قضية سوزان تميم تطفو مجددا على السطح

معتوق يعتزم التقدم بشكوى للتفتيش القضائي.. وطلعت يعلن احترامه للمحكمة.. والزيات يؤكد: طعن النيابة يعيدهما لحبل المشنقة

TT

في الوقت الذي تستعد فيه لإنزال الستار على آخر مشاهدها الدراماتيكية، أبت قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم أن تنتهي، وطفت مجددا على سطح الأحداث في الشارعين المصري والعربي.. فبينما تقدم دفاع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وضابط الأمن السابق محسن السكري بطلب للطعن على الحكمين الصادرين ضدهما، بسجن الأول 15 عاما والثاني 28 عاما، وذلك بحثا عن البراءة أو تخفيف الحكم، دخلت أطراف أخرى على خط القضية لتطالب النيابة العامة بالطعن على الحكم والعودة مرة أخرى إلى الحكم السابق بإعدامهما.

حيث أكد المحامي منتصر الزيات، الذي يتولى الادعاء بالحق المدني عن عادل معتوق أحد أزواج المجني عليها سوزان تميم، أنه تقدم بطلب للنائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود بالطعن على الحكم الصادر من محكمة الجنايات، لتطلب النيابة بدورها نقض الحكم الأخير الصادر من محكمة الجنايات برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة وإلغاءه، والقضاء مجددا بالإعدام شنقا على المتهمين.

ووصف الزيات الحكم بـ«الفضيحة»، مؤكدا أنه «لا سابقة له في القضاء المصري». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس المحكمة استند في حكمه إلى حكم سابق، وهو الحكم الشهير الخاص بقضية نواب القروض، الذي أصدرته الجنايات برئاسة المستشار أحمد عزت العشماوي، إلا أنه نسي أو تناسى أن البون شاسع جدا بين الحكمين.. لأن المحكمة حكمت في قضية نواب القروض بعد حجز القضية للحكم، والتصريح للدفاع بتقديم المذكرات التي عبروا فيها عن دفوعهم، على عكس ما حدث في هذه القضية».

وقال الزيات «تقدمت ببلاغ إلى النائب العام طالبت فيه النيابة بالطعن على الحكم، لأنها صاحبة الدعوى العمومية التي تمثل المجتمع، فيتعين عليها اتخاذ اللازم قانونا نحو نقض الحكم وإعادة فتح ملف القضية من جديد أمام محكمة النقض».

ونفى الزيات ما يشاع في وسائل الإعلام عن أن محكمة النقض ليس من حقها تشديد العقوبة في المرحلة القادمة، حيث أفاد بأن «هناك خلطا والتباسا على الرأي العام في هذه المسألة.. إذ إن القانون ينص على أنه لا يجوز تشديد العقوبة على المتهمين، في حال أن يكون الطعن المقدم أمام محكمة النقض منهما فقط، تطبيقا لقاعدة قانونية تنص على أن: الطاعن لا يضار بطعنه.. أما في حال تقدم النيابة العامة بطعن مضاد، بوصفها الخصم للمتهمين، ففي هذه الحالة تستطيع المحكمة تشديد العقوبة باعتبار أن جميع الأطراف قد طعنوا على الحكم».

وأضاف الزيات «المحكمة أصدرت حكمها بشكل مفاجئ ولم تستمع إلى دفاعنا، ولم تستكمل سماع الشهود، وهذا يعد مخالفة صريحة للقانون، ويعد إخلالا بحق الدفاع يبطل الحكم حتما».

وكشف الزيات عن عزم موكله التقدم بشكوى للتفتيش القضائي المصري خلال ساعات، لطلب التحقيق حول ملابسات صدور الحكم بطريقة تجعله باطلا، مما يسهل نقضه، وهو أمر إن لم تطعن عليه النيابة العامة فسوف يصب في صالح المتهمين.

ومن جانبه، أصدر هشام طلعت بيانا من داخل محبسه بسجن مزرعة طرة (جنوب القاهرة)، قال فيه إنه يكن - وهيئة دفاعه - كامل الاحترام والتقدير للهيئة القضائية الموقرة التي يرأسها المستشار عادل عبد السلام جمعة، وكذا النيابة العامة، على الرغم من الاختلاف القانوني في الرأي، موضحا أن هذا الخلاف سيعبر عنه دفاعه أمام محكمة النقض أثناء نظر الطعن على الحكم باعتباره المجال الوحيد الذي كفله القانون للطعن على الأحكام.

والتمس طلعت التزام وسائل الإعلام بالضوابط والمبادئ المستقر عليها عند تناول وقائع القضية وأدلتها، وذلك حتى تكون الكلمة النهائية لمحكمة النقض التي سينصاع إليها الجميع باعتبارها المحكمة العليا، التي سيمثل الحكم الذي سيصدر عنها عين الحقيقة الباتة، وليس لأحد أن يراجعه أو يتناوله بالتعقيب أو بالمناقشة.

إلى ذلك، أوضحت مصادر قانونية رفيعة المستوى أنه سيتم إسدال الستار على قضية سوزان تميم بحلول شهر أبريل (نيسان) من العام المقبل، حيث ستنظر المحكمة في دعوى النقض على الحكم الذي أعلن دفاع كل من هشام طلعت والسكري عزمه تقديمه لها استنادا إلى وجود أخطاء في تطبيق حكم القانون بالقضية، إلى جانب خطأ جسيم في إجراءات التقاضي تمثل في أن هيئة المحكمة لم تعط للدفاع عنهما فرصة للمرافعة في القضية بمفاجأتها للجميع بإصدار الحكم، وهو ما رأى الدفاع أنه يمثل خللا في إجراءات التقاضي.

ومن جانبها، قالت مصادر بالنيابة العامة المصرية إن النيابة لا تستطيع الآن الجزم بأنها ستتقدم أو لن تتقدم بطعن على هذا الحكم بغية تغليظ العقوبة، موضحة أن ذلك الأمر سيتوقف على دراسة حيثيات الحكم لبيان إذا ما كان به خطأ في تطبيق حكم القانون على المتهمين أم لا، مشيرة إلى أن استعمال المحكمة للرأفة، والنزول بدرجة العقوبة من الإعدام شنقا إلى السجن المؤبد للسكري والسجن المشدد 15 عاما لهشام طلعت، جاء في أعقاب متغير جديد في المحاكمة الثانية تمثل في تنازل أسرة سوزان تميم عن الدعوى المدنية (التعويض) فيما يخص هشام طلعت مصطفى وحده.

وأوضحت مصادر قانونية أن محكمة النقض سيكون أمامها أحد خيارين، إما أن تؤيد الحكم الأخير فيصبح باتا ونهائيا ولا يجوز الطعن عليه بأي صورة من صور التقاضي، أو أن تقضي بنقض (إلغاء) الحكم لتحدد في الوقت نفسه جلسة أخرى لتباشر بنفسها المحاكمة الجنائية الثالثة والأخيرة للمتهمين.

وعلى صعيد ذي صلة، أبدت الدوائر القضائية المصرية امتعاضا واستياء شديدا من انتقادات نالت من الحكم وهيئة المحكمة التي أصدرته على نحو يمثل إساءة للسلطة القضائية، مؤكدة أن تناول الحكم على هذا النحو يمثل مخالفة للقانون، ويمكن أن يعرض من يتناوله بالنقد والهجوم للمساءلة لمساسه بهيبة السلطة القضائية.