انتشار زواج الأجانب من تايلانديات والمكوث في بلدهن

الكثير منهم في الخمسينات أو الستينات أو حتى السبعينات من أعمارهم

من الحواجز القائمة عائق اللغة، حيث لا يتعلم الكثير من الأجانب اللغة التايلاندية («نيويورك تايمز»)
TT

كان أروع ما رأته نوي ديفيس، عندما كانت طفلة، مشهد فتيات قرويات تزوجن من أجانب، يرتدين ملابس غربية ويوزعن الحلوى على الأطفال. وتقول ديفيس مستذكرة ذلك: «بالنسبة إلي، بدت هذه السيدات مثل الأميرات، وبقيت هذه الصور في ذاكرتي، وتمنيت أن أكون مثل هذه السيدات في يوم من الأيام».

وفي الوقت الحالي، تعيش ديفيس، التي بلغت الثلاثين من عمرها، مع زوجها جوزيف ديفيس، من فريسنو بولاية كاليفورنيا، داخل منزل مكيف بالهواء يحتوي على ثلاث غرف نوم. ويوجد في المنزل أيضا طريق للسيارات وملعب كرة سلة تحيط به الأزهار ومرجة جميلة. وتقول ديفيس: «تقول عائلتي إلي: لقد تمكنت من تحقيق ما كنت تحلمين به».

ولكن عكس الكثير من الأزواج الأجانب، لم يأخذ ديفيس (54 عاما) زوجته عائدا إلى وطنه، واختار بدلا من ذلك الاستقرار في شمال شرق تايلاند، داخل منطقة تعرف باسم «إيسان».

ويعد ديفيس ضمن عدد متنام من سكان يمثلون قرابة 11 ألف زوج أجنبي في المنطقة، جذبهم مستوى المعيشة المنخفض ووتيرة الحياة البطيئة والسمعة الغريبة التي تشتهر بها النساء التايلانديات. ويقول ديفيس: «تبدو المرأة في تايلاند مثل النساء داخل أميركا قبل 50 عاما» قبل أن يكتشفن حقوقهن ويصبحن «عنيدات ومتشبثات بآرائهن». ويقول ديفيس، وهو ضابط بحرية متقاعد: «تعرف النساء حاليا أنهن متساويات مع الرجال؛ لذا لم يعد الوضع مريحا أو سلميا كما هو الحال بين أي أميركي وامرأة تايلاندية».

ومن السهل التعرف على منازل الأجانب، بسبب الحوائط المتينة والأسقف المبنية من طوب أحمر، وتبدو عليها ملامح الثراء وسط منازل أصغر وأفقر خاصة بجيرانهم وأقاربهم.

ومن الشائع رؤية أزواج من جنسيات مختلفة في الشوارع وداخل أسواق مدينة «أودون ثاني». ويعرف أحد الشوارع، والذي يجتمع فيه رجال غربيون لتناول الطعام والشراب، باسم «شارع الأقارب الأجانب».

ويقول فيل نيكس، مؤلف «أصحاب مشاريع الحب.. صفقات بين ثقافات مختلفة داخل تايلاند»: «توجد قرى في إيسان تتكون بالكامل من منازل أجانب؛ حيث قام أجانب بشراء المنازل كلها تقريبا داخل القرية من أجل سيداتهم التايلانديات».

وتعتبر إيسان من أفقر الأجزاء داخل الدولة، التي تعتبر مصدرا للعمالة منخفضة الأجر داخل بانكوك وموطن الكثير من النساء العاملات في قطاع الترفيه داخل العاصمة.

كانت بعض أوائل الزيجات بين تايلانديات وأميركيين في «أودون ثاني»، التي كانت بها قاعدة جوية أميركية خلال الستينات أثناء حرب فيتنام. وخلال الأعوام التالية، رحل معظم الأميركيين، وأخذ البعض زوجته التايلاندية معه. وفي الوقت الحالي، يتزايد وجود الرجال الأوروبيين والأميركيين مرة أخرى. ويقول نيكس: «في المنطقة الشمالية الشرقية، حيث تشيع هذه الظاهرة، تبحث أغلبية النساء هناك عن عشيق أو زوج أجنبي، وأعتقد أن البعض منهن متحمسات في سعيها من أجل رجل أجنبي».

ويقول برايون ثافون، مدير الخدمات الدولية في مستشفى بانيفينتر داخل مدينة «أودون ثاني»: «إن الاختلاف في الأشياء المتوقعة يقوض العديد من الزيجات، وأكثر من النصف ينتهي بالطلاق».

