اليوم الأول.. أسبوع باريس لربيع وصيف 2011 يهجر متحف اللوفر بعد 20 عاما

يعد بتسعة أيام حافلة بالتغييرات والجديد.. أسماء تسلم وأخرى تتسلم المشعل

TT

مباشرة بعد أسبوع ميلانو انطلق أسبوع باريس، الذي سيكون مثل نظيره النيويوركي طويلا.. تسعة أيام بالتمام والكمال.. الأمر الذي يشكل تحديا لمتابعي الموضة ولباريس على حد سواء. التحدي بالنسبة لمتابعي الموضة أن يحافظوا على حماسهم وتوثبهم لالتقاط الجديد والتفريق بين العادي وغير العادي رغم طول المدة التي قضوها في المطارات والفنادق من نيويورك إلى لندن وميلانو وأخيرا باريس المحطة الأخيرة في هذه الدورة. وهذا يعني ابتعادهم عن بيوتهم لمدة شهر تقريبا. أما التحدي بالنسبة لباريس فهو أن تتفوق على أسبوع ميلانو الذي كلل بالنجاح، وكان مصدرا للتصميمات المثيرة والألوان الدافئة، خصوصا أن موسمه الماضي كان هادئا على منصات العرض، ساخنا خارجها، بسبب الجدل الذي أثارته أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، بعدم حضوره كاملا، مما خلق بلبلة في البرنامج والكثير من التلاسنات بين المصممين والمنظمين. ميلانو هذا الأسبوع تحدت نفسها، وقدمت تشكيلات موفقة كانت القاعدة في كل العروض.

يوم الثلاثاء كانت بداية أسبوع باريس، الذي يعد بـ91 عرضا في مقره الجديد بجسر الكسندر الثالث القريب من «لوغران باليه». فبعد قرابة عقدين من الزمن، كان فيهما متحف اللوفر هو الحضن الذي يضم ما لا يقل عن 70% من العروض في أربع قاعات كانت مخصصة لهذا الغرض، اكتشفت الفيدرالية الفرنسية للموضة أن المكان أصبح صغيرا ولا يستوعب عدد العروض ولا طلبات المصممين، الأمر الذي بات يستدعي مكانا أكبر، تجسد في خيمة ضخمة نصبت بالقرب من جادة الشانزليزيه. وهذا طبعا من سوء حظ وسائل الإعلام، التي سيضطرها الوضع الآن لأن تكون اللياقة البدنية والقدرة على التنقل من مكان إلى آخر بسرعة وقوة إلى جانب التمتع بسرعة البديهة وقوة النظر والملاحظة، من شروط عملها.اليوم الأول في العادة يركز على المصممين المبتدئين، وهؤلاء يكونون عادة مهتمين بالابتكار أكثر من العقلانية ومتطلبات السوق، وهذا ما كان واضحا من خلال أزياء مصنوعة من قطع السجاد وتنورات خاصة بالرجال، وأشكال غريبة يراد منها أساسا لفت الانتباه ما دامت الإمكانيات المادية لا تسمح لهم بالكثير.

الثنائي نانا أغانوفيتش وبروك تايلور، وراء ماركة «أغانوفيتش»، سبق لهما العرض في كل من أسبوعي لندن وميلانو، واختارا باريس هذه المرة لتقديم تشكيلة يمكن القول إنها خضعت لعملية «ديتوكس» بخطوطها الواضحة وألوانها الناعمة. الغلبة فيها كانت لجاكيتات «البوليرو» القصيرة، التي تم تنسيقها مع تنورات ببليسيهات عريضة تستحضر مظهر فتيات المدارس. كان واضحا أن الثنائي يريد اللعب على القطع المتضاربة، فيما بقي العرض نفسه حداثيا يغازل الخيال عن بعد، لأن القطع حين تؤخذ على حدة، تغلب عليها البساطة، ومن السهل تسويقها لشابة جريئة، مثل فستان على شكل «تي - شيرت» بلون الكريم، مقلم من العنق إلى أسفل بالأحمر والبنفسجي بشكل خفيف، فضلا عن أشكال زهرة الخشخاش التي طبعت بعض التصميمات، والتي قال الثنائي إنهما استوحياها من صور إيرفينغ بين. وهي صور كانت تشير بطريقة خفية إلى الأفيون والهيروين والأحلام غير الواقعية.

