عيد الفطر ينعش أسواق العرائس في مصر

عطور خاصة للاستحمام و«ماسكات» من الأعشاب الطبيعية

نساء وعرائس يتزاحمن لشراء مستلزمات الفرح في العيد في القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

يعد عيد الفطر المبارك موسما سنويا للزواج في مصر، وهذا العام تشهد أيام العيد عشرات الحالات من الزفاف وعقد القران خاصة لمواكبته فصل الصيف الذي يفضله المصريون عادة لإقامة أفراحهم عن غيره من فصول السنة.

ومع بداية الثلث الأخير من شهر رمضان بدأت الفتيات المقبلات على الزواج سباقا حقيقيا مع الزمن لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص الزفاف واستكمال تجهيز أنفسهن والاستعداد الأخير لترتيبات الزواج، مما أدى لحالة من الانتعاش في كثير من الأسواق المصرية خاصة الشعبية منها، بالإضافة إلى الزحام والإقبال الكبير من جانب العرائس اللاتي يتسوقن فيها لاختيار ما يروق لهن خاصة أسواق العطارة وأسواق الذهب والأدوات المنزلية.

ففي أسواق العطارة التي تحيط بالجامع الأزهر الشريف ومسجد الحسين بن علي تجد العرائس ما تحتاج إليه من أدوات تجميل من بين البضائع والمنتجات القادمة من أحضان البيئة، حيث تعد هذه الأسواق مركزا «طبيعيا» للتزيين والعناية بجمال المرأة، وتنافس بمنتجاتها مستحضرات التجميل التي تعتمد على المواد الكيميائية وتستعملها أرقى مراكز التجميل الأخرى التي تنتشر في أحياء القاهرة. قوام التزيين في أسواق العطارة أساسه الأعشاب المجففة التي تدخل في تركيب الخلطات والوصفات التي تفيد البشرة أو الشعر أو الجلد أو تسهم في عملية التجميل، حيث تجد كل عروس أنواعا متعددة من الزيوت والدهانات إلى جانب كريمات الشعر المصنوعة من مواد طبيعية، إلى جانب الصابون الخالي من الكيماويات الذي يعمل على جمال البشرة وتغذية الجسم، والغليسرين الطبي المشهور بقدرته على حماية الجلد من الجراثيم.

أما «الحناء» فأنواعها متعددة، وهي أكثر ما تقبل عليه العروس المصرية للعناية بشعرها، سواء الحناء السودانية أو الهندية أو اليمنية، بأنواعها البلدي والسوداء والحمراء، وحسب رغبتها في كونها طبيعية خالصة أو مضافا إليها بعض الأعشاب.

محمد هارون، أحد الباعة بسوق العطور، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن أسواق العطارة تشهد زحاما في رمضان كل عام سواء في أوله حيث شراء التوابل من جانب ربات البيوت لاستعمالها في إعداد أشهى المأكولات الرمضانية لما تضفيه هذه التوابل من مذاق ورائحة جميلة على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان أو المشروبات الطبيعية مثل التمر الهندي والكركديه والعرقسوس والخروب والعناب، أو عندما ينتصف الشهر الكريم حيث تتغير نوعية الزبائن، فتكثر الفتيات اللاتي يستعددن للزفاف للبحث عن أعشاب تستخدم في عمل «ماسكات» الوجه أو كريمات الصنفرة للجسم والبشرة والشامبوهات، أو تلك التي تستخدم في عمليتي التخسيس أو زيادة الوزن، كما يبحث الكثيرات منهن عن «حمام العروسة» سواء المصري أو المغربي الذي يضم الطمي والليف والصابون، والذي يستخدم في تنظيف وتجميل البشرة، بالإضافة إلى الزيوت الطبيعية التي تؤدي إلى زيادة مناعة البشرة، ولها خصائص طبية وطبيعية مثل زيت حبة البركة الذي يعد من الزيوت الطيارة أو زيت اللوز الحلو المعروف بتنشيط الأعصاب وتجديد خلايا الجسم والتخلص من آثار الحروق.

