«كانون» تقدم تكنولوجيا التصوير بأحدث وأحلى صورها في باريس

الكاميرا ترى ما لا تراه أعين البشر وتساعد في تشخيص أعقد الأمراض

«كانون» افتتحت أول فرع لها في مدينة جنيف عام 1957 أي في معقل الصناعات الدقيقة في سويسرا
TT

«نتكلم الصورة».. بهذه العبارة تستقبل لافتة كبيرة زوار المعرض الكبير الذي نظمته شركة «كانون» للأجهزة الإلكترونية وتقنيات التصوير في باريس، ودعت إليه شركاءها وفريقا من الصحافيين من مختلف أنحاء العالم. والشركة قد تكون يابانية الهوية، لكن القائمين عليها يدركون أنه ما من شركة كبيرة، اليوم، لم تعمد إلى تعدد الهويات وعبور القارات والتعامل مع مختلف اللغات. لذلك تبقى لغة الصورة هي القاسم المشترك الجميل والعبقري بين الجميع.

قبل التجول في أرجاء المعرض وتجربة أحدث ما توصلت إليه العقول البشرية من أجهزة وكاميرات وطابعات، كان لا بد من تأمل الأرقام التي قدمها للحضور رئيس «كانون» فيجيو ميتاراي. إن الرجل يجلس في هذا المنصب، أو بالأحرى يتحرك فيه، منذ 15 عاما. وهو يدير مجموعة صناعية تتعامل بميزانية تفوق موازنات دول صغيرة. ويقول إن المعدات الإلكترونية المكتبية الموجهة للشركات وللأفراد أسهمت في رفع الإنتاجية مع تقليل الكلفة. وقد بلغت المبيعات في أُوروبا، وحدها، خلال العام الماضي 10 مليارات يورو.

ولعل هذا النجاح الأُوروبي هو الذي قاد إلى اختيار العاصمة الفرنسية مكانا لهذا المعرض. لكنه نجاح يستند إلى مسيرة مضنية. فقد كانت «كانون» قد افتتحت أول فرع لها في «القارة العجوز» عام 1957، في مدينة جنيف، أي في معقل الصناعات الدقيقة في سويسرا. واليوم هناك مقران أوروبيان أساسيان، في لندن وأمستردام. مع تركيز على المقر البريطاني وامتدادات إلى أوروبا الشرقية وروسيا والصين وأفريقيا والشرق الأوسط. وتحظى المنطقة العربية باهتمام الشركة المتزايد، فهي مثل غيرها من البقاع الاقتصادية النشطة في العالم، تأثرت بالأزمة الأخيرة لكنها بدأت تتعافى من آثارها.

قد تبهر زائر المعرض الأجهزة الطباعية الضخمة القادرة على إنتاج ملصقات كبيرة خارقة الدقة، خصوصا في نقاء الألوان، وذلك في دقائق. وكانت هناك عارضة تقف على منصة، وحال التقاط المصور لصورة لها فإنه يرسلها، إلكترونيا، إلى حاسوب يتولى تدقيقها وتأطيرها قبل أن يرسلها بدوره إلى ماكينة الطباعة التي تطلقها من فوهتها، أمام أنظار الزوار، مطبوعة على ورق مصقول فاخر، كل ذلك في أقل من سبع دقائق.

وهناك أجهزة أخرى صغيرة وتقنيات جديدة بسيطة لكنها بالغة الفائدة في اختصار الوقت وتسهيل تعامل الإنسان مع الآلة. ومن هذه المستجدات التي أثارت فضول الزوار فأرة كومبيوتر (ماوس) صغيرة مزودة بالأرقام، مثل آلة حاسبة، تتيح للمستخدم طباعة الجداول الحسابية والتحرك بين خطوطها بكف واحدة هي الكف الممسكة بالفأرة والناقرة على الأرقام الموجودة فوقها.

