مثل «حياة بوذا».

وأيا كانت الحقيقة في تلك القضية، فمن الواضح أن الكثير من كبار السن في اليابان يعيشون حياة منعزلة. وحظيت هاتان الحالتان باهتمام كبير من وسائل الإعلام لدرجة أن الحكومة انشغلت بالأمر. وقال أكيرا ناجاتسوما، وزير الصحة الياباني، إن وضع كبار السن وكون الكثير منهم يعيشون بمفردهم موضوع تأخذه السلطات على محمل الجد.

وتبحث الحكومة كيفية ضمان قيام السلطات بتسجيل الأماكن التي يعيش فيه كبار السن. كما تعتقد أنه من المهم بحث الإجراءات التي تسمح للأشخاص الذين يعيشون هذه الحياة الطويلة أن يستمروا في الاندماج مع مجتمعاتهم.

وتستخدم مكبرات الصوت في بعض المناطق الريفية للنداء على كافة السلطات لتنبيهها إلى فقدان شخص كبير في السن. وفي بعض المناطق تتكرر هذه النداءات كل يوم تقريبا.