مفتشو الصحة في مواجهة المطاعم المتنقلة في لوس أنجليس

سيتم إلزام 9500 منها بتقديم خريطة بالطرق التي ستتنقل فيها

يخول لمفتشي الصحة سلطة إغلاق أي مطعم متنقل ينال تقديرا أقل من المتوسط باعتباره لا يولي اهتماما كافيا بالسلامة والصحة المرتبطة بالغذاء
TT

هذا مكان شهد المرة الأولى التي انطلقت خلالها المطاعم المتنقلة (الشاحنات الضخمة التي جرى تحويلها إلى مطاعم متنقلة) إلى الطرق لتخدم شريحة من العملاء تبدو مستمتعة بالطعام المقدم لها والطابع المثير غير القانوني لهذه المطاعم.

بيد أن هذه الأيام ربما تكون قد شارفت على نهايتها، حيث تتخذ مقاطعة لوس أنجليس خطوات ترمي إلى إخضاع الـ9500 مطعم متنقل الموجود على أراضيها إلى القواعد ذاتها التي أقرتها وزارة الصحة وتحكم عمل المطاعم - بما في ذلك ضرورة أن تبرز خطابا يضم درجة تقييمها من جانب مسؤولي التفتيش على الأغذية - بينما قد يشكل المؤشر الأكبر أن هذه الأطعمة التي شكلت لفترة صيحة جديدة ستنضم إلى التيار الغذائي الرئيسي.

وسيتم إلزام المطاعم المتنقلة، التي تعززت جاذبيتها بظهورها واختفائها الغامض، بتقديم خريطة إلى وزارة الصحة بالطرق التي ستتنقل بها، بهدف تيسير عملية تفتيش ميداني واحدة على الأقل سنويا، إلى جانب عملية التفتيش السنوية المفروضة عليها حاليا.

ومثلما الحال مع المطاعم، سيخول إلى مفتشي الصحة سلطة إغلاق أي مطعم متنقل ينال تقديرا أقل من «سي» (متوسط)، باعتباره لا يولي اهتماما كافيا بالمطالب الأساسية للسلامة والصحة المرتبطة بالغذاء - مثل أن يوجد به أسطح قذرة أو بقايا طعام أو يتعامل العاملون به مع الطعام من دون أن يغسلوا أيديهم.

في هذا الصدد، قال جوناثان إي. فيلدينغ، مدير قسم الصحة العامة بمقاطعة لوس أنجليس: «يتساءل الناس: نرى تقديرات (إيه) و(بي) و(سي) في المطاعم، لكن لا نراها في الأخرى المتنقلة، لماذا؟»، وأشار إلى أن لوس أنجليس شهدت تراجعا في أعداد الأفراد الذين يجري علاجهم بالمستشفيات بسبب تسمم الغذاء بنسبة 13 في المائة منذ أن فرضت المقاطعة للمرة الأولى على المطاعم هذه القواعد عام 1997. وأضاف: «نريد جعل حماية المستهلكين من الأطعمة المحملة بالأمراض في مقدمة الاهتمامات طيلة الوقت».

في كل الأحوال، تعد هذه لحظة مهمة في تاريخ تطور المطاعم المتنقلة، التي جاءت إلى المدينة كرمز لميراث «الغرب الأميركي»، حيث من الممكن أن تسير عبر الشوارع لتقابلك مجموعة متنوعة من العروض ما بين اللحوم التقليدية وأطعمة تحمل مزيجا بين المطبخ الكوري والمكسيكي، يجري بيعها على شاحنات تحمل ألوانا زاهية. وتجتذب هذه الشاحنات حشودا من العملاء الذين يبدو من عدم اكتراثهم حيال إمكانية فرض هذه التنظيمات الجديدة، حسبما انعكس على المقابلات التي أجريت مع بعضهم على الأقل، أن المخاطر الغذائية المرتبطة بالمطاعم المتنقلة ربما كانت جزءا من الإثارة التي كانوا يشعرون بها لدى إقبالهم عليها.

من جانبه، قال جويل ميكاليف (37 عاما): «في بعض الأحيان، أشعر بألم جراء تناول الطعام في هذه المطاعم التي لا يبدو أنها تحافظ على النظافة كما ينبغي. وأحيانا أتخيل أن معدتي باتت مليئة بصراصير زاحفة. لكنني على ثقة بأن بعض المطاعم التي تحصل على تقدير (إيه) (ممتاز) تعاني من بعض المشكلات التي يتعذر عليك رؤيتها». إلا أن ديبورا بيكمان (35 عاما) التي تتناول الطعام في هذه المطاعم يوميا، أكدت أنها ستولي اهتماما بكل لوحة تقييم معلقة، مثلما تفعل مع المطاعم التقليدية. وأضافت: «لم أتناول الطعام قط في مطعم يحمل لافتة تقدير (سي)، وأشعر بقلق حيال تناول الطعام في مطاعم أخرى تحمل تقدير (بي) (جيد)».

تعد لوس أنجليس واحدة من المدن المتزايدة التي تحاول استيعاب الزيادة الهائلة في أعداد المطاعم المتنقلة. ومن المقرر أن يصوت مجلس المشرفين التابع لمقاطعة لوس أنجليس على القواعد والتنظيمات الجديدة، يوم الثلاثاء. وتبدو هذه التنظيمات من بين الأكثر صرامة على مستوى البلاد، الأمر الذي يسهم في إزالة مزيد من الخطوط الفاصلة بين أسلوب التعامل مع المطاعم التقليدية والأخرى المتنقلة، وينبئ عن بداية مرحلة جديدة على صعيد التنظيمات التي ركزت اهتمامها حتى الآن على أماكن توقف هذه المطاعم وفترة توقفها.