وقال برايون، الذي يقدم استشارات للأزواج من جنسيات مختلفة: إنه على الرغم من أن الرجال -الكثير منهم متقاعدون ويعيشون على المعاش، والكثير منهم أصيب بالإحباط لظروف معيشية وبسبب زيجات سابقة داخل أوطانهم- قد يبحثون عن علاقة عاطفية، فإن الدوافع بالنسبة إلى المرأة اقتصادية.

ويضيف: «بالنسبة إلى بعض السيدات يرتبط الأمر بالمال فقط، فالزواج أصبح نشاطا أكثر منه علاقة حب. وتريد النساء تحسين أوضاعهن الاجتماعية، وفي بعض الأحيان تقوم هذه السيدات بإنفاق أموال الأزواج بالكامل، وبعد ذلك ينفصلن عنهم، وهناك الكثير من الحالات مثل ذلك».

وعلى الرغم من أن الكثير من الرجال متقاعدون أو يعيشون على دخل ثابت، فإنه من المفترض أن يقوموا بمساعدة عائلات الزوجات، بدءا من المهر الذي يبلغ عدة آلاف من الدولارات. ويقول برايون: «عندما يتزوج المرء داخل تايلاند، فإنه يتزوج العائلة بالكامل، والقرية كلها. وتتوقع الزوجة ذلك في الأغلب، ولكن لا يفهم الرجال ذلك».

ويبدو ثمة اهتمام أقل بالاختلافات في الأعمار؛ حيث يكون الكثير من الأزواج في الخمسينات أو الستينات أو حتى السبعينات. ويقول ديفيس: «لا يمثل العمر عاملا حيويا هنا. في أميركا إذا تزوجت من فتاة أصغر مني بأربعة وعشرين عاما، سيكون ذلك محل كلام و(قيل وقال). ولكن لا يعتبر ذلك حدثا غريبا هنا، فهذا يتكرر كل يوم».

ويكبر دينيس سورنسن، وهو مدرس رياضيات متقاعد يبلغ من العمر 63 عاما، زوجته بينابا بـ32 عاما، والتي التقاها على أحد الشواطئ قبل 8 أعوام. ويقضي الكثير من وقته يشاهد التلفزيون الأميركي من خلال القمر الصناعي، ويقوم بطبخ «الهامبورغر» لنفسه. ولكنه يقول إنه يبذل قصارى جهده كي يجعل زوجته وعائلته سعداء. ويساعد سورنسن في تربية ابنتها المراهقة، التي كانت ثمرة علاقة عاطفية سابقة، وابنهما الذي يبلغ عامين اثنين.

ويقول سورنسن، الذي لم يتزوج من قبل: «نتكيف بطريقة أو بأخرى. وفي بعض المواقف ينفد مالي، ولا أستطيع رعاية الجميع، وقد أدى ذلك إلى بعض الأزمات، ولكن تجاوزنا كل شيء بأفضل ما نستطيع».

ومن الحواجز القائمة: عائق اللغة؛ حيث لا يتعلم الكثير من الأجانب اللغة التايلاندية. وتقول بينابا، التي تتحدث باللغة التايلاندية: «لا يمكن أن أتحدث باللغة الإنجليزية، ولكني تمكنت من العيش معه لأعوام كثيرة». وتضيف: «في بعض الأحيان، عندما يكون متضايقا بدرجة كبيرة، لا أفهم ما يتلفظ به ولكني أفهم نبرة الكلام؛ لذا أبتعد عنه».

ولكنها أضافت باللغة الإنجليزية: «أعتقد أن دينيس طيب؛ لأنه يهتم بعائلتي وابنتي، ويهتم بكل شيء من أجلي. في السابق، لم يكن لدي شيء، ولكن في الوقت الحالي لدي منزل وسيارة. كما أنني لا أعمل، وكل ما أقوم به هو البقاء داخل المنزل للاهتمام بطفلي».

وقد أصبح الزواج من الأجانب شائعا داخل مدينة «أودون ثاني»، وتحلم الكثير من الفتيات بنفس حلم ديفيس؛ حيث يتمنين أن يكن أميرات. وتقول روجانا أودومسري (30 عاما)، التي تزوجت من رجل تايلاندي ولديها طفل في الثانية من عمره: «يبدو ذلك جيدا، وتبدو عليهم السعادة، فلديهم المال ويمكنهم الذهاب حيثما يريدون».

ولكنها أعربت عن بعض الشكوك. وقالت: «لا أعرف هل يشعرون بالسعادة على الحقيقة. في بعض الأحيان أريد أن أحيا مثلهم، ولكن لا يمكن أن أعيش مع شخص لا أحبه، فمع من أحب يمكننا تجاوز صعوبات الحياة سويا».