«أصداء».. معرض جماعي لـ«فنانين مغاربة من العالم» في مراكش

يقدم «شهادة ملونة» عن هويات ثقافية متعددة

لوحة للفنانة المغربية ليلى السعيدي المقيمة في الولايات المتحدة الأميركية («الشرق الأوسط»)
TT

يشارك خمسة عشر فنانا مغربيا معاصرا، يقيمون في ستة بلاد للمهجر، هي فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية، في معرض جماعي، يحتضنه «متحف مراكش»، بمبادرة من «مجلس الجالية المغربية في الخارج»، تحت شعار «أصداء: فنانون مغاربة من العالم».

ويراهن المنظمون، من خلال المعرض، على تسليط الضوء على الروابط الجغرافية والثقافية، والعاطفية، التي تميز إبداعات هؤلاء الفنانين، الذين استطاعوا، بمختلف الوسائل التعبيرية (لوحات، وصور، وأشرطة فيديو، وصور فوتوغرافية)، خلق أعمال تربط بين ثقافاتهم، وتبرز صدى التداخل الإبداعي بين المغرب والعالم.

وقال بنسالم حميش، وزير الثقافة المغربي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تظاهرة (أصداء) اختارت التخصص في عرض أعمال لفنانين من أصول مغربية، يقيمون في شتى أصقاع العالم، ونحن نجد، في كل اللوحات والمعروضات، بصمات مغربية، تعبر عن الذاكرة وعن ما ترسب فيها، وكذلك عن وشائج القربى التي تظل قائمة، على الرغم من كل شيء، في ما بين هؤلاء الفنانين وبلدهم الأصلي». وشدد حميش على أن «أعمال الفنانين المشاركين تطلب منا أن نعتز بها، لأنها تترجم وتلخص لفن وصل إلى مرحلة الاندماج في العالمية».

من جهته، قال إدريس اليزمي، رئيس «مجلس الجالية المغربية في الخارج»، إن التظاهرة «تؤكد الغليان، الذي تعرفه الساحة الفنية المغربية، التي تعيش منذ عقد تطورا مهمّا، مع بروز كثير من المبدعين الجدد، وازدياد شغف الجمهور، والانخراط المستمر والحيوي للمؤسسات العمومية والخاصة، وافتتاح الأروقة، وازدياد الأعمال والمنشورات»، وأضاف اليزمي أن «المعرض يشهد على التحولات التي تشهدها الهجرة والإبداع المغربيين»، مشيرا إلى أن الفنانين المشاركين يكشفون عن «سيرورة التشبيب والتأنيث التي ما فتئت الجاليات المهاجرة تعرفها»، مشددا على أن «حضور فنانات شابات يظل معبرا، لأنه يحمل إشارة لما أضحت عليه هذه الهجرة اليوم، وهي إشارة تزداد وضوحا، يوما بعد يوم، بشكل يستحيل معه تجاهلها». وأبرز اليزمي، أن المختارات المعروضة، التي تجمع أعمالا متنوعة، لفنانين عرفت أعمالهم في ربوع العالم، «تلخص دينامية ومسالك هؤلاء المبدعين». وأشار اليزمي، إلى عدد من نقاط الالتقاء بين الفنانين المشاركين، أبرزها في «حياتهم في (ما بين العوالم)، الذي تجتازه التوترات والصدمات والمعارضات، وتبدو أعراضه الواضحة في الساحتين السياسية والفنية بتعقيداتها وتناقضاتها المتنوعة.. وشهادتهم عن هويات ثقافية متعددة ومختلطة ومتحللة الواحدة في الأخرى، التي تحملوها بكل مسؤولية، التي ساهمت في إثراء إبداعاتهم، وجعلتها أحيانا مثيرة، بل تحتمل أكثر من معنى لدى الهواة، لكنها تقترن بالكوني.. ودورهم كحلقة وصل بين العوالم»، وأنهم «عابرو حدود»، يمثلون «معابر بين الثقافات».

وختم اليزمي كلمته، بالقول إن معرض «(أصداء: فنانون مغاربة من العالم)، الذي يسعى إلى تسجيل نفسه في تاريخ الفن المغربي المعاصر، سيظل عبر التاريخ ذاكرة مرئية حقيقية للفنانين التشكيليين المغاربة في العالم المعاصر، وهو بذلك يريد أن يشكل إطلالة استذكارية منفتحة ومتجهة نحو المستقبل».

ويرى إبراهيم العلوي، المدير الفني للمعرض، أن المسارات والمواهب الشخصية للفنانين المشاركين في التظاهرة دفعتهم إلى «التفكير في الهوية والتنوع - لهُنا وهناك - كعامل للإبداع»، وأنهم «ساعدوا على تطوير الثقافة في بلدان استقبالهم، وأصبحوا يلعبون دور الوساطة مع الضفة الأخرى للمتوسط، بما أنهم يساهمون من خلال أعمالهم وحضورهم على الحدود في خلق الروابط وتنمية التفكير، وفي تغيير العقليات»، لكن، هذا المصير المشترك للفنانين، يجب، برأي العلوي، أن لا يحجب تعدد الأعمال والتجارب، فـ«جمالية التمازج هي قبل كل شيء ثمرة اجتهاداتهم الشخصية ومساراتهم المنفردة المتسمة بطابع التنوع».

يشار إلى أن الفنانين المشاركين، في هذه التظاهرة الفنية، التي تضم 50 عملا، وتستمر حتى السابع من الشهر المقبل، هم عزيزة العلوي (المكسيك) ووفاء أحالوش القرياسطي (هولندا) ومحمد الزبيري (الولايات المتحدة الأميركية) وشروق هريش (فرنسا) وشريف بنحليمة (بلجيكا) وفؤاد بلامين (المغرب - فرنسا) وهشام بنحود (فرنسا) ومحمد الباز (المغرب - فرنسا) وليلى السعيدي (الولايات المتحدة الأميركية) ومنير الفاطمي (فرنسا) وبشرى خليلي (فرنسا) ونجية محاجي (فرنسا - المغرب) ومليك نجمي (فرنسا) وإلياس سلفاتي (إسبانيا - فرنسا - الولايات المتحدة) وعبد الرحيم يامو (فرنسا - المغرب).

ويعمل «مجلس الجالية المغربية في الخارج»، المنظم للتظاهرة، في إطار مهامه الاستشرافية والاستشارية، حول قضية الهجرة، على تشجيع المبادرات الرامية إلى التعريف بالموروث الثقافي المغربي في تعدديته، وكذا التنوع الإبداعي بمفهومه الواسع (الأدب، والموسيقى، والفنون التشكيلية..) في أوساط الجاليات المغربية.

ومن بين الانشغالات الرئيسية للمجلس، بلورة عرض ثقافي متنوع، ذي جودة، من شأنه أن يمكن من نشر الفنون والثقافات الشعبية، وكذا الإبداع المعاصر، المتنوع، في بلدان الهجرة، من جهة، ويكون، في المغرب، شاهدا على الدينامية الثقافية للمغاربة والمبدعين بالخارج، من جهة ثانية.