من جهتها، قدمت الإسبانية أمايا أرزواغا، التي تعرض لأول مرة في عاصمة النور، تشكيلة معقولة جدا بالمقارنة مع غيرها، إلى حد القول إنها كلاسيكية. لعبت فيها على فن الأوريغامي، مما يفسر تميزها بالخفة والمرونة. كان الأساس فيها هو الفستان الناعم، فيما كان البطل هو التفاصيل، التي جاءت على شكل طيات مبتكرة من الأورغنزا، مرة على الصدر، ومرة على الأكمام، ومرة على الحواشي من أسفل أو مجموع الظهر. كانت هذه الطيات الفنية لطيفة على العين، لكن ارتدائها لن يكون لطيفا على صاحبتها، لأن الجلوس فيها صعب، وبالتالي فإن الوقوف طوال الحفل سيبقى الحل الأمثل، وربما الوحيد. بعد عرضها اعترفت أمايا في لقاء أجرته معها وكالة «أسوشييتد برس» بأن الأوريغامي فن معقد وصعب عندما يكون بالورق، فما البال إذا كانت الخامة من الأورغنزا؟ فهي، في هذه الحالة، تستغرق وقتا أطول وتتطلب جهدا أكبر. أما المصمم أنتوني فاكاريلو، الذي ظهر في لقطة من فيلم «عدد سبتمبر» الشهير الذي تتبع تحضير عدد أهم مجلة موضة في العالم وأقوى رئيسة تحرير في مجال الموضة، أنا وينتور، فشارك بدوره بتشكيلة كلاسيكية من حيث أناقتها الباريسية من دون أن تغيب عنها لمسات غرابة واستعراض. الفستان المفصل كان القطعة الرئيسية فيها، وجاء مفصلا بكتف واحدة باللون الأسود. لكن هذا لم يمنعه من تقديم تصميمات جريئة جدا تكشف جزءا كبيرا من منطقة الصدر أو الظهر وتنورات قصيرة (ميني) وسترات من دون أي شيء تحتها، في دلالة واضحة على أنه من الموالين للرشاقة. فأغلب القطع هنا لن تناسب من لا تتمتع بجسم رشيق ومصقول جدا، كما لن تناسب من لا تميل إلى الجرأة الزائدة والاستعراض. إذا كان هناك مصمم قدم قطعا تجمع العملية بالأناقة البسيطة فهما الثنائي أوفيلي كلير وفرانسوا ألاري صاحبا ماركة «ديفاستي»، اللذان قدما مجموعة من القطع المنفصلة التي يكمن تنسيقها بسهولة خصوصا أن ألوانها هي الأخرى تميزت بالهدوء الكلاسيكي وغلب عليها الأبيض والأسود وألوان الكريم. أخيرا وليس آخرا، عرضت البرتغالية فاتيما لوبيز في آخر اليوم تشكيلة مثيرة مزجت فيه إيحاءات من حقبة الخمسينات بأخرى مستقبلية وأحذية عالية جدا، قد تكون الشيء الوحيد الذي لا يطاق في هذا العرض. فهي غير عملية على الإطلاق عدا أنها خطيرة يهتز لها القلب مع كل خطوة. اليوم الأول انتهى على نغمة مثيرة وخفيفة كما لو أنه يهيئ ضيوف باريس لما هو آت في اليوم الثاني، الذي يمكن القول إنه هو الذي يثير وسائل الإعلام، لما يحشده من أسماء مهمة ومفاجآت.

* من أهم ما سيشهده الأسبوع:

- احتفال دار «كنزو» بعيد ميلاها الـ40 بعرض مميز.

- سيقدم المصمم البريطاني جايلز ديكون أول تشكيلا له لدار «إيمانويل أونغارو»، مما سيجعل العيون كلها مسلطة عليه، خصوصا أن الدار تعاني من سوء حظ لازمها منذ تقاعد مؤسسها، فضلا عن سوء اختيارات مصمميها، وليس أدل على ذلك من النجمة المثيرة للجدل ليندسي لوهان، وعدم قدرة الإسبانية الشابة إيستريلا آرشرز على الاستمرار كمصممة فنية للدار.

- جون بول غوتييه سيقدم آخر تشكيله له لدار «هيرميس» الفرنسية مسلما مشعها لكريستوف لومير، الذي عمل مع دار «لاكوست» من قبل.

- الشابة سارة بيرتون ستقدم أول تشكيلة تحت اسم «الكسندر ماكوين» بعد انتحاره في شهر فبراير (شياط) الماضي، علما بأنها كانت يده اليمنى وعلمت معه لمدة 14 عاما، وتعرف أسلوبه جيدا، لكن مع ذلك فستكون، مثل جايلز ديكون، تحت ضغط كبير، لأن كل الأنظار والأقلام ستكون مسلطة عليها، للمقارنة. في لقاء لها مع مجلة «ويمنز وير ديلي» اعترفت بأن تشكيلتها ستكون ناعمة ومظلمة في الوقت ذاته، لأننا لا نقدر الضوء فيما لو يكون هناك ظلام. كما أشارت إلى أنها لن تتقيد بأسلوبه تماما، بل ستحافظ على قوته التي كانت تتجلى في التفصيل والفساتين المبتكرة بتطريزاتها ونقوشاتها وإثارتها، مع إضافة لمساتها الخاصة.

- الثنائي الياباني جونيا وأتانابي والمصممة الأسترالية كوليت دينيغان سيقدمون عرضا مشتركا في فندق «لوموريس».

- غياب المصمم كارل لاغرفيلد بعد أن قرر أن يتفرغ لتشكيلة جديدة أطلق عليها «ماستيش» وهي كلمة يلخص فيها كلمتي النخبوية والشعبية في كلمة واحدة، وستتوافر على موقع الإنترنت. ولحسن الحظ أن لاغرفيلد أصبح في آخر أيامه يفكر في ذوات الإمكانيات المحدودة، الأمر الذي ستشكره عليه الكثيرات.