افتتاح معرض عن زيارة مجهولة قام بها هنري ماتيس لقصر الحمراء

الفنان الفرنسي: قصر الحمراء آية في الجمال

TT

فوجئت قبل ثلاثة أعوام مديرة قصر الحمراء ماريا ديل المار بيافرانكا وهي تتصفح سجلا قديما لزيارات الحمراء لعام 1910، بان اسم الفنان الفرنسي هنري ماتيس (1869 ـ 1954)، مسجل في سجل زيارات القصر العربي، ومنذ ذلك الوقت وهي تتتبع أخبار هذه الزيارة المجهولة التي قام بها ماتيس للحمراء، بغية إقامة معرض خاص بهذه المناسبة، يعكس اهتمامات الفنان الفرنسي بالفن الإسلامي وبقصر الحمراء.

وبالفعل أسندت مهمة إقامة هذا المعرض إلى الناقد الفني فرانثيسكو خاراوتا، الذي أخذ على عاتقه متابعة اهتمامات ماتيس بالفن الإسلامي وبأثر هذا الفن عليه، وقد قامت الأميرة ايلينا بنت العاهل الإسباني خوان كارلوس بافتتاح المعرض في قاعة الملك كارلوس الخامس في غرناطة، جنوب إسبانيا، يوم الجمعة، ويستمر حتى يوم 28 فبراير (شباط) من العام المقبل.

يحتوي المعرض على خمسين قطعة تعكس اهتمامات ماتيس بالفن الإسلامي، منها لوحات زيتية ورسوم وتماثيل وقطع من السيراميك، ورسائل وصور شخصية تعود للفنان، ومن بين القطع الفنية ثلاث قطع تعرض للجمهور لأول مرة. ويحتوي المعرض أيضا على ستين قطعة من الفن الإسلامي مما اقتناه الفنان الفرنسي، منها أقمشة إسلامية اشتراها من منطقة وادي البشرات المعروفة باسم لاس البخاراس، جنوب إسبانيا، وقطع فنية من الزجاج والسيراميك والبرونز. وتعرض أيضا ثلاث لوحات للفنان الإسباني فرانثيسكو اتيرينو رسمها فترة إقامة ماتيس معه في مدينة إشبيلية.

تقول مديرة قصر الحمراء ماريا ديل المار بيافرانكا: «إن المعرض محاولة لكشف مسيرة الفنان ماتيس نحو قصر الحمراء، لأن مشاهدته لهذا القصر تركت أثرا بالغا فيه، ومما لا شك فيه أن ربط اسم ماتيس مع قصر بني نصر (الحمراء) هو فخر لإقليم الأندلس».

وعلق المسؤول الفني للمعرض فرانثيسكو خاراوتا بأن «ماتيس يعد من أبرز الفنانين العالميين، وقد اهتم كثير من الباحثين بدراسة علاقته مع المغرب، ولكن علاقته مع الأندلس، ومع قصر الحمراء بالذات، بقيت مهملة تماما، وها نحن نكتشف اليوم اهتمام ماتيس بالفن الإسلامي في إسبانيا أيضا».

تم جمع القطع من أربعين مؤسسة ومتحف من مختلف أنحاء العالم، مثل جامعة ييل ومتاحف المتربوليتان، واللوفر، وبومبيدو، وموما، وبوشكين، ومؤسسات ثقافية أخرى.

وكان الفنان الفرنسي قد توجه إلى إسبانيا يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1910، ودامت سفرته حتى يوم 25 يناير (كانون الثاني) من عام 1911، زار خلالها برشلونة، ومدريد، وإشبيلية، وقرطبة، وطليطلة، وكانت زيارته لمدينة غرناطة في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 1910، وشاهد خلالها قصر الحمراء وكتب في نفس اليوم رسالة إلى زوجته مندهشا من روعة الفن الذي أبهره في القصر، وذكر في رسالته «إن قصر الحمراء آية في الجمال، لقد خلق عندي عاطفة جيّاشة». وزار في غرناطة أيضا منطقة ساكريمونتي التاريخية وحضر حفلة للفلامنكو.

يقول الناقد الفني فرانثيسكو خاراوتا: «لقد وصل ماتيس إلى إسبانيا في وقت عصيب من حياته، فقد توفي والده، ورفض النقاد أعماله، فصادف أن سافر إلى ميونيخ، وهناك زار أحد المعارض عن الفن الإسلامي، فبهره ما رأى، وبعد شهر قرر زيارة قصر الحمراء». وأضاف معلقا: «إن الفن الشرقي والفن الإسلامي خاصة، قد ساعدا ماتيس كثيرا، خاصة الأشكال الهندسية في قصر الحمراء، وما في داخل هذا القصر من مشاهد فنية وزخرفية، ومن السيراميك والزجاج، وهندسة الضوء والألوان، كل ذلك ساعده على أن ينطلق نحو فضاء أوسع وجديد، ولم يتأخر كثيرا من الوقت حتى دب أثر الفن الإسلامي فيه».