مزارع في اسكوتلندا للأسماك والخضراوات.. معا

تعتمد على استخدام علاقة تكافلية بينهما

تعتمد تقنية «أكوابونكس» - وهي مزيج من تربية الأسماك وزراعة نباتات اعتمادا على المياه - على استخدام علاقة تكافلية بين الأسماك والنباتات. وتوفر فضلات الأسماك مواد مغذية للنباتات، التي تقوم في المقابل بترشيح المياه التي تعيش فيها الأسماك
TT

داخل منطقة لولاندز الاسكوتلندية، تحولت محطة إطفاء حرائق قديمة تم التبرع بها لسكان مدينة موفات مقابل بنس رمزي إلى ما يحتمل أن تمثل مزرعة المستقبل. لننس الحقول، ولننس الأعراف المرتبطة بالزراعة الصناعية، فباستخدام تقنية جديدة تُعرف باسم «aquaponics»، سوف تنتج مزرعة موفات أطنانا من الأسماك والخضراوات داخل مساحة مساوية لمساحة مصنع صغير، ومن المقرر بدء الإنتاج قريبا.

وتعتمد تقنية «أكوابونكس» - وهي مزيج من تربية الأسماك وزراعة نباتات اعتمادا على المياه - على استخدام علاقة تكافلية بين الأسماك والنباتات. وتوفر فضلات الأسماك مواد مغذية للنباتات، التي تقوم في المقابل بترشيح المياه التي تعيش فيها الأسماك. وتستخدم قطعا من النباتات كمزيج لتوفير الطعام للديدان، التي توفر طعاما للأسماك، وبهذا تتم الدورة.

ويقول تشارلي برايس، مؤسس «أكوابونكس يو كيه»، وهي منظمة غير ربحية تدير المزرعة: «تعد تقنية أكوابونكس وسيلة للحصول على العديد من المحاصيل بأقل مدخلات من خلال طريقة زراعة مثل دائرة مغلقة».

وينتج الكيلوغرام (2.2 رطل) من طعام الأسماك 50 كيلوغراما على الأقل من الخضراوات و0.8 كيلوغرام من الأسماك، بحسب ما ذكر، مضيفا: «يحافظ النظام الإيكولوجي على نفسه تلقائيا، ويأتي طعام الأسماك من الديدان، ولذا تكون الدورة بالكامل مستقلة».

وتعمل منظمة برايس على صعيد دولي مع مشاريع إنتاج طعام داخل الهند وأفغانستان والعديد من الدول الأفريقية، من بينها أوغندا وكينيا وناميبيا. ولكنها تعمل في الداخل عن قرب. ومشروعها المقبل عبارة عن متجر زراعي حضري داخل لندن سيمكّن الناس من اختيار سلطاتهم والأسماك التي يريدون تناولها من صهريج ضخم.

ويُطلق على المتجر «فارم شوب»، وسيكون داخل منطقة هاكني، وقد أنشأته شركة التصميم «صمثنج آند صن» بالعمل مع المجلس المحلي. ويأمل المتجر أن يكون له رابط مباشر بين المنطقة الحضرية وما يحدث في عملية الزراعة. وقد اختير مكان لذلك، والمشروع في المراحل الأخيرة من الحصول على التمويل.

ويجري استكشاف مستقبل الزراعة الحضرية داخل ميلووكي، حيث توجد مقرات بعض أبرز شركات الأكوابونكس. وتربي شركة «سويت ووتر أوغانكس»، وهي شركة أكوابونكس حضرية، أسماك الفرخ وخضراوات داخل مصنع قديم كانت فيه شركة تعدين حتى الخمسينات. وقد باعت المزرعة، التي أسسها جيمس غودسيل وجوش فروندروف في يناير (كانون الثاني) 2009، الآلاف من الأسماك وتنتج نحو 70 كيلوغراما من الخضراوات أسبوعيا. وتشهد المزرعة عملية توسع متسارعة، وتخطط لإنتاج ما بين 360 كيلوغراما و450 كيلوغراما من الخضراوات أسبوعيا وتربية عشرات آلاف الكيلوغرامات من الأسماك خلال الأعوام المقبلة.

وقد تعلم غودسيل وفراندورف التقنيات بدرجة كبيرة من ويل آلن، وهو مزارع حضري حاصل على زمالة ماك آرثر، ومن خلال التجربة والخطأ.

ويقول غودسيل: «نعتقد أن هذا الجهد الأول في العالم من أجل تحويل مصنع إلى مزرعة أسماك ومزرعة خضراوات في الوقت ذاته». وأضاف: «لقد أجرينا تجارب على 40 نوعا من الخس، وحددنا ثلاثة أو أربعة، ونقوم بتجربة السبانخ في الوقت الحالي».

وقد بدأت المزرعة باستثمار قيمته 50000 دولار وجذبت نحو مليون دولار في صورة تمويل خلال العشرين شهرا الماضية وشراكات مع كلية الهندسة بميلووكي وشراكة غير رسمية مع جامعة سترلينغ داخل اسكوتلندا. وتناقش المزرعة مستقبل خطة قيمتها 30 مليون دولار لقرى تابعة لـ«سويت ووتر»، ستشمل مطاعم ومقاهي بها أطعمة أنتجت من خلال تقنية أكوابونكس.

