«عايدة» تعود إلى سفح الأهرام بعد غياب 8 سنوات

من أكثر العروض تقديما في تاريخ فن الأوبرا

«أوبرا عايدة» تحت سفح الأهرام في عام 2002 (أ.ب)
TT

يعود العرض الأوبرالي التاريخي «أوبرا عايدة» للموسيقار العالمي فيردي، للعرض في الهواء الطلق بين أحضان الأهرام في جو محمل بعبق التاريخ المصري الفرعوني، وذلك بعد غياب دام ثماني سنوات، منذ آخر عرض شهدته مصر عام 2002.

وقال مخرج العرض، الدكتور عبد المنعم كامل، رئيس دار الأوبرا المصرية، في بيان صحافي: إن الأوبرا تُقدم لمدة أربعة أيام مساء الخامس والسادس والسابع والعاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بالتزامن مع احتفالات مصر بذكرى النصر (على إسرائيل عام 1973). وتقام العروض على مسرح قامت الأوبرا ببنائه خصيصا على مساحة 1600 متر مربع في ساحة الأهرام بجوار مسرح الصوت والضوء، بمدرجات منصة مشاهدين، تتسع لأربعة آلاف مشاهد.

وقال كامل إن العرض يشارك فيه أكثر من ثلاثة آلاف فرد من الفنانين والعازفين والمجاميع، يتبعون فرق كورال وباليه وأوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو الإيطالي مارشيللو موتاديللي، وكورال «أكابيلا»، بقيادة ألدو مانياتو ومايا جفينيريا، وقامت بتصميم الرقصات أرمنيا كامل، وديكور محمود حجاج، وتصميم الإضاءة ياسر شعلان.

ويقوم بأداء الأدوار الرئيسية نخبة من نجوم فرقة أوبرا القاهرة، إضافة إلى ثلاثة من أشهر نجوم الغناء الأوبرالي في العالم.

واعتبر كامل أن «أوبرا عايدة» التي تدور أحداثها في العصور الفرعونية القديمة، تعد إحدى أهم العلامات الفنية المصرية أمام العالم. مشيرا إلى مدى توظيف الإمكانيات التكنولوجية والمؤثرات الضوئية والصوتية، مع استغلال طبيعة المكان الساحرة والخلفية التي تتميز بالعمق التاريخي، مما يخدم العرض بشكل مباشر ومؤثر، ودمج ذلك في إطار رؤية فنية وفكرية تعبر عن مضمون العمل وأهدافه.

وتعد «أوبرا عايدة» من أشهر وأقرب الأوبرات الإيطالية للجمهور المصري والعربي، نظرا لأن أحداث قصتها تدور في ساحات مصر الفرعونية، كما أنها كتبت خصيصا للاحتفال بافتتاح قناة السويس عام 1868، ولكن عدم استكمال ديكوراتها حال دون ذلك. ثم أدت الحرب الفرنسية الفارسية بين عامي 1870 و1871، إلى تأجيل عرضها الذي كان مقررا في يناير (كانون الثاني) 1871، ليتم عرضها للمرة الأولى في دار الأوبرا الخديوية بالقاهرة (الأوبرا القديمة) مساء 24 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1871، وقاد الأوركسترا، حينذاك، الإيطالي جيوفاني بوتيسني.

وكان الخديوي إسماعيل قد كلف الإيطالي جيوسيبي فيردي بالتأليف الموسيقي لقاء 150 ألف فرنك فرنسي، وتدور الأحداث التي كتبها عالم المصريات الفرنسي أجستو مارييت باشا، وصاغها شعرا الإيطالي أنطونيو جيالانزوي في أربعة فصول، استندت إلى وقائع تاريخية كشفت عنها الحفريات في منطقة «منف» في مصر، حول انتصار المصريين على الأحباش، ووقوع قائد الجيش المصري «راداميس» في هوى أسيرته الحبشية «عايدة»، ومحاولتهما الهرب إلى بلدها، لكن فرعون مصر اكتشف خطتهما وحكم على راداميس بالإعدام.

الطريف أن فيردي لم يقم بكتابة مقدمة موسيقية افتتاحية للأوبرا في بادئ الأمر، مستعيضا عن ذلك باستهلال موسيقي بسيط، ثم ما لبث أن وضع افتتاحية طويلة، لكنه فضل بعد ذلك عدم تقديمها لأنه شعر بأنها «تافهة للغاية ومدعية أكثر مما يجب»، بحسب تعليقه شخصيا على ذلك.

وعلى الرغم من أن فيردي لم يحضر عرض القاهرة الأول، فإنه شعر بإحباط شديد، لأن المدعوين إلى العرض كانوا جميعا من أصحاب المقام الرفيع والسياسيين، ولم يسمح للعامة بالحضور، مما دعا فيردي لأن يعتبر العرض اللاحق في 8 فبراير (شباط) 1872 على مسرح «لاسكالا» بميلانو الإيطالية العرض الافتتاحي الأول بحق. ولاقت «أوبرا عايدة» نجاحا عظيما عند عرضها، لتتسابق دور الأوبرا العالمية في عرضها بعد ذلك، ولتصبح واحدة من أكثر الأوبرات عرضا في شتى أرجاء العالم، على مر التاريخ، وعلامة فارقة في تاريخ ذلك الفن على مر الأيام.