في شيكاغو، يدرس مجلس المدينة تشريعا لفتح الأبواب أمام المطاعم المتنقلة عبر إلغاء قيد مفروض على طهي الطعام على الطرق. طبقا للقوانين الحالية، يسمح للمطاعم المتنقلة ببيع أغذية مغلفة سابقة التجهيز. وأكد المسؤولون أن أي تغيير في القوانين سيبقى مشروطا بموافقة أصحاب المطاعم المتنقلة على الخضوع إلى عمليات تفتيش منتظمة من قبل وزارة الصحة، وأن يقدموا خريطة بالطرق التي ستسلكها الشاحنات التي تحمل المطاعم بحيث يسهل العثور عليها.

من جهتهم، أبدى ملاك المطاعم المتنقلة تقبلا للقواعد الجديدة. على سبيل المثال، علق مات ماروني، الذي يعمل في شيكاغو وكان من المطالبين بالتغييرات الجديدة، قائلا: «هذا أفضل كثيرا. إننا لا نعارض أي شيء، وإنما نرغب في السماح لنا بالقيام بذلك».

من ناحية أخرى، شدد المشرعون في أوستن بتكساس، التي ارتفعت بها أعداد المطاعم المتنقلة بنسبة 20 في المائة سنويا منذ عام 2006، التنظيمات التي تفرض على أصحاب المطاعم المتنقلة تقديم خرائط عن تحركات المطاعم داخل المدينة. وفي انعكاس لهذا الواقع الجديد، استعان مجلس المدينة بثلاثة مفتشين جدد.

في هذا الصدد، أوضح ديفيد بي. لوبيز، مدير وحدة شؤون البيئة وصحة المستهلكين بوزارة الصحة والخدمات البشرية في مقاطعة أوستن/ترافيس، قائلا: «نحن في حاجة إلى مزيد من الالتزام، وفي حاجة إلى مزيد من العاملين لفرض هذا الالتزام».

جدير بالذكر، أن مدينة نيويورك تفرض على المطاعم المتنقلة استصدار تراخيص وتخضعها إلى عمليات تفتيش سنوية، حسبما أفاد مسؤولون بالمدينة. إلا أن المدينة تفرض حدا أقصى صارما على عدد المطاعم المتنقلة، حيث تصدر 3100 تصريح فقط يستمر لعامين، و1000 تصريح موسمي، مما خلق قائمة انتظار كبيرة، حسبما أضاف المسؤولون.

على الجانب الآخر، لم ترفض صناعة المطاعم المتنقلة في لوس أنجليس الخطوات التنظيمية الأخيرة، على النقيض من رد فعلها حيال خطوات سابقة سعت لخفض عدد الأماكن التي يمكنها الوقوف بها. وشرح بعض أصحاب المطاعم المتنقلة أنه من بين الأسباب وراء موقفهم الأخير أنه ربما لا يكون من الحكمة الظهور بمظهر المعارض للخضوع إلى إجراءات تفتيش روتينية. كما أن تعليق درجة التقدير، بافتراض أنها تشير إلى النجاح، من المفترض أنه سيخدم النشاط التجاري أكثر.

عن ذلك قال مات غيلير، نائب رئيس «اتحاد بائعي الأطعمة المتنقلين في جنوب كاليفورنيا»، الذي يمثل 86 مطعما متنقلا: «يضفي هذا الأمر مزيدا من الشرعية على صناعة جديدة نسبيا على التيار الرئيسي في صناعة الغذاء». وقالت غلوريا مولينا، عضو مجلس المشرفين، وأحد مؤيدي التنظيمات الجديدة: «من العسير للغاية أن يقول أحد (لا).. لا ينبغي أن نخضع إلى التفتيش.. إنهم يقدمون طعاما لمستهلكين، مثل المطاعم التقليدية تماما».

وأضافت مولينا التي سبق أن دخلت في صراع مع ملاك المطاعم المتنقلة لرغبتها في تنظيم نشاطهم: «سيساند الجميع هذه الخطوة، حتى يحصلوا على (بي) أو (سي)، بعد ذلك سيتحولون للمعارضة».

ورغم ذلك، أعرب بعض أصحاب المطاعم المتنقلة عن قلقهم حيال إمكانية استغلال الحكومة، سعيا لحماية مصالح المطاعم، هذه التنظيمات في طردهم من مجال العمل. عن هذا قال فنس غيانغريد، مالك مطعم متنقل في ويلشير بولفارد: «من الجيد أن يحصل المطعم على خطابات تقييم، لكن لا أعتقد أنهم يضعون مصالحنا نصب أعينهم. إن ذلك وسيلة أخرى لدفعنا خارج هذه الصناعة».

كما أشار آخرون إلى أن التنظيمات الجديدة ربما تمثل مشكلة لأصحاب المطاعم المتنقلة من الأصول اللاتينية الذين ربما يتعذر عليهم الحديث بالإنجليزية، وبالتالي يواجهون مشكلات مع المفتشين الذين لا يتحدثون الإسبانية.

وقالت إرين غلين، المديرة التنفيذية لاتحاد يمثل الكثير من المطاعم المتنقلة: «قلقي الأكبر لا يتعلق بالتنظيمات ذاتها، وإنما بأسلوب تعامل المفتشين مع الباعة. غالبا ما توجد صعوبة في التواصل بين الجانبين. في الواقع، قد يشكل هذا تحديا لبعض أعضاء الاتحاد».

* أسهم ريبيكا كاثكارت وإيان لوفيت في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «نيويورك تايمز»