وتتيح الكاميرات الجديدة فرصا واسعة في ميادين المراقبة وتوفير الأمن والأمان للبيوت والمؤسسات. كما قدم المعرض لزواره نماذج كثيرة من الكاميرات الفائقة الدقة، بمختلف أنواعها الخاصة بالصور الثابتة أو الأفلام. وكلما تقدم الزمن صغرت الآلة وارتفعت خدماتها. وأفرد المعرض زاوية لفنان تشكيلي كان يرسم على لوحات أمامه بينما تتولى عدة كاميرات فيديو تصويره وبث الصور على شاشات قريبة، بحيث يدهش المتفرج لمدى التطابق في الألوان بين الأصل المرسوم والصورة. وتسمح هذه الأجهزة بتصوير الأعمال الفنية بدرجة عالية من الأمانة لألوانها الأصلية، وبثها على نطاق واسع.

ويركز مهندسو الشركة، ومخترعوها، حاليا، على تطوير ميدان «الحقيقة المختلطة». والمقصود بها الصور المجسمة أو الثلاثية الأبعاد التي تتداخل فيها الصورة المسطحة بالشكل المجسم. ومن المعروف أن السينما اليوم تسعى وراء نشر هذا النوع من الأفلام وإخراجه من نمط الخيال العلمي إلى نوع أكثر شيوعا ومن دون استعمال النظارات الخاصة بالمشاهدة. إن القائمين على «كانون» يؤمنون بأن قيمة الشركات الكبرى تقوم على قدرتها في التجاوب مع تحولات العصر ومتطلباته.

من هنا، فإن الثورة الحقيقية التي تسهم فيها الشركة هي توسعها في ميدان أجهزة التصوير الطبية. وتكمن الثورة في أن أجهزة التصوير الفائقة الدقة تستطيع أن تسبر الجسم المرئي وأن ترى تفاصيل تعجز العين البشرية عن رؤيتها. وبفضل هذه الأجهزة بات في الإمكان الوصول إلى تشخيص دقيق لعدد من الأمراض وكشف متقدم للأورام. من ذلك الفرص العالية لاكتشاف سرطان الثدي، مثلا، في فترة مبكرة. وهناك الأجهزة المستخدمة في مجال طب العيون والتي تسمح بسبر أغوار العينين وتحديد مواطن الخلل في أجزائهما الداخلية. وتتعاون «كانون» في هذا الميدان مع شركة «أوبتوبول» الرائدة في معدات فحص البصر.

أما الجهاز الذي يستوقف النساء، بشكل خاص، فهو ذاك الذي يتيح إجراء تصوير شعاعي للصدر (ماموغرافي) بشكل يختلف عن الأجهزة المزعجة المستعملة حاليا والتي تجعل من هذا الفحص تجربة قاسية تتفاداها السيدات، رغم أهميتها الحيوية لصحتهن. والجهاز الجديد عبارة عن سرير مريح ترقد عليه المريضة على بطنها، مع فجوات للثديين تسمح بالتصوير المقطعي من دون ضغوط الجهاز التقليدي وألواحه الزجاجية المتحركة. كما طورت مختبرات «كانون» أجهزة تصوير مقطعي متقدمة خاصة بفحص الحمض النووي. والاستثمار في الميدان الطبي و«الروبوتات» الذكية ما زال مستمرا وبمئات الملايين.

وهم في «كانون» يؤمنون بأن صورة واحدة تعادل آلاف الكلمات. وقد استثمروا الكثير في ميدان التداخل والتفاعل بين المجالات المختلفة لاستخدام الصورة. إن الإنسان العصري يريد أن يرى الصورة التي التقطها تتجول بيسر وسرعة ما بين كاميرته وحاسوبه وهاتفه النقال وشاشة العرض أو التلفزيون في بيته، أو داخل إطارات ثابتة ذات مشاهد متحركة على طاولة مكتبه. وكلما تقدمت التقنيات صار الأمر أشبه بلعبة مسلية.