40 خبيرا دوليا يحولون قرية حسن فتحي إلى «محمية معمارية»

عبر مؤتمر تبدأ فعالياته اليوم في الأقصر بدعوة من «اليونيسكو»

TT

يتحلق اليوم السبت، أكثر من 40 عالما وخبيرا من شتى دول العالم، في مؤتمر دولي تنطلق فعالياته في محافظة الأقصر الأثرية، بصعيد مصر، وذلك لإحياء قرية المعماري العالمي الراحل حسن فتحي، وإعادتها إلى الوجود بشكل حضاري وجمالي يليق بتراثه في فن العمارة، وتدشينها كأول «محمية معمارية» في مصر.

ينظم المؤتمر على مدى يومين تلبية لدعوة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، تحت رئاسة فرانسيسكو بندارين رئيس «مركز اليونيسكو للتراث العالمي» ونائب رئيس المنظمة. ثم إنه يأتي استجابة لأصوات كثيرة ارتفعت في الفترة الأخيرة مطالبة بالإسراع في إنقاذ ما تبقى من معالم القرية التي أنشاها حسن فتحي قبل 50 سنة بصعيد مصر، وقدّم من خلال طابعها المعماري نموذجا مدهشا في الاعتماد على استخدام الخامات البيئية والطبيعية. وللعلم، تبلغ مساحة المنزل في القرية 200 متر، منها 80 مترا مربعا للمباني والباقي مساحات مفتوحة كأفنية.

هذا، ويقول المهندس عماد فريد، خبير العمارة البيئية وأحد المشاركين في المؤتمر إنه بعد رحيل حسن فتحي «تغيّر مشهد القرية جذريا»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط» شارحا: «إن قرية حسن فتحي، أو (القرنة الجديدة)، شيّدت أمام قرية القرنة القديمة التي كانت تسكنها قبائل عربية منذ أكثر من 100 سنة. وكانت هذه القبائل تقف حائلا أمام البحث عن اكتشافات أثرية جديدة». وتابع «وقتها، قرّر حسن فتحي تشييد بيوت يغلب عليها الطابع المصري القديم، تشبه البيوت النوبية القديمة من حيث نظام القبوات والقباب. وبالفعل، بنى حسن فتحي قرية متكاملة أطلق عليها اسم (القرنة الجديدة)، واعتبرها نموذجا للقرية المصرية القديمة، وجرى تزويد القرية بسوق ومسرح ومركز للحرفيين. غير أن الوضع الجديد لم يغرِ أهالي الأقصر بالسكن في القرية، بل هُجرت لفترة طويلة، واختفى جزء كبير من معالمها، وحدثت في بيوتها تشققات وانهيارات، كما تعدّى بعض الأهالي على معالمها بالبناء بالطوب الأسمنتي. ولذا أرادت (اليونيسكو) أن تعيد إلى القرية طابعها الأصلي عن طريق ترميم بيوتها وإنشاء مدرسة حرفية فيها». وكشف فريد، في سياق كلامه، أنه ما زالت هناك أجزاء في القرية بحالتها الأصلية مثل منزل حسن فتحي الذي بناه وكان يقيم به، وكذلك المسرح والمسجد.

من ناحية ثانية، قال أحمد أبو المجد، عضو المجلس المحلي لقرية «القرنة الجديدة» خلال حوار معه: «إننا ننتظر أن يخرج مؤتمر (اليونيسكو) بتوصيات لإعادة قرية حسن فتحي إلى صورتها الأولى بعدما أصابها الإهمال، وتآكلت جدران البيوت وتشققت أسقفها ومالت حوائطها». وأضاف أن المجلس المحلي كان أول من طالب المسؤولين بالاهتمام بالقرية، وإعادتها إلى سابق عهدها.

ومن جهته، قال الدكتور سمير فرج، محافظ الأقصر، في حديث هاتفي معه، إن المؤتمر «يأتي في إطار المشروع الكبير الذي تشهده الأقصر بالتعاون مع منظمة اليونيسكو بهدف تطوير وترميم قرية حسن فتحي أو (القرنة الجديدة)، التي بناها المهندس المعماري الكبير في البر الغربي بالأقصر منذ أكثر من 50 سنة، وتميّزت بطابعها المعماري الذي اعتمد على استخدام الخامات البيئية والطبيعية». وأردف: «لقد حظيت مؤخرا باهتمام دولي كبير بعد قرار مجلس الوزراء المصري في يوليو (حزيران) 2009 تحويل القرية إلى (محمية تراثية) وإعادة ترميمها وصيانتها».

كذلك أبلغ فرج «الشرق الأوسط» أن المؤتمر «سيناقش نتائج المسح الذي أجرته منظمة اليونيسكو، وطرق فهم واستيعاب الرؤية المتعلقة بقرية حسن فتحي، والمبادئ الخاصة بوضع استراتيجية لحفظ وحماية مشروع (القرنة الجديدة)». وأضاف أنه «ستشكل خلال أعمال المؤتمر ثلاث لجان، هي لجنة للعلماء وأخرى للتسيير وثالثة للإشراف والتنفيذ، لكي يصار من ثم إلى تطوير وترميم القرية بالأسلوب العلمي الصحيح».

وأعلن محافظ الأقصر أيضا أنه من المقرر كذلك إنشاء مركز دولي للصناعات الحرفية في القرية تتولّى «اليونيسكو» تشييده والإشراف عليه، ويضم متخصصين من مختلف دول العالم ستكون مهمتهم تدريب وتأهيل العاملين في مجال الصناعات اليدوية.