كتابان عن كارلا بروني يصدران في باريس.. ويتنافسان على كشف ما لم يكشف بعد

جمالها من صنع جراح التجميل ورشيدة داتي تآمرت عليها مع سلفتها

كارلا بروني ظلت محط اهتمام الصحافة منذ أن اقترنت بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي (إ.ب.أ)
TT

هناك كتب تصب المال في جيوب أصحابها حتى من قبل أن تصدر. إذ يكفي مثلا، أن تعلن دار نشر ما عن قرب صدور «السيرة غير المرخص بها» لفلان أو علان من المشاهير، حتى تضمن أن يتصدر الكتاب قوائم المبيعات. فكيف إذا كان موضوع الكتاب شخصية فاتحة لشهية النميمة والشائعات والأخبار المثيرة مثل كارلا بروني ساركوزي؟

هذا الأُسبوع، تشرفت قرينة الرئيس الفرنسي بصدور كتابين، مرة واحدة، عن حياتها الحافلة بالأحداث واللقاءات، رغم أنها لا تعرف أيا من المؤلفين الذين خاضوا في سيرتها. الأول عن دار «فلاماريون» في باريس، وعنوانه «كارلا.. حياة سرية» للمؤلفة بسمة لاهوري، والثاني عن منشورات «مومون» وعنوانه «كارلا وأصحاب الطموح» للصحافيين ميكائيل دارمون، وإيف دوراي. لكن ما تسرب من فصول من الكتابين ينبئ بأن سيدة فرنسا الأُولى لن تكون مسرورة لما جاء فيهما.

هل بقيت أسرار جديدة لم يرفع عنها الستار في حياة عارضة الأزياء الإيطالية الحسناء التي خطفت، بين ليلة وضحاها، قلب نيكولا ساركوزي، الرئيس الشاب المطلق مرتين والباحث عن زوجة جديرة بأن تكون ربة قصر «الإليزيه» وثمرة من ثمار الأناقة الفرنسية الشهيرة في العالم؟ من المعلومات الواردة في الكتابين نفهم، باختصار، أن كارلا لا تحب القصر الرئاسي، ولا المحللين النفسانيين، كما أنها لا تميل إلى عدد من المساعدين المقربين من زوجها، أمثال جان ديفيد لافيت المسؤول عن الشؤون الدبلوماسية في «الإليزيه». ما الذي تحبه المدام؟ إنها تعشق العشاءات التي تجمع أفراد عائلتها وعائلة زوجها ويدعى إليها بعض الأصدقاء، كما تحب الفنانين والمصممين وتسعى لأن تكون حاضرة في ميادين العمل الإنساني.

يتوقف الكتاب الثاني عند فصل لا تحب كارلا أن تتذكره، وهو تلك المرحلة التي انطلقت فيها إشاعة تتكهن بقرب انفصالها عن ساركوزي بعد تورطها في قصة حب مع المغني الشاب بنجامين بيولي. إنها واحدة من المواقف العصيبة في حياة الزوجين، الأمر الذي خرج بالإشاعة من إطارها الشخصي وكاد يحيلها إلى قضية من قضايا أمن الدولة. فقد استنفرت الرئاسة كل وسائلها لتكذيب ما كان ينشر في الصحف، من جهة، وللتحقيق حول مصدر انطلاق التقولات، من جهة أُخرى. والأمر نفسه فعله بيولي «العشيق المتهم زورا بحب كارلا» الذي سارع إلى تكذيب التقولات وهدد بمقاضاة كل من يروج لها. وبلغت القضية حد ملاحقة كل من تسول له نفسه ترديد الإشاعة، ولو بينه وبين نفسه في الحمام.

وحسب ما جاء في أحد الكتابين، فإن كارلا كانت ضحية مؤامرة تشاركت فيها كل من وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي وصوفي دزوال، طليقة فرانسوا ساركوزي، شقيق الرئيس الفرنسي. فقد اتفقت الشريكتان على أن كارلا هي الحلقة الأضعف في النسيج الرئاسي، وبالتالي فإن التأثير على ساركوزي لن يكون إلا من خلال تخريب العلاقة بينه وبين زوجته الجديدة التي احتلت كل الأمكنة وسحبت البساط من تحت أقدام غيرها من الوزيرات والقريبات والصديقات. ما الهدف من المؤامرة؟ إنه إعادة الزوجة الثانية سيسيليا من منفاها النيويوركي وترميم العلاقة بينها وبين الرئيس الذي لم يحب امرأة كما أحبها. ويؤكد مؤلفا الكتاب الثاني أن جهات متنفذة مارست التنصت الهاتفي على كارلا، وكان من بين ما تم تسجيله مكالمة اضطرت كارلا لإجرائها مع سيسيليا في نيويورك لتحذيرها من المؤامرة التي تحاك في ليلة سوداء. وتتشعب التفاصيل بشكل ينقل القارئ إلى أجواء مكائد القصور في العصور الوسطى، وكأن كارلا ليست أكثر من محظية من محظيات الملك لويس السادس عشر أو الإمبراطور نابليون.

ماذا عن كتاب الصحافية العربية الأصل بسمة لاهوري، المحررة في مجلة «لكسبريس»؟ لقد قامت بتحقيقات استغرقت أشهرا وتركزت حول «الحيوات المتعددة» لمدام ساركوزي. وتكشف المؤلفة أن كارلا كانت في الخامسة عشرة من العمر عندما أرادت أن تصاحب الموسيقي مايك جاغر، مغني فريق «الرولينغ ستونز». لكن رغبتها لم تتحقق إلا بعد عدة سنوات. فقد جاءت إلى فرنسا وهي في السابعة من العمر، طفلة مشاغبة وثائرة لكنها نجحت في تحسين طباعها بالتدريج. ورغم ذلك، ظلت في حاجة دائمة إلى أن تكون محاطة بالحماية وبكثير من الحب والصداقات، وهو أمر ما زال على زوجها الرئيس أن يتعايش معه حتى الآن وأن يشعرها بأنها تحت جناح رجل يعتني بها. إنها لا تحب الوحدة ولا بد أن يكون ابنها معها، وأحيانا والد ابنها وشريك حياتها السابق. كما أنها تشعر بالأمان حين تكون في معية محامين وموسيقيين وأصحاب نفوذ وثروات. ففي نهاية المطاف، ليست كارلا سوى امرأة رومانسية وشخصية تشبه بطلات الروايات. وكل مشهد من مشاهد حياتها لا بد أن يحظى بالإخراج اللازم والمتقن. وهي أسيرة هذه الصورة.

هل تأتي بسمة لاهوري بجديد عندما تخبرنا أن كارلا، عندما كانت مراهقة، لم تكن راضية عن ملامح وجهها، ولهذا لجأت إلى عمليات التجميل؟ الجديد هو أنها تعلقت بتلك العمليات وباتت مغرمة بطبيب التجميل الذي تعاملت معه، ولكن أيهم؟ إنهم كثر. وهل واصلت غرامها بعد زواجها من ساركوزي؟ بل هل ما زالت تخضع لعمليات من هذا النوع بعد زواجها وتسلط الأضواء الكاشفة عليها؟ مهما يكن من أمر، ما زال مجرد التلفظ باسم كارلا كافيا لجذب الاهتمام وحث الناس على ملاحقة أخبارها واقتناء كل وريقة تنبش في ماضيها. إنه قدر النساء اللواتي يجمعن المجد من أطرافه: الثروة والشهرة والنفوذ والشباب والوجه الحسن.