رحلة الصالح مع المسرح والتلفزيون

غانم الصالح في مشهد من أعماله التلفزيونية
TT

حين تتحدث عن الريادة الفنية الكويتية في الحقبة التي بدأت منذ منتصف الستينات مرورا بالسبعينات والثمانينات الميلادية، لا بد أن يأتي الحديث عن أحد أهم صانعي تلك الحركة ومؤسسيها وهو الفنان الكويتي غانم الصالح.

يعد «غانم» أحد أهم أعمدة الدراما الكويتية والخليجية وصاحب بصمة فنية فريدة من نوعها. كان الصالح مكملا للرواد وعمالقة الفن الكويت، ومنهم: إبراهيم الصلال، وخالد النفيسي، وعلي المفيدي، وعبد الحسين عبد الرضا، وسعد الفرج، وعائشة إبراهيم، ومريم الغضبان، ومريم الصالح، وحياة الفهد، وسعاد عبد الله. هذا الجيل أسهم في وضع الحركة المسرحية والفنية في الكويت في أعلى قممها وكون عاصفة فنية رفعت من شأن الفن الخليجي قبل أن تهدأ تلك العاصفة مع القرن الجديد.

رحلة الشاب غانم الصالح ابن الكويت البار الذي ولد عام 1942م في منطقة صيهد العوازم قرب قصر السيف، بدأت بعيدة عن أروقة الوسط الفني، حيث كان موظفا في وزارة العدل بمحكمة الاستئناف العليا كسكرتير جلسة في الأحوال الشخصية والجنايات عام 1959م واستمر فيها حتى عام 1964م. ولكن بوابة الشهرة ونقطة الانطلاقة كانت حين ترك ذلك العمل واتجه إلى التلفزيون الكويتي فعين مساعدا لرئيس قسم التمثيليات ثم رئيسا للقسم حتى تقاعد عام 1986م. ودخل الصالح عالم التمثيل في عام 1967م عبر المسلسل الشهير «محكمة الفريج» بجانب عبد الحسين عبد الرضا وخالد النفيسي، وتواصلت بعد ذلك إبداعاته الفنية طوال أكثر من أربعين عاما. ومن أهم الجوائز التي حصل عليها درع المسرح العربي عام 1980م.

يقول رفيق دربه الفنان السعودي علي السبع المغادر صباح اليوم إلى الكويت من القاهرة لحضور مراسم التشييع، والذي كان تأثر بشدة لدى تلقيه خبر الوفاة أمس: «رحم الله الفقيد كان خير مثال للأخلاق والاعتزاز بالنفس، وكان صديقا عزيزا وفيا وصاحب سيرة عطرة ومحبا للخير، وهو من رواد الفن الخليجي والعربي». ويتذكر السبع قائلا. وعن مشاركته الأخيرة بجانبه، قال السبع: «شاركت بجانبه في المسلسل الخليجي (أم البنات) بجانب سعاد عبد الله ومجموعة من الفنانين والفنانات الشباب، وللحق كان غانم الصالح أخا وصديقا للجميع وكان يبادل سعاد المزح، بالإضافة إلى نصائحه للفنانين الشباب المشاركين، فعلا نعم الأخ والصديق الوفي».

هناك جيل ارتبط بإبداعات غانم الصالح في تلك الفترة المهمة في تاريخ الفن الخليجي. فتلك الإبداعات التي كان يقدمها الصالح حملت مفردات رسخت في ذاكرة الخليجيين، ومنها المسلسل الذي كان يقدم في صباح رمضان في الثمانينات الميلادية للأطفال وحمل عنوان «كامل الأوصاف»، وأصبح اسم الصالح عند الأطفال حينها «كامل الأوصاف» وما زال الاسم مرتبطا به حتى الآن. ولا يمكن إغفال المسرحية الكويتية الشهيرة «باي باي لندن» التي عرضت في عام 1981م وشارك فيها عبد الحسين عبد الرضا ومريم الغضبان ولا تزال ماثلة في ذاكرة الكثيرين وحفظوا منها جملة رددها الصالح معرفا بنفسه «انا نهاش فتى الجبل». المسرحية كانت أيضا نقطة انطلاقة للجيل الجديد وقتها، مثل انتصار الشراح وداود حسين.

أما في مجال مسلسلات الكوميديا في مطلع الثمانينات الميلادية، فلغانم الصالح قصة أخرى فهو بطل مسلسل «خرج ولم يعد» وعرض في عام 1980م والذي عرض عبر القنوات التلفزيونية المحلية الخليجية، وكان يعرض آنذاك في القناة الأولى بالتلفزيون السعودي وحظي بمتابعة كبيرة من المشاهد السعودي، وشارك في العمل بجانبه الفنانة حياة الفهد والفنانة سعاد عبد الله والفنانة انتصار الشراح. وبعد ذلك النجاح، جاء نجاح آخر ومبهر أيضا لنجوم الدراما الكويتية وهو مسلسل «خالتي قماشة»، بطولة: حياة الفهد وسعاد عبد الله وخالد النفيسي وعلي المفيدي وخليل إسماعيل ومريم الغضبان وعبد الرحمن العقل، حيث جسدت حياة الفهد دور قماشة؛ الأم العجوز التي تحاول الحفاظ على سلوكيات أولادها وتبقى مسيطرة عليهم وعلى زوجاتهم وتضع كاميرات مراقبة في غرفهم، ويتزوج ابنها «سلطان» آخر العنقود الذي كان يجسد دوره غانم الصالح بـ«محبوبة» وتجسد الدور سعاد عبد الله. ولكن محبوبة، المتعلمة والمثقفة، هي الوحيدة في المنزل التي تحاول محاربة سيطرة تلك الأم العجوز بعد أن اكتشفت وجود كاميرا المراقبة في حجرتها. وقتها تحول ذلك المسلسل إلى قصة تروى في المجالس السعودية والخليجية. وشارك الصالح أيضا بجانب الفنان السعودي الدكتور بكر الشدي في عملين، هما: «عائلة فوق تنور ساخن» وشارك فيه أيضا خالد النفيسي وحياة الفهد ومريم الغضبان وعلي المفيدي، وأيضا مسلسل «إليكم مع التحية» وشارك فيه حياة الفهد وخالد النفيسي وعبد الرحمن العقل. ومن أشهر أعماله أيضا «رقية وسبيكة» مع حياة الفهد وسعاد عبد الله، ومسلسل «زوجة بالكومبيوتر» مع حياة الفهد وعلي المفيدي.

ومن المتوقع أن يوجد في مطار الكويت اليوم الأربعاء حشد جماهيري كبير إلى جانب مسؤولين كويتيين وجانب من الوسط الدرامي والغنائي الكويتي وأيضا الوسط الرياضي لاستقبال جثمان الفقيد.