أنظمة «الشر» تهيمن على معرض «فوتوكينا» الدولي للصورة

كاميرا بعينين وأخرى بأربع عدسات.. تسدان الثغرة بين الهواة والمحترفين

كاميرا «أوليمبوس مجو» مجمدة ويمكن استخدامها في مظروف مماثل (أ.ف.ب)
TT

في الواقع أن نظام الكاميرات الخالي من المرآة، الذي غزا المعرض الدولي للكاميرا والصورة (فوتوكينا 21 - 26 سبتمبر/أيلول) أبعد ما يكون عن الشر، لكن اسم المختصر الإنجليزي هو الشر بعينه. فالنظام الذي سيرسم عالم الصور الجميل مستقبلا هو نظام «Electronic Viewfinder Interchangeable Lens»، ومختصره الشر«EVIL».

وهذا النظام، الذي طرحته «أوليمبوس» و«باناسونيك» في الـ«فوتوكينا 2008»، طغى على معروضات هذا العام إلى جانب الكاميرات الجديدة التي تلتقط الصور بثلاثة أبعاد. وفي حين ذكرت إليزابيث كلاوس هيلبيغ من «أوليمبوس» أن هذا النظام يملك المستقبل، قال ماركوس نيرهاوس، من شركة «فوجي» لـ«الشرق الأوسط»، إن نظام الصور المجسمة (الثلاثية الأبعاد) لا يملك المستقبل وإنما يمتلك الحاضر، وعبر الاثنان بذلك عن أهم نزعتين سادتا الـ«فوتوكينا» هذا العام.

نظام «إيفل» تخلص من المرآة، التي تحتل جزءا كبيرا من غرفة الكاميرا، واستعاض عنها بعدسة «Micro Four Thirds» وفسح المجال بالتالي إلى تقليص حجم الكاميرا، وزيادة دقتها وتحسين وظائفها. وكمثل فإن التخلي عن المرآة في كاميرا «سامسونغ nx100»، التي يتسع لها جيب صغير، فسح المجال أمام تزويدها بشريحة حساسة للضوء مساحتها 3.65 سم مربع، وهذا يعني أنها ذات حساسية ترتفع إلى12800ISO .

الظاهر أن هذا النظام لم يكتمل تقنيا بعد، لكن المتوقع هو أن يشهد معرض الـ«فوتوكينا 2012» اكتمالها. وذكر ماركوس باوتش، الخبير في معهد فحص البضائع الألماني، أن نظام «إيفل» ليس بسرعة أنظمة انعكاس المرآة حتى الآن، وكانت الكاميرات المطروحة منه هذا العام بطيئة ولا تصلح لتصوير مشاهد الحركة والرياضة. مع ذلك كانت أسعار كاميرات «الشر» المطروحة لا تقل عن 700 يورو. مع ذلك فقد شكل إنتاج كاميرات «الشر» في اليابان عام 2010 نحو 40 في المائة من إنتاج الكاميرات العام في البلد.

ويشهد باوتش أن «أوليمبوس» و«باناسونيك» و«سوني» طرحت في هذا المعرض ما هو جديد تقنيا، ويتمثل في الكاميرات الثلاثية الأبعاد والأنظمة العاملة بلا مرايا، لكن عملاقي التصوير نيكون وكانون لم يطرحا سوى تطوير للتقنيات السائدة. وأشار أيضا إلى بوادر لدى الشركتين لطرق أبواب الهواة وركوب موجة الصور المجسمة وأنظمة «إيفل». ووصف باوتش ما طرحته نيكون وكانون هذا العام بالـ«مضجر».

وكاميرات نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة ما انفكت تتضاءل في حجمها، وتزداد أتمتة وتتعدد وظائفها. والمعرض يغص بملايين الكاميرات الصغيرة التي تقف بشجاعة إلى جانب الكاميرات العملاقة، ويستطيع الزائر استعمالها لتصوير عارضات الأزياء الجميلات. فهناك سوني الصغيرة «نيكس» للهواة، التي كانت عروس المعرض، إلى جانب آلتي تصوير المحترفين «كانونEos 60D » ذات الـ18 ميغابيكسل، HD كامل (السعر 1149 يورو)، و«نيكون D3100» 14.3 ميغابيكسل (السعر 649 يورو).

