«مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي».. صناعة الأفلام في متناول الجميع

ينطلق غدا بحضور عادل إمام مكرما.. ويسرا على رأس لجنة التحكيم

مشهد من فيلم الافتتاح المثير للجدل «خارج عن القانون» لرشيد بوشارب
TT

المدعوون هم فنانون على أعلى مستوى، بينهم عادل إمام، ويسرا، وهند صبري، لكن الاحتفالية ليست خاصة فقط. إنها لعامة الناس أيضا، دون تفريق بين كبار وصغار، كي تصبح السينما جزءا من حياتهم، والأفلام بهجتهم. بهذه الروح سيتم افتتاح «مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي» في دورته الثانية مساء غد (الثلاثاء)، بفيلم «خارج عن القانون» للمخرج الفرنسي الجزائري الأصل، رشيد بوشارب، الذي أثار ضجة كبيرة بين الفرنسيين عند صدوره في مارس (آذار) الماضي، بسبب تناوله الثورة الجزائرية والمجازر التي ارتكبتها فرنسا في حق الجزائريين.

هذا الافتتاح سيخصص لحملة التذاكر، لكن سيتمكن الجمهور العريض من متابعة الفيلم أيضا في مسرح مفتوح يستوعب عددا كبيرا من المتفرجين. دعايات واسعة للمهرجان في قطر لجلب أكبر عدد من المتابعين للأفلام، التي سيصل عددها إلى 51 فيلما تعرض خلال خمسة أيام، مقابل 31 العام الماضي، بينها العربي والأوروبي والأميركي وحتى الأفريقي، والآتي من أميركا اللاتينية.

عروض في أكثر من مكان، بينها «سيتي سنتر»، المركز التجاري الكبير، الذي يدخله مئات الزوار في اليوم الواحد، كما خصصت باصات مجانية على مدار فترة المهرجان لتقل الراغبين إلى أماكن العرض، من عدة مراكز، تفاديا لازدحام متوقع.

مهرجان يجمع إذن بين صناع السينما، يكرم عادل إمام، ويسعى لاستقطاب كبار المخرجين، لكنه في الوقت ذاته يسعى لإشراك المواطنين الذين سيجدون أفلاما ترضي كل الأذواق.

تقدم أفلام المهرجان من خلال أربعة محاور، وهي: مسابقة الأفلام العربية، البانوراما العالمية، العروض الخاصة، ومسابقة الأفلام العربية القصيرة، التي يصل عددها إلى عشرة، أربعة من بينها تعرض للمرة الأولى وهي «تيتا ألف مرة» للمخرج محمود قعبور، وهو وثائقي شاعري يروي قصة جدة لبنانية ذات عزيمة قوية، يحاول حفيدها تسجيل وتوثيق الجوانب المختلفة التي عاصرتها والتجارب التي مرّت بها في حياتها سينمائيا، وفيلم «حاوي» لإبراهيم البطوط، يقدم صورة لمدينة الإسكندرية اليوم، ومشاهد من الضياع والعزلة اللتين تغرق فيهما المدينة. الفيلم الثالث هو «بدون موبايل» لسامح زعبي، عبارة عن كوميديا تقدم على خلفية سياسية، تصور شبانا فلسطينيين داخل الخط الأخضر، تأكلهم البطالة وهم مأسورون بين غضب أهاليهم والشك الإسرائيلي المستمر بهم، بينما لا يهمهم في الحقيقة سوى المرح والتسكع والتعرف على الفتيات. أما الفيلم الرابع فهو «الجبل» لغسان سلهب. وهو رحلة في عقل رجل يمضي شهرا كاملا في عزلة تامة في فندق مهجور، وسط فيض من الصور المؤرقة، فيلم يخلط بين الخيال والواقع حتى يصعب الفصل بينهما.

ومن الأفلام المتميزة في المهرجان فيلم «ميرال» للمخرج جوليان شنابل، بطولة فريدا بينتو (بطلة فيلم «مليونير العشوائيات»)، وفيلم «تامارا درو» للمخرج ستيفن فريرز، بطولة جيما أرترتون (بطلة «أمير فارس»)، و«سارق الضوء» لأقطان أريم كوبات، والفيلم الوثائقي «اثنان يحملان اسم اسكوبار» للمخرجين جيف زيمباليست ومايكل زيمباليست، وفيلم «نسخة طبق الأصل» لعباس كيارستمي، وفيلم المخرج رندل والس بعنوان «سكريتريات»، فيلم ياسميلا جبانيتش «على الطريق»، وفيلم «زيّنا بالضبط»، وهو أول إخراج للممثل الكوميدي المصري – الأميركي، أحمد أحمد.

