«مدينة وسهريات».. تظاهرة ثقافية في تونس العتيقة

مع فقرات من التخت العربي وموسيقى الجاز

دعوة للاطلاع على أسرار المدينة القديمة («الشرق الأوسط»)
TT

تحتفظ المدينة العتيقة بتونس العاصمة بمجموعة كبيرة ومتنوعة من الكنوز الثقافية والأثرية التي تجلب أنظار الزائرين، إلا أنها بقيت لفترة كبيرة في نزاع متواصل مع المدينة العصرية وجاذبية إقبال أكثر التونسيين عليها، ولم تحظ تبعا لذلك بالتثمين الكامل لمختلف مكوناتها التي تصدح كل واحدة منها بجزء كبير من الإرث التاريخي المميز لمدينة عتيقة، عمر بعض مبانيها يعود إلى السنوات الأولى من الفتح الإسلامي.

نظمت بلدية تونس العاصمة بالتعاون مع وزارتي السياحة والثقافة والمحافظة على التراث، خلال الشهر الحالي سبتمبر (أيلول) الدورة الأولى لتظاهرة «مدينة وسهريات» وذلك بالمسلك الحضري والسياحي بالمدينة العتيقة الذي يمتد من جامع الزيتونة المعمور إلى نهج سيدي إبراهيم الرياحي الذي كان إماما لجامع الزيتونة خلال نهاية القرن التاسع عشر للميلاد.

وتضمن برنامج التنشيط بالمسلك الثقافي والسياحي بالمدينة العتيقة فقرات متنوعة من الموسيقى والتنشيط على غرار خرجة صوفية، إلى معزوفات من صنف الجاز، ومن صنف التخت العربي بالإضافة إلى العزف الفردي، والمالوف، والسينما والمعارض التشكيلية، وإلى جانب تنظيم زيارات لمجموعة من المعالم الأثرية من قصور ودور قديمة.

تظاهرات هذه الدورة الأولى التي أقيمت بكل من البركة (سوق المصوغ بالمدينة العتيقة) ونهج سيدي ابن عروس وساحات رمضان باي وبئر الأحجار ونهج التريبونال (كان يضم مقر المحكمة الاستعمارية) وهي فضاءات تمتد من جامع الزيتونة إلى نهج سيدي إبراهيم الرياحي.

وإذا كان جامع الزيتونة المعمور الذي يعود تاريخ بنائه إلى أكثر من ثمانية قرون وهو يمثل عصب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية على مرور العصور، فإن نهج سيدي إبراهيم الرياحي يكاد الكثير من التونسيين لا يذكرون عنه الشيء الكثير على الرغم من كونه الأكثر إشعاعا في المدينة العتيقة، وهو يوجد بين نهج عاشور ونهج الباشا. ويبدأ النهج بواحدة من أفخم الدور في المدينة العتيقة وهي دار عائلة بوثور وبالدار مستودع ومخزن على عادة الدور القديمة المملوكة لأعيان المدينة. ويضم نهج سيدي إبراهيم الرياحي مجموعة من الدور الفخمة منها دار عائلة مصطفى بن زكور، ودار عائلة توفيق كريستو، ودار فخمة أخرى كانت في السابق مركزا لجمعيات التمثيل المسرحي. وتوجد بالنهج نفسه زاوية الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي وهي تحتضن إلى حد الآن جلسات مريدي الطريقة التيجانية بعد صلاة العصر من كل يوم جمعة. وسيدي إبراهيم الرياحي من مواليد مدينة تستور الأندلسية الواقعة في الشمال التونســـي. انتسب في البداية إلى الطريقة الشاذلية، ثم انسلخ عنها واتبع الطريقة التيجانية، وقد عينه المشير أحمد باشا باي إماما خطيبا بجامع الزيتونة المعمور أواخر القرن التاسع عشر للميلاد إلى جانب توليه مجموعة أخرى من المناصب.

وتوجد بالنهج نفسه دار عائلة التواتي ودار عائلة الشعينبي ودار الأغة ودار عائلة البليش ودار عائلة عبد الحميد الحشايشي ودار إيطالية الشكل من سكانها الرسام التونسي علي بن سالم، إلى جانب عدد كبير من الدور الفخمة الأخرى التي تحتفظ كل دار منها بقسط هام من تاريخ مدينة تونس.

المسلك السياحي بالمدينة العتيقة دعوة مفتوحة طوال السنة للتعرف على المعالم الأثرية الأصيلة للعاصمة التونسية ومناسبة هامة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح، بالإضافة لتعويد التونسيين على الانتباه لما تزخر به المدينة من كنوز قد نمر حذوها ولا ننتبه البتة لما تمثله، كما أنها دعوة لزيارة المدينة العتيقة والاستمتاع بمختلف قصورها والاطلاع على دورها القديمة والهندسة المعمارية المميزة لها.