وكاميرات اليوم تلتقط عشرات الصور في الثانية ثم تختار بنفسها أفضل لقطة وتحتفظ بها بموافقة صاحب الكاميرا. والكاميرات مزودة بنظام التعرف على المناطق عبر الأقمار الصناعية، ولهذا فهي لا تكتفي بكتابة التاريخ على ظهر الصورة، وإنما اسم الدولة والمدينة والشارع أيضا. هذا يعني أن السائح قادر على تصوير الآثار في المكسيك وتتولى الكاميرا التعرف على مكان التصوير بمساعدة الأقمار الصناعية. ثم إنها صغيرة، خفيفة، ملونة بألوان زاهية وتعمل ككومبيوتر صغير أيضا. وبعض هذه الكاميرات مثل «أوليمبوس ميني» (500 يورو) مضادة للماء، يمكن طمرها في الرمل لأيام من دون أن تتأثر، ويمكن أن تسقط من ارتفاع مترين من دون أن تنكسر. ويمكن لمن يرغب نصب ميكروفون على «نيكون» (7000 د) لكي يلتقط الصور مع تعليق بسيط.

أما كاميرات الفيديو اليوم فهي مزودة بشاشات متحركة، قابلة للفصل عن الجسد، ثم إنها HD كامل، قادرة على إعادة اللقطات بالتصوير البطيء وتعمل ككاميرا عادية لالتقاط الصور الفردية.

النزعة المهمة أيضا هي تركز الميل نحو الكاميرات الصغيرة، التي يمكن تغيير عدستها واستخدام الزوم كمثل، بعد أن كانت كاميرات الأمس الصغيرة ذات عدسة خارجية واحدة وثابتة. ومثل هذه الكاميرات عرضت كنماذج أولية في الـ«فوتوكينا» عام 2008. ولهذا فقد حسبت إدارة المعرض وجود 650 نوعا من العدسات المنفصلة والملائمة للكاميرات الصغيرة بين معروضات هذا العام. وطبيعي فإن الذي سخر هذا التحول هو نظام «Micro Four Thirds»، من شركتي «باناسونيك» و«أوليمبوس»، الذي خلص الكاميرا من المرآة.

ارتجاج الكاميرا في اليد، لدى الهواة، وظهور الصور غير الدقيقة، أصبحا في خبر كان حسب مصادر إدارة المعرض.. فكاميرات اليوم مزودة بنظام خاص لتثبيت الصور، واختيار الزاوية القائمة رأسيا أو أفقيا. كما أن العدسات تهتز بحركة غير محسوسة وتنفض عنها بالتالي ذرات الغبار التي قد تسربت إلى داخل غرفة الضوء.

ولأن التصوير المجسم بحاجة إلى نظارات خاصة للمشاهدة فقد زودت «فوجي» كاميرا «Fugi W3» بعينين مدمجتين على الجانبين، يمكن تصحيحهما حسب درجة نظر مستخدم الكاميرا، وتضمنان صورا ثلاثية الأبعاد ودقيقة.

وكاميرا «Minox PX 3D» مزودة، بدلا من الزوم والعدسات الاحتياطية، بأربع عدسات مدمجة في الجسد الخارجي، ويستطيع المستخدم اختيار العدسة المناسبة لكل لقطة. وهذا تحوير، أو التفاف ظاهر، على النظارات التي تتيح مشاهدة الصور المجسمة، لأن الكاميرا يمكن أن تلتقط الصور بثلاث عدسات وتنتج منها صورة ثلاثية الأبعاد. وتقول الشركة إن الجيل القادم من هذه الكاميرا سيكون مزودا بـ16 عدسة خارجية.

وكاميرا «كانون Eos 60D»، ليست للفيديو، لكنها مزدوجة بشاشة تتحرك بـ360 درجة، وتلتقط الصور الثلاثية الأبعاد أيضا. ليس بعيدا عنها تستعرض «كوداك» كاميرا جديدة ترتبط مع الإنترنت بـ«WLAN»، وتؤهل المستخدم لإرسال الصور الملتقطة مباشرة بالإنترنت. وعموما هناك نزوع بين الجمهور نحو الكاميرات التي تجمع بين فيلم الفيديو والتصوير العادي.