تترأس يسرا لجنة التحكيم، التي تضم أربعة من كبار الأسماء، وهم الممثلة والمنتجة والمخرجة، سلمى حايك بينو، التي شاركت في الكثير من الأعمال، ورشحت لجوائز عدة، والممثل والكاتب والمخرج البريطاني، نيك موران، والمخرج الهندي، بهافنا تلوار، والمخرج وكاتب السيناريو البوسني دانيس تانوفيتش.

وبناء على اختيارات لجنة التحكيم في نهاية المهرجان تُقدّم جائزتان لأفضل فيلم عربي وأفضل مخرج عربي، كما سيرصد المهرجان جائزتين لأفضل فيلم روائي، وآخر وثائقي، يختارهما الجمهور. وتبلغ قيمة جوائز كل مسابقة 100 ألف دولار أميركي، وتقدم جائزة قدرها 10 آلاف دولار، لأفضل فيلم عربي قصير، لتصل قيمة جوائز المهرجان المالية هذا العام إلى 410 آلاف دولار أميركي.

إلى جانب العروض السينمائية هناك جلسات وحوارات يشارك فيها اختصاصيون في مجالاتهم، من بينها جلسة: «هل تتكلمون الكوميديا؟» وأخرى بعنوان: «مستقبل كتابة النص والتوزيع»، إضافة إلى جلسة «الممثلون الجدد: نجوم السينما الصاعدون»، وأخرى بعنوان «التسويق الإبداعي: التسويق الناجح في العالم الرقمي»، تبحث أساليب التسويق السريع غير التقليدية.

وهناك ورشات عمل وحلقات نقاش، كذلك عروض «أفلام الدقيقة الواحدة» لمؤسسة الدوحة للأفلام، واحتفال بأفلام العشر دقائق، وورشة «السفر لالتقاط صور من عالم السينما: حوار مع بريجيت لاكومب»، كما ستقام ندوة دراسية تلقي نظرة على الأعمال السينمائية للمخرج رشيد بوشارب، الذي يعتبر في فرنسا اليوم من أكثر المخرجين المثيرين للجدل. وخلال هذه الجلسة سيناقش مع الحاضرين أفلامه، التي نال الكثير منها جوائز مهمة.

النشاطات متعددة، ولعل أكثرها إثارة هو «يوم العائلة»، الذي يقام على هامش المهرجان طوال يوم الجمعة المقبل، بحيث يعرض في مسرح كتارا المفتوح عدد من أفضل الأفلام التي يقدمها المهرجان، مجانا خلال يوم الأسرة، حيث سيعرض فيلم «سكريتريات»، الذي يحكي قصة عالم سباق الخيول الأصيلة الممتع والمثير، والفيلم الثاني الذي يعرض في يوم العائلة هو فيلم «بوي»، وهي قصة رائعة من نيوزيلندا تتحدث عن فتى ظريف لم يتجاوز عمره 11 عاما يلتقي أخيرا بوالده.

ورشة «اجلبوا المضحكين» الكوميدية، التي يشرف عليها أحمد أحمد الممثل والكوميدي العالمي، ومخرج «زيّنا بالضبط» (جست لايك اس)، ستتوج بعرض على المسرح، وعرض «المايكروفون المفتوح» الذي سيقدمه أكثر المشاركين في الورشة إضحاكا. ورشة «أضواء، كاميرا، أكشن» ستحول الأطفال الحاضرين إلى ممثلين حقيقيين، وثمة ورشة بعنوان «صناعة السحر في الأفلام» مع مات ايتكين، وهو صانع المؤثرات الخاصة لروائع الأفلام، مثل «سيد الخواتم» (لورد أوف ذي رينغز)، و«كنغ كونغ»، و«أفاتار»، و«تين تين» الذي لم يره الجمهور بعد، وسيقوم هذا الفنان بإطلاع الحضور على أسراره في صناعة السحر في السينما في عرض خاص وجلسة أسئلة وأجوبة.

ويختتم المهرجان، الذي يستمر لمدة خمسة أيام، أعماله بفيلم «طالب الصف الأول» لجاستن تشادويك، وهو قصة مثيرة للمشاعر، عن مزارع مسن يعيش في قرية كينية يحاول الالتحاق بمدرسة محلية ليتعلم القراءة. والفيلم من بطولة ناعومي هاريس وأوليفر ليتوندو.

مهرجان تحاول قطر من خلاله أن تكسر نمطية المهرجانات السينمائية في العالم العربي، وإخراج صانعي الأفلام من صالات العرض إلى الأماكن العامة. كما أن ورش تصوير الأفلام وتشجيع الإنتاج على مدار العام، وتمويله، إضافة إلى ورش العمل المخصصة للصغار كما للكبار ذات بعد تنموي، تهدف لأن تقول: «كلنا سينمائيون، والأفلام ملك يدينا لو أردنا».