في جنوب العراق الفقراء يجددون لعبا قديمة لتسلية أبنائهم خلال العيد

ارتفاع أجور النقل وقلة الأماكن الترفيهية وراء عودة العربات ومراجيح اليد

تحولت البساتين والمناطق العامة إلى مدن ألعاب مصغرة يرتادها الفقراء من أبناء المدينة («الشرق الأوسط»)
TT

اتجه العدد الأكبر من العائلات العراقية إلى خلال العيد إلى مدينة ألعاب أقيمت أسفل الجسور الواقعة في الجزء الشرقي من مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (375 كلم جنوب بغداد)، قامت بإعادة الحياة إلى ألعاب قديمة انتشرت في تسعينات القرن الماضي. المدينة الجديدة جذبت المحتفلين بانخفاض أسعارها مقارنة بغيرها من المدن الترفيهية.

الألعاب التي قدمتها المدينة هي قديمة كانت تستخدم إبان حقبة الحصار الاقتصادي على العراق في تسعينات القرن الماضي، وهي عبارة عن عربات تجرها الحيوانات ومراجيح مصنوعة من الحديد أو من الحبال تربط على جذوع النخيل.

يقول أبو محمد، أب لثلاثة أطفال من مدينة الناصرية، إن وجود مثل هذه الأماكن في المدينة «يساعدنا على تخطي أزمة العيد التي نخاف من تأثيراتها السلبية على المستوى الاقتصادي لنا نحن العائلات الفقيرة»، ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع أسعار الملابس والأكل ثم أجور الأماكن الترفيهية كمدن الألعاب الخاضعة لمبدأ الاستثمار جعلنا نستعين بتلك الألعاب، ونجد فرحة ولو بسيطة ترسم على شفاه أبنائنا».

وفي البصرة أكبر مدن جنوب العراق وصاحبة الرصيد الأعلى في استخراج وتصدير النفط العراقي كانت الحال مشابهة لما هو موجود في الناصرية، فقد تحولت البساتين والمناطق العامة إلى مدن ألعاب مصغرة يرتادها الفقراء من أبناء المدينة. وتبين أم قاسم ، أم لخمسة أطفال، أن الوضع الأمني وارتفاع أجور الدخول وتذاكر الألعاب في مدينة البصرة الترفيهية (بصرة لاند) «كانت وراء لجوئنا إلى تلك الألعاب البسيطة في المناطق أو حتى في المنازل»، وتشير إلى أن «تذاكر الألعاب في (بصرة لاند) مرتفعة، حتى إن العائلة تصرف ما يقدر بـ80 دولارا أميركيا أو أكثر في حال ذهاب أطفالهم معهم وإصرارهم على دخول جميع الألعاب، وهذا الأمر لا يتناسب مع دخلنا نحن العائلات الفقيرة». وزادت: «ألعاب المناطق لا يتجاوز سعر التذكرة فيها 500 سنت أميركي، هذا إذا لم تكن بالمجان، وهذا مناسب لنا».

أما مدينة العمارة مركز محافظة ميسان (380 كلم جنوب شرقي بغداد) فالأمر يختلف نوعا ما بسبب عدم وجود مدينة ألعاب فيها، فاعتمد الأهالي على المتنزهات العامة والأماكن الترفيهية على ضفاف نهر دجلة. ويقول حيدر الساعدي، صاحب مدينة ألعاب مصغرة في المدينة: «لجأنا إلى تلك الألعاب لرخص ثمنها على المستهلك وهو المواطن البسيط»، ويضيف أن «الإقبال على تلك الأماكن بدا كبيرا، وذلك لغياب مدينة ألعاب تخصصية في المدينة، والتي أعتقد أنها مطلب مهم لأغلب أبناء المحافظة». وتابع: «المهم في الأمر هو الفرحة لدى الأطفال، وأعتقد أننا وجدناها على وجوههم هذا العيد رغم قلة الإمكانيات في مدننا الترفيهية الصغيرة».

وترى أستاذة علم الاقتصاد ليلى محمد أن ظهور تلك الأماكن والألعاب التي كانت موجودة سابقا في تسعينات القرن الماضي، بسبب الوضع الأمني السيئ نوعا ما بسبب ما حدث في البصرة من تفجيرات خلال شهر رمضان، وارتفاع أجور النقل بين المناطق لاستغلال سائقي سيارات الأجرة بمناسبة العيد. وتشير في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العائلات في الجنوب تعد فقيرة من ناحية الموارد المالية، لذا ظهرت العربات والمراجيح في ساحات المدن لرخص ثمنها». وتابعت أن مدن الألعاب ازداد عدد روادها خلال العيد بشكل كبير، وتقدر أنه تجاوز 70 مليون عراقي في اليوم الواحد، وهذا يعود إلى قلة الأماكن الترفيهية وغياب الرقابة من قبل السلطات المحلية على عمل تلك المدن، مما أضر بدخل العائلات الفقيرة.