ويمكن للمرء مشاهدة طريقة عمل نظام التصوير في كاميرا «بينتاكس ر. س. 1000»، بسهولة لأن الشركة زودها في الخلف بجدران شفافة ومتينة. مع ذلك فالإمكانية متاحة لمشتري هذه الكاميرا أن يشتري شريطا لاصقا ملونا، حسب رغبته، للصقه على الجزء الشفاف من الكاميرا.

وشركة «بينتاكس» لم تنس مخاطبة الأطفال أيضا، فطرحت كاميرات صغيرة ملونة ذات جسد فيه زوايا وتكوينات هندسية وتحمل اسم «NB1000»، والفكرة هي أن الطفل قادر على تشكيل مكعبات «لوغر» على جسد الكاميرا وتحويلها إلى ألعاب مختلفة (السعر 150 يورو). وللأطفال أيضا هناك كاميرات الاستخدام الواحد الذي يقال إنها قد تقتحم عالم الكبار أيضا.

الملاحظ، وكما توقعنا قبل سنتين، هو توقف سباق البيكسل بين شركات إنتاج الكاميرات، وبعد أن أنتجت «كانون» كاميرا للمحترفين ذات 64 ميغابيكسل، صارت الشركات تميل للاعتدال بحكم مخاطبة ملايين الهواة. فكاميرات البيكسل «المليونية» مخصصة للمحترفين ولطبع الصور الكبيرة. وأشار هيننغ أولسون، رئيس اتحاد صناعة الكاميرات والصورة، إلى أن القطاع يتجه لتحويل الكاميرا إلى حاجة يومية كحال الهاتف الجوال أو السيارة. الاستثناء في هذه الحالة يمكن أن يكون كاميرا «لايكا س. 2» ذات الـ37 مليون بيكسل (السعر 15630 يورو)، أي للمحترفين فقط، وكاميرا «سيغما س. د. 1» ذات الـ46 مليون بيكسل.

وتثبت أرقام الدائرة المركزية للإحصاء في ألمانيا وجود كاميرا واحدة في الأقل في كل منزل ألماني، وهذا يعني أن الكاميرات بدأت، لأول مرة، تتفوق على عدد السيارات في المجتمع. بل إن هيننغ صاغ في كلمته الافتتاحية هدف نظام «الشر» الجديد على أنه سد الثغرة بين الهواة والمحترفين، بمعنى مخاطبة ملايين البشر من غير المحترفين لكنهم يهوون اقتناء الكاميرات والتصوير بها. بيعت 140 مليون كاميرا جديدة عام 2009 على المستوى العالمي (8 ملايين في ألمانيا) ويلتقط الناس في ألمانيا (81 مليون نسمة) ألف صورة في الثانية كمعدل. ولهذا فقد زادت مداخل قطاع صناعة الصورة والكاميرا بنسبة 40 في المائة خلال سنتين.

جدير بالذكر أن معرض «فوتوكينا 2010» شهد لأول مرة جدلا في الصحافة عن جدوى استمراره مستقبلا مرة كل سنتين بحكم معرض الكومبيوتر واندماج تقنيات الاتصالات والمعلوماتية. بعض المختصين دعوا إلى إقامته مرة كل أربع سنوات، وردت إدارة المعرض بإحصائيات تثبت ارتفاع مداخيل القطاع، على المستوى العالمي، من 90 مليارا إلى 130 مليارا بين 2008 و2010. ولذلك فإن المتوقع، وفي ظل هذا النمو الاقتصادي الكبير، هو تطور أجنحة اللوازم التكميلية مثل الإطارات وأجهزة الخزن، وأنظمة العمل على الصور وترتيشها.

ساهمت 1350 شركة من أكثر من 60 بلدا في معرض هذا العام وغطت المعروضات كامل قاعات المعرض الـ14. المصورون المحترفون، رغم عشرات المعارض الفوتوغرافية، شكوا من ضيق المعرض بالزوار الهواة، فهجوم أكثر من 200 ألف زائر لا يفسح أمامهم المجال لتجربة كاميرات المحترفين الجديدة، ولم تسنح الفرصة لهم لاستخدام كاميرات «نيكون» و«كانون» الفاخرة رغم أن الشركتين عرضتا عشرات النماذج من الكاميرات للاستخدام من قبل هواة الكاميرا والصورة.