أرفع جائزة للأدب الإنجليزي يفوز بها هاورد جاكوبسن عن «سؤال فينكلر»

«مان بوكر» للأدب الإنجليزي تمنح لأول مرة لرواية «كوميدية»

الكاتب والناقد البريطاني هاورد جاكوبسن مع روايته «سؤال فينكلر» (رويترز)
TT

على الرغم من أن رواية «سؤال فينكلر» للروائي البريطاني هاورد جاكوبسن وصلت إلى الأدوار النهائية وشقت طريقها بنجاح إلى القائمة القصيرة لجائزة «مان بوكر»، المكونة من 6 كتب، فإنها ظلت خارج التوقعات بالفوز. كل التوقعات كانت تدور حول رواية «سي» لتوم مكارتني، التي اضطرت بعض مكاتب المراهنات التي كانت تراهن عليها للفوز بالجائزة إلى إيقاف تلقي المراهنات لما قد يسبب ذلك لهذه المؤسسات من خسائر مادية. وفي هذا السياق لم تكن المراهنات على فوز رواية «سؤال فينكلر» عالية أو مربحة، واعتبرت خارج المنافسة وغير مصنفة، أي أن فوزها غير متوقع أبدا.

السبب أن «سؤال فينكلر» أو (المسألة اليهودية) لم تكن في المستوى الجدي الذي يؤهلها إلى الفوز، كما هو المعتاد بالنسبة لهذه الجائزة البريطانية، فهي أول رواية كوميدية تفوز بأهم جائزة في العالم للأدب الإنجليزي.

الكاتب والناقد البريطاني اليهودي هاورد جاكوبسن (68 عاما)، كتب في عدد من الصحف البريطانية، وكان له عمود دائم في صحيفة «الإندبندنت»، ومعروف بأسلوبه الفكاهي.

وقال الروائي الفائز للصحافيين بعد تسلم الجائزة في غيلدهول بلندن: «كنت مذهولا حقا. سئمت من وصفي بـ(هاورد جاكوبسن غير المصنف)». وأضاف قائلا: «محكمو جائزة (مان بوكر) احتضنوني قليلا عندما كنت في القائمة الأولية ثم شعرت بالعناق الحار عندما أصبحت في القائمة القصيرة. لكن لم أعتقد أبدا أن الأمر سيكتمل».

وأضاف جاكوبسن، الذي ظهرت أول رواية له قبل 27 عاما، أنه بدأ يتساءل عما إذا كان سيفوز يوما ما بالجائزة في عامها الثاني والأربعين. المعتاد أن يقوم الفائز بإلقاء خطاب مقتضب بعد تسلم الجائزة. وقال جاكوبسن في هذا السياق: «لحسن الحظ فقد جهزت خطابا، وهذا الخطاب يرجع تاريخه إلى عام 1983»، أي أنه نفس الخطاب الذي جهزه عندما ترشح لها أول مرة. «وهذه هي الفترة التي انتظرت خلالها الحصول على الجائزة».

وتتناول رواية «سؤال فينكلر»، حسب تقديم الناشر للكتاب، قصة ثلاثة أصدقاء: ليبور وسام، وهما أرملان يهوديان، وجوليان، أثناء تفكيرهم في حلول لأزمتي الهوية والضياع. صديقهم الثالث يحاول أن يعتنق اليهودية. وتدور أحداث الرواية حول علاقات الأصدقاء بعضهم ببعض، وبأزمة الهوية الشخصية التي يواجهونها.

وقال الشاعر أندرو موشن، شاعر البلاط السابق، رئيس لجنة التحكيم، إن من الخطأ وصف عمل جاكوبسن بأنه كوميدي بحت، «إنه كوميدي ومضحك، لكنه ضحك في الخفاء». أحد العناوين الرئيسية في الصحافة البريطانية جاء ليعكس انحراف الرواية عن مسارها التقليدي، وقالت صحيفة «الإندبندنت» إن الرواية «وضعت أخيرا بسمة على وجه الجائزة»، أي أن الفكاهة هو ما يميزها. وكان قد صوت 3 أعضاء في لجنة التحكيم لصالح هاورد جاكوبسن مقابل صوتين. ورفض أندرو موشن الإفصاح عن الصوت الأخير الذي حدد في النهاية إلى من تذهب الجائزة، ومن جاء في المرتبة الثانية، «حتى لا يبقى الخاسر يعض وسادته طوال الليل»، كونه خسر بفارق صوت واحد.

وبالإضافة إلى رواية «سؤال فينكلر» لهاورد جاكوبسن، و«سي» لتوم مكارتني، هناك أربع روايات أخرى على القائمة القصيرة وهي رواية «الغرفة» للايما دونغهيو، التي تتناول قضية السويسري الذي سجن ابنته في قبو لمدة 24 عاما واغتصبها وأنجب منها أطفالا، ورواية «الأغنية الطويلة» لأندريه ليفي، ورواية ديمان غالغوت «في غرفة غريبة»، و«الببغاء وأوليفار في أميركا» لكيري.

فوز هاورد جاكوبسن لم يكن متوقعا، وذلك لأسباب أخرى غير التي ذكرت سابقا، والتي تخص الموضوع الفكاهي للرواية. لقد وصف الجائزة عام 2001 بأنها «بغيضة»، مضيفا، في مناسبة أخرى، أن هناك مؤشرات على أن بعض أعضاء لجنة التحكيم «غير قادرين على القراءة».

وقال جاكوبسن، الذي ولد في مانشستر بشمال إنجلترا، حيث كانت بها تاريخيا جالية يهودية كبيرة، إن الرواية تدور حول التجربة اليهودية في بريطانيا. وأضاف: «إنني أستعرض طرق التفكير عند اليهود في الرواية الإنجليزية».

وقالت الناقدة الأدبية اريكا واغنر، التي تكتب في صحيفة «التايمز» إن عمل هاورد جاكوبسن في هذه الرواية يمثل ما قام به الروائي الأميركي الشهير فيليب روث في أعماله، وهو التعامل مع الهوية اليهودية في أماكن وجودها في المجتمعات المختلفة، مضيفة أن هذا الجانب لم يكن واضحا في أعمال الكتاب اليهود في بريطانيا. ووجه جاكوبسن الشكر إلى هيئة التحكيم، ومدرسي النحو الذين علموه في المدرسة، ووالدته التي قال إنها علمته «حب الأدب».

وبالإضافة إلى شيك بمبلغ 50 ألف جنيه إسترليني (80 ألف دولار) وهي قيمة الجائزة، وقائمة طويلة لإجراء مقابلات مع وسائل الإعلام العالمية، فإن جاكوبسن يمكن أن يرى ارتفاعا في مبيعات أحدث رواية له.