وتحصل المزرعة على دعم من جامعة ويسكونس و«سي غرانتس»، وهو برنامج حكومي أميركي، من أجل تربية أسماك الفرخ ويحتمل تربية أسماك بلوغيل، وهي فصائل موطنها داخل البحيرات العظمى ولكنها في تراجع. ويقول غودسيل: «الأسماك التي تنتجها عبارة عن أحد أشكال البروتين خلال القرن الحادي والعشرين لن تؤذي كوكب الأرض».

ولا تزال تقنية أكوابونكس الصناعية في بدايتها، حيث لا توجد سوى خمس منشآت على أكثر من 0.4 هكتار، أو فدان واحد، في العالم، على الرغم من تزايد الاهتمام، ولا سيما في مناطق يوجد بها نقص في المياه. وتستخدم تقنية أكوابونكس مياها أقل بما بين 80 إلى 90 في المائة بالمقارنة مع وسائل الزراعة التقليدية.

وداخل باربادوس، حيث تندر المياه العذبة وتستورد 80 في المائة من الطعام، بحسب ما يفيد به معهد «إنتر أميركان للتعاون الزراعي»، بدأ مشروع أطلق عليه «أكوابونيك آيلاند» العام الماضي، بهدف تعريف المزارعين على فوائد تقنية «أكوابونكس» كي تكون التقنية المفضلة لديهم خلال أربعة أعوام. ويحصل المشروع على تمويل من برنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة ووزارة الزراعة في بربادوس ومؤسسة «بيردز فيليدج أكوابونكس».

وفي أستراليا، حيث عانى المزارعون الجفاف طيلة العقد الماضي، نمت شعبية أنظمة الأكوابونكس في الأفنية الخلفية للمنازل. ويبيع جويل مالكولم، الذي افتتح أول متجر في العالم لبيع أنظمة الأكوابونكس تحت مسمى «باكيارد أكوابونكس» في مدينة بيرث الأسترالية، نحو 300 نظام في العام.

وقال مالكولم: «في ظل القيود التي جرى فرضها بشأن المياه في كل مدينة تقريبا في جميع أنحاء البلاد، لا يستطيع الناس امتلاك حدائق الخضراوات التقليدية الخاصة بهم. فالمقدرة على إنتاج أسماك وخضراوات بدون استخدام الكيماويات في الفناء الخلفي الخاص بمنزلك لا توفر لك الأموال فحسب، لكنها تقدم أيضا المتعة والشعور بالرضا. وفي الآونة الأخيرة، كان هناك عدد قليل إلى حد ما من المدارس تنصب أنظمة هنا باعتبارها أدوات تعلم بالنسبة إلى الأطفال».

وفيما تعد أنظمة الأفنية الخلفية للمنازل في مراحلها المبكرة في الولايات المتحدة، فإن شعبيتها في ازدياد، في ظل تقديرات بأنه قد يكون هناك من 800 إلى 1200 مشروع أكوابونكس في المنازل والأفنية الأميركية، ونحو ألف مشروع آخر في المدارس، وذلك وفقا لدورية «أكوابونكس جورنال».

هل من الممكن أن تكون هذه الوسيلة الخالية تقريبا من المخلفات لإنتاج الغذاء الحل السحري لمعالجة أزمات نقص الغذاء التي يتوقعها البعض على مستوى العالم؟ وقد حذر بريت رو، الذي بحث أنظمة الإنتاج المتكاملة من الناحية البيئية بجامعة كوينزلاند الأسترالية، من أن ذلك قد لا يكون الحل العام لجميع المشكلات. وأضاف: «تقدم أنظمة الأكوابونكس أمن الغذاء اللا مركزي على نطاق صغير، وإعادة استخدام الموارد. كل مقدار صغير يعد مفيدا. لكن في الدول النامية، قد يكون من الأفضل زراعة الأسماك في الأحواض واستخدام المياه المخلفة في المحاصيل القائمة على التربة؛ وهو ربط بسيط بين تربية الأحياء المائية وزراعة المحاصيل التي لها نفس التأثير العام لإعادة استغلال الموارد ويمكن ممارستها على نطاق اقتصادي أوسع».

وفي حين لا تزال أنظمة الأكوابونكس في مراحلها المبكرة، حسبما يقول غودسيل، فإن إمكاناتها تعد مثيرة.

وقال: «ألهم نظام الأكوابونكس الرؤى الطوباوية العملية، التي تظل تستقي شرعيتها من الحقائق. نحتاج إلى حلول لما قد يكون لحظة بيرل هاربور بالنسبة إلى أنواع الحيوانات، إذا ظلت اتجاهات الاحتباس الحراري في نفس الطريق الذي يتنبأ به آل غور (نائب الرئيس الأميركي الأسبق) والعلماء».

وقال برايس، مؤسس «أكوابونكس يو كي»، «فيما يتعلق بمتطلبات توفير مزيد من الطاقة والغذاء خلال العشرين عاما المقبلة، تستطيع أكوابونكس لعب دور حيوي. ليس لديها تكنولوجيا جديدة، حيث إنها في الحقيقة جرى توثيقها في المقام الأول على أيدي الأزتكيين، لكن عندما يجري تبنيها في المناخ الجديد الخاص بنا، فإنها تقدم نظاما مستداما ومربحا للغاية لإنتاج الغذاء».

* خدمة «نيويورك تايمز»