على بعد خطوات من أسواق العطارة وفي منطقة الأزهر والموسكي والعتبة تنشط أسواق «الغورية» التي تضم كل ما تحتاجه العروس من أقمشة ومفروشات وبطاطين إلى جانب الملابس وعلى رأسها العباءات، بالإضافة إلى الإكسسوارات البسيطة مثل العقود والخواتم والخلاخيل. الزائر لهذه المنطقة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان يجد زحاما شديدا لشراء هذه المستلزمات من جانب الفتيات المقبلات على الزواج في عيد الفطر، وهو نفس الحال فيما يخص شراء الأدوات المنزلية وأدوات المطبخ، حيث تشهد أسواقها رواجا كبيرا، ومنها سوق الثلاثاء أو ما يعرف بـ«حمام التلات»، الذي تتعدد فيه المستلزمات والأدوات التي تخص العروس من حيث الأشكال والأنواع، والتي تؤكد صدق المقولة الشهيرة «لولا اختلاف الأذواق والأسعار لبارت السلع».

كذلك تنشط الحركة التجارية في الأسواق المتخصصة مثل «درب البرابرة» الذي يتخصص في بيع أنواع مختلفة من النجف وأدوات الإضاءة، و«شارع عبد العزيز» الذي يشتهر ببيع الأدوات الكهربائية، و«سوق الرويعي»، وغيرها.

هدى صبحي، عروس تستعد للزواج كانت بصحبة والدتها للتسوق في سوق الثلاثاء لشراء مستلزمات منزلها، تقول «البضائع في المحلات بوسط القاهرة تكون مرتفعة الثمن دائما عن مثيلاتها في سوق الثلاثاء أو درب البرابرة، وقد حضرت إلى هنا لاستكمال شراء بعض أدوات الطبخ، ولفت نظري انتشار السلع الصينية في السوق، كما أنوي الذهاب للتسوق في سوق الرويعي لشراء بعض أدوات الديكور البسيطة التي سوف أستخدمها في منزلي مثل الفازات والورود».

سوق آخر تشهد إقبالا كبيرا من العرائس، لكنها ليست محددة بمكان ما، وهي تتعلق بفساتين الزفاف، حيث تتخصص الكثير من المحلات في بيعها أو تأجيرها، وتقديم تاج العروس والطرحة اللذين يكملان أناقة الفستان، وما على العروس إلا أن تتفقد أكثر من محل لتأجير فساتين الزفاف لاختيار ما يروق لها من ناحية الشكل والتكلفة المادية.

أسواق الذهب تلقى رواجا هي الأخرى مع اقتراب عيد الفطر المبارك، حيث ارتفعت مبيعات المصوغات الذهبية تدريجيا في النصف الثاني من شهر رمضان هذا العام بنسبة 40 في المائة مقارنة بالشهور الماضية بحسب شعبة تجار المصوغات بغرفة القاهرة التجارية، والمعروف لدى تجار الذهب ازدياد نسبة مبيعات الذهب سنويا قبل عيد الفطر المبارك بنسبة كبيرة مقارنة بالأيام العادية لما يفضله المقبلون على الخطبة أو الزواج في عيد الفطر من شراء «الشبكة» قبل أيام من الزفاف.

حالة الإقبال على شراء الذهب في شهر رمضان يمكن مشاهدتها جليا في «سوق الصاغة» بحي الحسين، فهو الشارع الرئيسي الأقدم في تجارة الذهب في مصر، حيث تتراص المشغولات الذهبية الأنيقة التي برع الصانع المصري في تصميمها داخل الورش بأشكالها وموديلاتها التي تتلألأ بفاترينات العرض ويقف أمامها الكثير من بنات حواء لاختيار خاتم الزفاف الذي يناسب أذواقهن وحالتهن المادية.

انتعاش آخر تشهده أسواق الحلويات من جانب العرائس، سواء في المحلات المتخصصة في بيعها ذات الأسماء الشهيرة أو الأفران البسيطة، والسبب شراء ما يعرف بـ«كعك العروس»، بعد أن اتجهت الأسر المصرية خلال السنوات الماضية إلى شراء الكعك والبسكويت الخاص بالعروس جاهزا بدلا من إعداده في المنزل كما كان متبعا في الماضي.