أسبوع الموضة في نيويورك ينطلق متفائلا

ينتقل من «براينت بارك» إلى مركز لينكولن.. وتوقعات بخروجه من الأزمة

عارضة تقدم أزياء في مركز لينكولن خلال «أسبوع نيويورك للأزياء» الذي افتتح يوم الخميس الماضي ويستمر حتى 19 من الشهر الحالي («نيويورك تايمز»)
TT

بدأت رحى الموضة تدور مرة أخرى، منطلقة كعادتها من التفاحة الكبرى، نيويورك، لتنتقل بعدها إلى لندن ومنها إلى ميلانو ثم باريس. نيويورك، وعلى مدى ثمانية أيام بالتمام والكمال ستكون المحطة الأولى التي ستتوجه إليها أنظار وسائل الإعلام وخبراء الأزياء والمكياج ومحلات شوارع الموضة الشعبية وغيرهم من العاملين في صناعة الموضة. وفي كثير من الأحيان هي التي تعطي الإشارة إلى ما ستكون عليه باقي العواصم، أو بالأحرى مزاجها فيما يتعلق بما ستقترحه علينا من موضة في المواسم القادمة. وحسب ما تتداوله الأوساط فإن تأثيرات الأزمة السلبية التي شهدتها التفاحة الكبيرة في المواسم الثلاثة الأخيرة، وتجلت في أزياء رزينة وألوان داكنة، بدأت تنقشع مما يدعو إلى التفاؤل بأزياء أكثر فرحا ومرحا تعكس هذا الانقشاع لربيع وصيف 2011. يوم الخميس، بدأ الأسبوع مختلفا، على الأقل من حيث المكان، فقد انتقل إلى مركز لنكولن الضخم، عوض «براينت بارك» حيث كانت تنصب الخيام الضخمة لاحتضان عروض مئات من المصممين الذين توالوا عليها منذ عام 1993. ورغم أن العروض ستقام هنا أيضا في خيام جانبية، فإن الإحساس الذي يولده المكان المحيط بها هذه المرة هو إحساس بالاستمرارية والاستقرار، خصوصا أن المركز معروف باحتضانه عدة فعاليات فنية عالمية. أما التحاق الموضة بهذه الفنون، حسب ما قال عمدة المدينة مايكل بلومبورغ، في افتتاحيته للأسبوع، فهو خطوة طبيعية وتستحقها؛ كونها صناعة تحقق نحو 750 مليون دولار في السنة للمدينة، وتوظف نحو 175 ألف شخص.

كالعادة يبدأ الأسبوع بوتيرة هادئة يزيد إيقاعها بالتدريج، فقد افتتحه مصممون غير معروفين على المستوى العالمي بعد، مثل نيكولاس كاي وريتشارد تشاي. هذا الأخير قدم تشكيلة شابة مستوحاة من الملابس الداخلية، فيما قدم الأول فساتين من الجيرسيه بكتف واحدة وأحذية برقبة عالية أضفت عليها حيوية وعملية في الوقت ذاته. لكن اليوم الأول كان يوم المصمم كريستيان سيريانو الذي قدم تشكيلة درامية في خطوطها وألوانها، لكنها تراعي احتياجات زبوناته وترضيهن. فهو يعرف أن الوقت ليس وقت ابتكار مجنون، عدا أن مصممي نيويورك لم يكونوا يوما معروفين بجنوحهم للجنون أو الابتكارات الفنية، ويفضلون عليها جانب التسويق الواقعي. ومن هنا لفتت الجاكيتات المستوحاة من أسفار السفاري التي نسقها سيريانو مع بنطلونات ضيقة باللون الأبيض الأنظار، وشرحت أجمل شرح معنى الترف العملي الذي يخاطب المرأة بغض النظر عن عمرها والوجهة التي ستقضي فيها وقتها. الشق الثاني من عرضه الذي يخص فساتين السهرة، كان أكثر إبهارا مثل فستان باللون الأحمر بكتف واحدة بدا كما لو أنه حديقة مزروعة بالورود. بالنسبة للشابات، فاقترح إطلالات أكثر حيوية وعصرية، مثل فستان طويل من الأورغنزا من دون أكمام نسقه مع جاكيت بأكمام على شكل أجنحة وحزام عريض، فيما جاء فستان كوكتيل باللون الأحمر بأكمام تتميز بطيات منسدلة بديلا أنيقا للفستان الأسود الناعم. الإكسسوارات أيضا كانت لافتة في عرضه، إذ نسق كل إطلالة بحذاء «بلاتفورم» وكعوب مبتكرة.

