معرض باريس الدولي «فياك» للفنون المعاصرة

فنانون من 24 دولة و195 غاليري ينشرون أعمالهم في كل مكان

لا شوت دي كورس لأرمان (أ.ف.ب)
TT

في نسخته السابعة والثلاثين، التي بدأت أعمالها في باريس أول من أمس الخميس، يبدو المعرض الدولي للفن المعاصر، أو «فياك»، حدثا مألوفا ومحببا في العاصمة الفرنسية، التي غالبا، ما يبدو فيها الفن وكأنه جزء لا يتجزأ من كيانها ومعمارها وحدائقها. وحتى، دون مبالغة، ناسها. فالإقبال الجماهيري الكبير على حديقة التويليري والساحة الخارجية لمتحف اللوفر، يؤكد، من دون سوق المزيد من المبررات. أن هذه العاصمة، لا تزال على الرغم من كل شيء، الأم الحقيقية للفن في أوروبا. ما عدا ذلك، فإن أي نشاطات وتظاهرات فنية أخرى تبدو كأنها على هامش ما يحدث في باريس.

تحفل النسخة الجديدة من المعرض الدولي بالكثير من العروض المميزة والفريدة. هناك مشاركة لفنانين من 24 دولة. كما يشارك فيها 195 غاليري مختص بالفنون المعاصرة، 38 في المائة منها من فرنسا. كما يوجد 99 غاليري تشارك للمرة الأول، وبعضهم يعودون بعد غياب طويل في هذه الاحتفالية الضخمة. هو جهد حقيقي يجمع فناني العالم في مكان واحد وعاصمة واحدة. عاصمة تؤكد يوميا أنها مرجعية للفن.

والحق أن هناك إثارة حقيقة في باريس لهذا العام. حيث ترحب بكثير من الدلال والكياسة بالسويسري سيمون دي بيري الذي لا يعرف التعب ولا الكلل أبدا. إذ إن مجرد وجوده في العاصمة الفرنسية يعني أنه سيزيد من قيمة سوق الفن المعاصر. هذا حدث فعلي للتباري على الأسعار والإقبال. كذلك هناك تاجر الفن لاري غاغوزيان الذي يعد من أهم تجار الفن في العالم، دون أن ننسى، كليا، الموقف من المرأة والخصوبة والحب. وهو موقف كان قد عبر عنه في معرض نظمه في لندن بمعرض فريز «Frieze» في وقت سابق من هذا الشهر. حيث عرض تجهيزا من الحبوب المانعة للحمل وكذلك حبوب الفياغرا، هذا التجهيز أعطى أبعادا كبرى للفن تتجاوز مجرد العرض. إنها فلسفة جديدة أو على الأقل وجهة نظر معاصرة لقضايا المرأة. وهو أمر مربك، حقا، حين يدخل الفن في قضايا مثل هذه قد تطيح به في أي لحظة. الحذر مطلوب في هذه الحالات، حيث في الغرب - كما في الشرق - ثمة أفكار ثابتة للتعاطي مع موضوع الخصوبة. مع ذلك، فإن معرض لندن عانى صعوبات وكذلك يعاني معرض باريس.

الأمر ليس مجرد مجموعة أعمال تعرض في مكان واحد في وقت واحد. هناك حاجات أكثر من ذلك، الأمر يتوقف أيضا على الأفكار التي يروج لها المعرض وكذلك يروج لها أصحابها. ثمة معضلة حقيقية تتمثل في الابتعاد عن الإثارة قدر الإمكان من أجل تقديم أفكار خلاقة خالية من الإثارة الفكرية والفلسفية والاجتماعية.

يستقطب المعرض هذا العام عدة أسماء مهمة في عالم الفن المعاصر. وليس كما حصل في العام الماضي حين تم العرض في القصر الكبير في باريس. وهو ليس بعيد بأي حال من الأحوال عن حديقة التويليري وساحة اللوفر. هذا العام يشارك عدد من النجوم الشباب في العالم، مثل: الجزائري عادل عبد الصمد الذي يعيش في باريس، والأميركي ديفيد زويرنر من نيويورك، وكذلك ماثيو داي جاكسون، والمصورة الفوتوغرافية سيندي شيرمان. أيضا من غاليري ديتشيم السويسري الذي قدم أعملا لفرنسوا روان.

يقدم المعرض هذه السنة جيلين من الفنانين: الجيل القديم موجود طبعا، لكن أيضا يوجد الجيل الجديد من المبدعين في الفن مثل غابرييل موبري الذي يقدم منحوتة ضخمة جدا وحزينة تحاكي قضبان الاسباغيتي، كذلك يقدم منحوتة ضخمة أخرى لثيو ميرسييه ابن السبعة والعشرين عاما. أما النوادر التي تقدم هذه السنة، فمنها لوحة بالحبر معروضة منذ أربعين عاما في متحف كريفلد وتقدر قيمتها بنحو ثلاثمائة ألف يورو. في حين أن الأشياء الساطعة، فهي اللوحة التي رسمها مايكل كريغ مارتن، وهناك أيضا فيديو العراقي عادل أبيدين، الذي - بالمناسبة - سيمثل العراق في بينالي فينيسيا المقبل. أما أعلى الأعمال ثمنا، فهو عرش يزين وسط حديقة تويليري من شغل فابيان لوكلير وثمنه 900 ألف يورو، إضافة إلى الكثير من الأعمال التي تعرض في الهواء الطلق وفي أماكن مغلقة.