في تقنية أفلام الخيال العلمي.. بوليوود تستعين بخبرة هوليوود

بهدف إضفاء طابع عالمي قادر على اجتذاب الجماهير بدول متنوعة

التأثيرات الفنية الخاصة بالفيلم يتولى مسؤوليتها فريق عمل هوليوود الذي أنتج روائع أعمالها مثل «جوراسيك بارك» و«بريديتور» و«تيرمينيتور» و«إيرون مان» و«أفاتار» (أ.ب)
TT

دعا القائمون على صناعة أغلى أفلام آسيا، وهو من نوعية الخيال العلمي ويدعى «إندهيران» ومن المقرر طرحه بلغتي التاميل والإنجليزية، ويتناول التفاعل بين البشر والإنسان الآلي، للاستعانة بعدد من الفنيين العاملين في هوليوود في صناعة الأفلام الهندية.

وباعتباره بطل الفيلم، فقد قضى راجينيكانت أسبوعين في لوس أنجليس لإعداد هيكل الإنسان الآلي بالاستعانة بأحدث التقنيات. وجرى تفحص جسد راجينيكانت لخلق نموذج أولي. واعتمادا على نموذج أولي، صنع فنيو هوليوود إنسانا آليا يبدو مشابها له تماما.

أما التأثيرات الفنية الخاصة بالفيلم الذي قدرت تكلفة صناعته بـ40 مليون دولار، فيتولى مسؤوليتها فريق عمل هوليوود الذي أنتج روائع أعمالها، مثل «جوراسيك بارك» و«بريديتور» و«تيرمينيتور» و«إيرون مان» و«أفاتار»، داخل «ستان وينستون ستوديوز».

ويتولى يون وو بينغ، الذي قام بتوجيه جاكي شان وكان مصمم الحركات في سلسلة أفلام «ماتريكس» و«كيل بيل»، تنسيق الحركات في «إندهيران»، بينما تولت ماري إي فوغت، التي سبق أن شاركت في سلسلة «باتمان» و«مين إن بلاك»، تصميم الملابس.

وشدد شانكار، مسؤول شؤون الإنسان الآلي في الفيلم الجديد، على أنه نظرا لكون الفيلم ينتمي لأحدث مستوى بلغته صناعة السينما العالمية بما يضعه في نفس مستوى أفلام مثل «أفاتار»، فإن الاستعانة بمتخصصين فنيين عالميين كانت أمر حتميا.

خلال الفترة الأخيرة التي بدأت خلالها صناعة الأفلام الهندية في الانتقال نحو العالمية، شرع صانعو الأفلام الهنود في التعاون مع فنيي هوليوود على نطاق واسع بهدف إضفاء طابع عالمي قادر على اجتذاب الجماهير بدول متنوعة. ولم يعد من الغريب الآن أن نجد أسماء فنيين أجانب على أفلام هندية. وحاليا، يعمل عدد كبير من مصممي الحركات والملحنين ومسؤولي المونتاج والمشرفين على التأثيرات الخاصة في أفلام هندية.

ومن بين أكثر المشروعات الطموحة في الفترة القادمة داخل بوليوود والتي تضم أسماء لامعة من فنيي هوليوود فيلم «را وان»، وهو من بطولة نجم بوليوود الأشهر، شاروخان. وقد جرت الاستعانة باثنين من أبرز فنيي هوليوود - نيكولا بيكوريني وجيفري كليسر - للمعاونة في التصوير السينمائي والتأثيرات الخاصة بالفيلم على الترتيب على أمل الوصول إلى مستوى أفلام هوليوود. جدير بالذكر أن نيكولا سبق له المشاركة في أفلام مثل «فير آند لوزنغ إن لاس فيغاس»، في الوقت الذي يشتهر فيه جيفري بعمله الرائع بمجال التأثيرات الخاصة بسلسلة «إكس مين».

من جانبه، أرجع نيكولا مشاركته في «را وان» لنجم الهند الأول شاروخان إلى «الصدفة». كان المصور السينمائي الأصلي بالفيلم، أولي ستيغر، قد انسحب منذ ثلاثة أسابيع. وعليه، جرت الاستعانة بنيكولا، حسبما أشار الأخير، مضيفا أن عمله بالفيلم كان واحدة من أروع التجارب التي خاضها، وأبدى رغبته في العمل في مزيد من الأفلام الهندية.

إلا أنه في الوقت الذي تراود فيه فنيين أجانب الرغبة في المشاركة في صناعة الأفلام الهندية المربحة، فإن صانعي الأفلام الهنود يرغبون أيضا في استغلال مهاراتهم بمجلات حيوية لإضافة قيمة أكبر لأفلامهم.

وأعرب نيكولا عن اعتقاده بأن «بوليوود لديها إمكانات هائلة. إذا تمكن المسؤولون هناك من توفير مساحة أكبر للفكر الإبداعي، سيصبح بمقدورهم احتلال المكانة الأولى عالميا».

خلال الفترة الأخيرة، جرت الاستعانة بمعدلات متزايدةن بمواهب أجنبية في الجوانب الفنية في الأفلام الهندية، لكن في الماضي أيضا تعاون منتجون ومخرجون هنود مع أجانب.

