الفنانان السوريان قاشا وآدم يجمعان في بيروت «قسوة الحجر الجميلة» و«أسى الوجوه القاسية»

اجتمعا لعرض أعمالهما في النحت والرسم

منحوتات آدم بأشكالها المتنوعة التي تجمع بين الحشرات والحيوانات والوجوه الإنسانية («الشرق الأوسط»)
TT

في قاعة غاليري «بيس أونيك» (Piece Unique)، في وسط العاصمة اللبنانية بيروت، اجتمع الفنانان السوريان، جميل قاشا، وصبحان آدم، ليتنافسا على تقديم ما أنتجته مخيلتيهما، ونفذته أناملهما من فنون مميزة، انفرد كل منهما بنوع منها. قاشا، صياد الحجر وتلميذ الطبيعة، يلتقط الأحجار على اختلاف أنواعها ليمنحها لمسة جمالية، محولا إياها إلى تحفة فنية، أما آدم فلأنامله وقع مختلف في «تصوير» الواقع بشكل عام، وملامح الإنسان وتفاعلاته بشكل خاص، من خلال رسومه.

هي لوحات تعكس تعابير وجوه في أوضاع مختلفة، وإن مالت نحو السوداوية أو ذاك «التناقض السلبي»، الذي يجتمع في شخصية واحدة تحترف لعب كل الأدوار و«تمثيلها»، أكثر من أي انفعالات أخرى.

الجمع بين أعمال هذين الفنانين اللذين ترك كل منهما بصمته الخاصة في فنه، في مكان واحد، وتحديدا في بيروت، كان كفيلا بإعطاء قيمة مضافة لهذا المعرض الذي جمع «قسوة الحجر الجميلة» بـ«أسى ملامح الوجوه القاسية والمتقلبة».

الأولى هي منحوتات قاشا الحجرية المنتقاة من منطقة جسر الشغور، حيث فتح عينيه على هذه الدنيا، وعلى الموهبة التي امتلكته على الرغم من دراسته فن التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1983، لتتحول فيما بعد إلى سيرة فنية ذاتية. ويمكن وصفها بأنها منحوتات تلمع بالرخام الملون، وتصقل بمواد متنوعة من النحاس والخرز والزجاج اللامع ومعادن مختلفة، اجتمعت معا لتشكل تحفا فنية، تعكس حرفية صانعها وشغفه بهذا الفن، الذي نجح قاشا في تجسيده بأشكال وأنواع مختلفة من الحشرات والحيوانات والأسماك، من دون أن يغفل الوجوه والأجساد التي تنبعث فيها روح فنية واحدة، وأكسبته هذه الأعمال الهوية الفنية التي عرف بها.

وكانت باكورة معارض قاشا، الذي اشتهر ببراعته في نحت الأجساد الأنثوية، مع حركات تعبر عن الرقص التعبيري، في عام 1989 في سورية، حيث عبر من خلال ذلك المعرض عن محاولات في الرسم والنحت، قبل أن يتفرغ تماما للعمل في مجال النحت، ويعتمد على اطلاعه ومعرفته بأنواع البحص والحصى النهري. وتتوالى بعد ذلك معارضه «النحتية» في سورية وبلدان غربية، منها عام 1993 العاصمة الهولندية أمستردام، وفيها كان معرضه الضخم الذي ضم عددا كبيرا من المنحوتات الحجرية التي تعبر كلها عن الحياة البرية بأشكال حيواناتها وحشراتها.

وفي حين يبدو قاشا متصالحا مع الطبيعة مستكشفا مكنوناتها الجميلة، محولا إياها إلى تحف، يسير زميله صبحان آدم في خط فني معاكس، يحاول معه تصوير الواقع بقسوته وظلمه.

ملامح الوجوه هي «خبز» آدم الفني، الذي يكشف من خلالها النفس بتقلباتها وتناقضاتها وشجنها. وليس غريبا أن يجمع وجه واحد من وجوه آدم بين وجوه متعددة في الوقت عينه، تتراوح بين الفرح والحزن والأسى وغيرها من المشاعر الإنسانية التي تعبر عن حالات نفسية تنبض بالألم والقلق.

وقبل بيروت، كان آدم، المولود في منطقة الحسكة بشمال شرقي سورية، قد تنقل بلوحاته بين مدن عربية وغربية، وفي بدايات الألفين، تبنى أعماله الغاليري الباريسي، إيدي دارتيست، ومنذ ذلك الوقت وهو يواصل التعبير عن لغته الفنية من خلال معارضه الفردية والجماعية، التي باتت معروفة بهذا الفن التعبيري.