محاولات لإعادة الحياة إلى فن الباليه في سورية

بدأ قبل 20 عاما.. لكنه تعرض لتراجع في السنوات الأخيرة

TT

على الرغم من دخول فن الباليه إلى سورية بشكله الفني والعلمي قبل نحو عشرين عاما من خلال تأسيس مدرسة له في دمشق وإدارتها من قبل خبيرة فن الباليه السورية هبة بيروتي، ووجود خبراء في هذا الفن من روسيا ساهموا في تدريب طلبة المدرسة الذين قدموا في ما بعد عددا من حفلات الباليه على مسارح العاصمة السورية، فإن بريق المدرسة خفت في السنوات الـ8 الأخيرة وانخفض معه الاهتمام بهذا الفن وتعلمه.

وأخيرا برزت فرق فنية سورية معروفة استخدمت الباليه مع الرقص التعبيري والتراثي فاستقطبت عشاق الباليه ومنها فرقة انانا ونينار وأرونينا وغيرها. وفي الشهرين الأخيرين عاد الاهتمام لتفعيل مدرسة الباليه السورية واستقبال الطلبة الراغبين في تعلمه وإعادة إحيائه من جديد من خلال الخبيرة بيروتي التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن المحاولات الجديدة لإحياء تعلم فن الباليه.

تقول بيروتي إن فن الباليه في سورية يعتبر فنا فتيا وكانت أولى تجارب خوض هذا الفن في عام 1988 من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، حيث أحدثت إدارته دورات لتعليم فن الباليه، وقد حققت هذه الدورات إقبالا كبيرا، مما حدا بالقائمين على هذه الدورات إلى إقرار إحداث مدرسة الباليه في دمشق في سنة 1992، وألحقت المدرسة في البداية بالمعهد العربي للموسيقى، ووضع نظام القبول فيها للتلاميذ من سن 7 سنوات وحتى عشر سنوات وتم استقدام خبراء في هذا الفن من روسيا، ولاقت المدرسة اهتمام الأهالي الذين بدأ كثير منهم بتسجيل أطفالهم في المدرسة.

وتشير بيروتي إلى أن المدرسة ضمت عددا كبيرا من الطلبة الذين قاموا بتعلم الباليه في المدرسة خارج أوقات دراستهم في المدارس التربوية. وتم فصل المدرسة عن المعهد العربي للموسيقى وألحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 2000.

بيروتي التي تركت إدارة المدرسة عام 2002 وعادت إليها العام الحالي 2010 تقول: «وضعنا خطة لتفعيل مدرسة الباليه وتعلم الفن بشكله العلمي والأكاديمي من خلال عدة خطوات منها: توسيع قاعدة القبول في المدرسة لأنه ما دمنا نعمل على التأسيس فبعد سنوات سيكون المسرح الراقص في سورية بخير، ففي السابق كان يتقدم عدد من الطلاب لتعلم هذا الفن فيقبل ربع المقبولين فقط، بينما حاليا سنعمل على زيادة عدد المقبولين حتى نخرج أكبر عدد ممكن من المهيئين لدراسة فن الرقص في المعهد بشكل أكاديمي». وتشير بيروتي إلى أن فترة الدراسة في المعهد، وهي أربع سنوات، ليست كافية: «في رأيي أنه لا يكفي مدة أربع سنوات دراسة في المعهد لطالب لم يدرس فن الباليه قبل انتسابه لقسم الرقص في المعهد حتى يصبح راقصا محترفا، حيث يمكن لهذا أن يتخرج من المعهد ويزاول الرقص الحديث المعاصر، أما كراقص باليه فلا يكفيه دراسة أربع سنوات».

وتمضي بيروتي: «سنعود لاستقبال الطلبة الجدد مع بداية العام الدراسي منتصف شهر سبتمبر (أيلول) المقبل ونعمل حاليا على استقبال طلبات الراغبين في الانتساب لمدرسة الباليه وبأعمار من 7 وحتى 10 سنوات ومن الجنسين وخضوع المتقدمين لفحص قبول واختبارات حتى يتاح لنا اختيار الأفضل والأنسب من المتقدمين». وتشير إلى أن الإقبال حتى الآن كبير وهناك تحمس من الأهالي لوضع أبنائهم في المدرسة حتى إن معظم المتقدمين هم من التلاميذ المتفوقين في مدارسهم العادية.. «نحن في العادة نقول للمنتسبين لدينا إن عليهم الالتزام بمدارسهم كما يلتزمون بمدرستنا، التي يتعلمون فيها، إضافة للباليه، الصبر والجدية والحياة الجماعية».

وحول الشروط المطلوبة لقبول الراغبين من الأطفال في مدرسة الباليه أوضحت بيروتي: «الأهم هنا الجسم المتناسق ومرونة المفاصل وليونة العضلات والتوافق الذهني العضلي وقبل كل شيء الموهبة والأذن الموسيقية، وعادة يبقى التلاميذ يتدربون لدينا نحو 9 سنوات حتى يحصلواعلى الشهادة الثانوية في مدارسهم العادية فيتخرج من عندنا مع تخرجه المدرسي وحصوله على البكالوريا. وعادة البعض منهم وفي مراحل دراستهم لدينا ومع نمو أجسامهم يتعرضون للسمنة فيتوقف عن التدريب ويترك المدرسة، وهناك من تكون قدراته محدودة ولا تظهر إلا بعد 4 سنوات من التدريب لدينا فيتوقف عن التدريب، ولذلك مع مرور السنين ينخفض العدد في السنوات الأخيرة من المدرسة، ولن يستمر إلا الموهوب فعلا، والمحافظون على رشاقة أجسامهم».

وتأمل بيروتي في أن تتحول مدرستها في السنوات القريبة المقبلة إلى معهد عال لفن الباليه كما هي الحال في مصر. وحول التدريب في المدرسة ومراحله، قالت بيروتي: «يقسم المنتسبون إلى مجموعات تبدأ من التحضيرية وحتى النهائية. وحاليا لدينا خبراء محليون وهم من خريجي المدرسة وقسم الرقص في المعهد، ونعتمد الأسلوب الروسي في تدريب الطلبة». وتعتز بيروتي بخريجي مدرستها السابقين حيث صاروا راقصين محترفين استطاعوا إثبات وجودهم والاستفادة من خبراتهم من قبل فرق الرقص المعاصر والتعبيري الموجودة في سورية حاليا، التي طلبت هؤلاء لضمهم لصفوفها خاصة أن القائمين على هذه الفرق شعروا أنه لا تنجح فرقهم إذا لم يكن لديهم أساس رقص كلاسيكي، وهذا يؤكد - تقول بيروتي - التأثير الإيجابي للمدرسة على فن الرقص التعبيري في سورية على الرغم من عمر المدرسة القصير نسبيا ومرورها بمراحل تراجع وتقدم في السنوات الماضية.