عام 2002، جعل ديون لام، مصمم الحركات في هوليوود الذي شارك بفيلمي «ماتريكس» و«روميو مست داي»، النجم الهندي أكشاي كومار يضرب الشخصية الشريرة في «أوارا باغل ديوانا» على نحو مختلف نسبيا عما اعتاده الجمهور. وبالمثل، قام رازاتوس، الذي صمم الحركات والمعارك في أفلام حققت نجاحا كبيرا مثل «فنتيدج بوينت» و«باد بويز» (الجزء الثاني)، بتصميم حركات الممثل كومار في «كامبهاكت إيك» الذي أنتجته بوليوود عام 2009 وشارك ببطولته النجم سيلفستر ستالوني.

وتتنوع الإسهامات الأجنبية من فيلم بوليوود «لوف سكس أور دوكها» الذي أكسب المصور السينمائي اليوناني نيكوس أندريتساكيس شهرة كبيرة داخل الهند إلى «روك أون» الذي أسهم به المصور السينمائي الفائز بجوائز بريطانية جيسون ويست، الذي قامت شركة الحاسب الآلي التي يملكها في لندن بعمل مبهر في هذا الفيلم. ويشارك جيسون حاليا فيلم كبير بعنوان «ديلي بيلي» كمخرج للتصوير، وسيبدأ تصوير «دون 2» لفرحان أختار قريبا. وتعد الأفلام سالفة الذكر أمثلة تشير بوضوح إلى أن صناعة الأفلام الهندية بدأت تفتح أبوابها بدرة أكبر أمام المواهب الدولية.

وشارك المصور البريطاني جامي فولدز بفيلم «لامها»، الذي طرح في دور العرض هذا العام وجرى تصويره في كشمير. وأعرب المخرج دهولاكيا عن اعتقاده أن الأجانب غالبا ما يحملون معهم منظورا أكثر حيادية للقصة والمشاهد. وأضاف «بعيدا عن الموهبة التي أضافها إلى الفيلم، كان بمقدور جامي النظر إلى كشمير من زاوية مختلفة. كان ينظر لما وراء الجمال الذي رآه بالمكان حيث العمل عفوي، والصورة المثالية لكشمير الحاضر».

إلا أن قرار الاستعانة بأجنبي، خاصة موهبة من الغرب، ينشأ عن الحاجة لمعالجة الفيلم، حسبما ذكر المخرج بانرجي، الذي استعان بالمصور السينمائي العالمي أندريتساكيس في فيلمه الناجح «لوف سكس أور دوكها».

وشرح المخرج أن «هذا الفيلم كان مختلفا عن أي فيلم آخر، وتطلب مصورا سينمائيا محترفا على استعداد لخوض هذه التجربة».

كما شارك في فيلم بوليوود «كايتس» الذي حقق نجاحا كبيرا في الولايات المتحدة هذا العام مسؤول المونتاج البارز في هوليوود مارك هلفريتش (الذي أسهم في «إكس مين: لاست ستاند») للمساهمة في تصميم النسخة الإنجليزية بالتعاون مع المخرج الأميركي بريت راتنر.

الملاحظ أن «كايتس» شارك به الكثير من أبناء هوليوود والعناصر الأجنبية مثل ديفيد باكا، مسؤول التأثيرات الخاصة، ومصممي الحركات والمعارك مارك بروكس وبوبي بيرنز وإدوارد دوران وأنغليك مدثندر وتشستر إي تريب وسبيرو رازاتوس وديني بيرس.

وفي الوقت الذي يفكر فيه أشخاص مثل جيسون ونيكولا في جعل مومباي وطنهم الثاني حال استمرار الحقبة السينمائية الهندية الراهنة، يعيش فولدز بالفعل في المدينة ويتمتع بحياة هندية كاملة، وأعرب عن أمله في الانضمام لاتحاد المصورين السينمائيين الهنود.

لكن ماذا يجذب الفنيين الأجانب للهند في الوقت الذي يعتبر فيه المخرجون والممثلون الهنود العمل في الغرب إنجازا كبيرا؟ عن ذلك قال جيسون «لا أفهم سبب الولع بهوليوود. بالطبع تخرج منها أفلام جيدة، لكن هناك أيضا كثيرا من الأعمال الرديئة».

وأشار إلى أن معظم أصدقائه من الهنود، لكنه كرر نفس شكوى أبناء مومباي من الازدحام وارتفاع درجة الحرارة والطرق. واعترف بأن جداول العمل في بوليوود كثيرا ما تكون منهكة، لكنه استطرد بأنها تسمح رغم ذلك «بمساحة من التجربة». وأضاف «تجربة الإخراج في الغرب تكون جامدة في بعض الأحيان، لكن الهند توفر المرونة. لقد حصلت على مساحة للتجريب في فيلم (لامها)، الذي لاقى استقبالا طيبا».

التساؤل الأكبر الآن: هل تحتاج الهند بالفعل للمساعدة الأجنبية؟ أجاب عن ذلك فيروز ناديادوالا، منتج «كامباتاك إيشق»: «ليست هناك حاجة للأجانب، لكن هناك حاجة للمستوى الرفيع للجودة. على المرء أن يبقى مسايرا للتوجهات العالمية، ويساعدنا الأجانب على تعلم أمور جديدة».

لقد أصبح التفكير الهندي اليوم يحمل طابعا عالميا، بمعنى إذا شعر الهندي بأن الأجنبي سيقوم بمهمة ما أفضل، فلن يتردد في الاستعانة به. وأضاف ناديادوالا «بالنسبة للاهتمام بالتفاصيل، يمكن للأجانب تعليمنا بعض الأمور».