لكن بقدر ما يثيره أسبوع نيويورك من اهتمام بما يطرحه من أزياء واتجاهات، بقدر ما يثيره من جلبة واهتمام بضيوفه من النجوم والمشاهير الذين يحتلون الصفوف الأمامية، وفي كثير من الأحيان يسرقون الأضواء من المصممين. وهذا ما دفع المصمم مارك جايكوبس أن لا يستضيف أيا منهم في عرضه السابق، على أساس أن العرض يكون للأزياء ومصوري الموضة وليس للنجوم والباباراتزي، ومع ذلك فإن باقي العروض لن تخلو منهم، لأن الأسبوع من دونهم سيفقد عنصرا مهما ارتبط به منذ بدايته ويضفي عليه كثيرا من البريق. وبطبيعة الحال، تتزايد أيضا التكهنات حول الأحداث التي سيشهدها طوال الأسبوع لتطعيمه بالتشويق والتنوع من جهة ولكسر روتينه من جهة ثانية، لا سيما أن ثمانية أيام من العروض المتتالية يمكن أن تصيب المتابعين بعمى الألوان والتصميمات أيضا. فما الذي يتحدث عنه الجميع؟

أهم خبر هو أن توم فورد سيعرض أخيرا تشكيلته النسائية بعد انتظار طويل، إذا إنه بعد تركه دار «غوتشي» أطلق خطا رجاليا. وسينظم فورد ليلة الأحد حفل كوكتيل، فيما أكدت العارضة لو ديلون أنها ستشارك بعرض بعض من قطع فورد التي طال انتظارها.

وبالعودة إلى الجدول الزمني للعروض، نجد مصمم الأزياء أوليفييه ثيسكينز، المصمم السابق لداري «روشا» ثم «نينا ريتشي»، يعود للواجهة بتشكيلة صممها لمتاجر «ثيوري» وستطرح للبيع في الأسبوع المقبل. أما النجمة جيسيكا سيمبسون، التي أصبحت وجها مألوفا في عروض «نيويورك» من خلال خطها «لامب» الذي يعرف نجاحا معقولا، فأعلنت أن عرضها القادم سيكون محكها، لأنها ستستعين فيه بصديقات ونساء عاديات، أي لا يتمتعن بمقاييس أو مقاسات عارضات الأزياء، في محاولة منها لتشجيع المرأة على معانقة مقاييسها، عوض تلك التي تفرضها عليها الموضة. جيسيكا التي عانت كثيرا من تأرجح وزنها بين السمنة والنحافة، تعرضت لكثير من الانتقادات الجارحة نتيجة ذلك، الأمر الذي يدفعها الآن إلى الرد على منتقديها بالقول إن مقاسات صفر ليست عادية ولا يجب أن تكون هي المقياس الذي يجب الاحتذاء به.

من جهتهما، تحاول المصممتان أليس وأوليفيا إثارة الانتباه والحصول على مساحات مهمة في الصحف والمجلات من خال استعانتهما بالمدونة الطفلة تافي، التي لا يتعدى عمرها الـ14 عاما، لكنها أصبحت تحتل المقاعد الأمامية إلى جانب محررات موضة متمرسات، لتنسيق ملابس المغنية أماندا بلانك والثنائي الموسيقي المحب للأزياء بفرقة «ذا بيرسيز».

هذا وتتطاير الشائعات عن أن بريتني سبيرز ستقوم بأداء عرض في الحفلة التي ستنظمها مجلة «بي أو بي». أما العرض الذي تترقبه النجمات ومحررات الموضة، فهو بلا شك عرض فيكتوريا بيكام التي حققت تشكيلتها الأخيرة كثيرا من النجاح ورسخت أقدامها كمصممة أزياء. وربما هذا ما دفعها إلى أن تحضر عرضها في مكان مميز بمساعدة مصممة الديكور البريطانية كيلي هوبين.

ووفقا للتقارير، فقد كشفت المصممة الداخلية عن ذلك قائلة: «سأقوم بتصميم ستارة المسرح الخلفية لعرضها وستكون مميزة. أحب تصميمات فيكتوريا. إنها ممتعة للغاية». تجدر الإشارة إلى أن فيكتوريا حتى الآن كانت تعرض في أماكن صغيرة وأمام جمهور معدود لتقليص المصاريف.

مع تطور العلامات التجارية في قطاع الموضة وبحثها عن مسارات جديدة وعملاء جدد أيضا، أصبح الوجود على الإنترنت عنصرا أساسيا بالنسبة لها، تماما مثل الحصول على مقاعد في الصف الأول لكبار رؤساء التحرير والأسماء ذات النفوذ. ومن البث المباشر لعروض الأزياء إلى العروض الخاصة لوسائل الإعلام الاجتماعية، تستمر صناعة الأزياء في التطور، مع قيام بعض العلامات التجارية بدفع نفسها للأمام بحماس أكثر من غيرها. لهذا سيبذل المصممون خلال الأسبوع قصارى جهدهم لجذب الزبائن بإقامة عروضهم بشكل يمكن من متابعتها، بالنسبة للذين لم يسعفهم الحظ في الحصول على بطاقات دعوة، على شاشات أجهزة الكومبيوتر وفي الوقت نفسه. من هؤلاء، نذكر الدار الفرنسية «لاكوست» التي ستعرض تشكيلتها للربيع والصيف المقبلين مباشرة على موقع «فيس بوك».