«18 فدانا» تتناول الحياة السياسية في دهاليز البيت الأبيض

رواية نيكول ولاس مديرة الاتصالات في عهد الرئيس جورج دبليو بوش أبطالها نساء

ولاس عملت مستشارة لحملة جون ماكين لانتخابات الرئاسة لعام 2008 وكان أحد الأعمال التي قامت بها هو الاختيار المفاجئ لنائبة ماكين حاكمة ألاسكا سارة بالين
TT

إذا قلت إن رواية «إيتين إيكرز» (18 فدانا) لنيكول والاس واحدة من أفضل الروايات التي قرأتها والتي تدور أحداثها حول الحياة في البيت الأبيض فلن تكون هذه إشادة كافية - لا يوجد الكثير من مثل هذه الروايات الجيدة. وهذه الرواية تجعلك تستمتع عند قراءتها وتعطيك لمحة جادة عما تسببه الضغوط السياسية. وسوف نتحدث عن هذه الرواية ليس فقط لأن مؤلفتها شغلت منصب مديرة الاتصالات بالبيت الأبيض خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش، ولكن أيضا لأن الشخصيات الرئيسية الـ3 فيها من النساء: الرئيسة، ورئيسة موظفي البيت الأبيض، ومراسلة تلفزيونية على علاقة غرامية بزوج الرئيسة.

الرئيسة شارلوت كرامر (47 عاما) هي جمهورية معتدلة تمتع بذكاء حاد، لكنها سليطة اللسان. وقبل ترشحها لهذا المنصب كانت كرامر مديرة تنفيذية بإحدى الشركات وحاكمة سابقة لولاية كاليفورنيا. ورئيسة موظفيها بالبيت الأبيض هي ميلاني كينغستون، التي تمثل الشخصية الرمزية للمؤلفة وأفضل شخصيات الرواية تطورا. وكينغستون (37 عاما) هي سيدة جذابة للغاية (جميع هؤلاء النساء جميلات) تعمل بجد وولاء لكنها مضطربة على نحو متزايد في الجناح الغربي من البيت الأبيض. وتعتقد كينغستون أنه يتعين عليها ترك هذا المنصب قبل «أن تتحول إلى شخصية لا تعرفها ولا تحبها». المراسلة دايل سميث (32 عاما) تطمح بشدة لأن تكون مذيعة أخبار. والعامل المعقد في الرواية هو أنها تقع في حب المحامي الوسيم بيتر كريمر، زوج الرئيسة.

وقد بدأ كريمر وزوجته يبتعدان عن بعضهما مع صعود نجم زوجته السياسي، وهما الآن يعيشان حياة مستقلة باستثناء ظهورهما مع بعض لالتقاط بعض الصور التذكارية في بعض الأحيان. ويرتبط كريمر بعلاقة حب مع سميث لكن يظلان في حياء حول ما يتعين عليهما فعله حيال هذه العلاقة السرية.

وتدرك المؤلفة جيدا أن العلاقات الرومانسية يمكن أن تتطور حتى داخل عالم السياسة القاسي، فقد التقت زوجها، مارك ولاس، عندما كانا يعملان ضمن فريق الحملة الانتخابية للرئيس بوش في انتخابات عام 2000. ومع ذلك، كانت معالجتها دقيقة فيما يتعلق بالحياة الجنسية لشخصيات روايتها. وقصة كريمر وسميث كانت ساخنة بما يكفي، ولكنها تعاملت بحياء مع العلاقة الجنسية التي أقامتها كينغستون بصورة متقطعة مع مراسل صغير. وكانت الرئيسة الجميلة تعيش حياة عزوبية. وحتى عندما كشف سر علاقة زوجها مع المراسلة، فإنهما حافظا على تحضرهما بصورة كبيرة. وزادة شعبية الرئيسة لأن فضيحة زوجها جعلتها إنسانة عادية أمام الكثير من الناخبين.

وتتغير لهجة الكتاب عندما تقوم الرئيسة بزيارة القوات الأميركية في أفغانستان، حيث تقع سلسلة من الأحداث المفاجئة هناك، التي من بينها هجوم لحركة طالبان وإصابة تهدد حياة أحد الشخصيات وتؤدي إلى فضيحة تعصف بأحد الوزراء. وهذه الأحداث المأساوية الكبرى هي أمر شائع في الروايات، وهذه التقلبات في مجريات الأحداث تبدو أنها لا تزال غير واردة. وكانت والاس أكثر إثارة للإعجاب عندما التزمت بالتطورات اليومية في الحياة السياسية، التي تعرفها جيدا وقصّتها بمهارة.

وتأتي ذروة الرواية مع خوض الرئيسة كرامر معركة شاقة للفوز بولاية ثانية. وقد لعبت ولاس أدوارا رئيسية في اثنتين من الحملات الانتخابية الوطنية - في عامي 2004 و2008 - ويبدو أنها قد توصلت إلى النتيجة نفسها التي توصلت إليها عندما قضت 6 أشهر في السفر مع مرشح ديمقراطي للرئاسة تمكن من الفوز بالمنصب، وهي أنه في هذه الحملات، فإن خصومك ليسوا في الطرف الآخر، ولكنهم زملاؤك في الفريق الذين يريدون الحيلولة بينك وبين المرشح، وهم منافسوك على مكتب الجناح الغربي الذي تستحقه عن جدارة. وهذه حرب لا تستخدم فيها صواريخ بعيدة المدى ولكن الخناجر قريبة.

وعنوان الرواية «إيتين إيكرز» أو 18 فدانا، يشير إلى مساحة أرض البيت الأبيض. وهذه الرواية ليست رمزية على وجه التحديد - ولسبب واحد، لا توجد شخصيات تقوم بأدوار جورج بوش أو لورا بوش أو ديك تشيني - ولكن يبدو أن والاس قامت ببعض الإشارة إلى اثنين من زملائها السابقين. والمنافس الرئيسي لكينغستون في الحصول على اهتمام الرئيس هو المعلمة السياسية البدينة والقصيرة التي تكره أسلوبها ونظراتها العنيفة: «إنها تحدق في بشرة رالف الحمراء وشعره. لقد كانت غير جذابة لدرجة أن كينغستون كانت تشعر بالأسف عليها» إنها كأي شخص آخر نعرفه؟

وأما بالنسبة للشخصية الأخرى التي لا تحبها كينغستون بصورة واضحة، دعونا نشير إلى أن ولاس كانت مستشارة لحملة جون ماكين لانتخابات الرئاسة لعام 2008، وكان أحد الأعمال الذي قامت به هو الاختيار المفاجئ لنائبة ماكين حاكمة ألاسكا سارة بالين. وفقا لإفادات كثيرة، فإن المرأتين كانتا على خلاف حول الكثير من القضايا، بما في ذلك نمط وتكلفة ملابس بالين ومقابلات بالين الكارثية مع كاتي كوريك. وفي الرواية، تقرر الرئيسة كرامر إحداث تغيير في حملتها الانتخابية عن طريق اختيار ديمقراطية منضبطة اسمها تارا مايرز لتكون نائبتها. وهذه المرأة، على الرغم من أنها لم تكن ذات جدوى لحملة كرامر فإنها كانت تهاجم بطلتنا المهذبة: «وكرهت ميلاني كل شيء متعلق بتارا ذات الصوت المرتفع وصاحبة الكلمات غير المهذبة، وفي نفس الوقت فإنها غير أنيقة. وكانت تبدو أنها تبحث عن أي نهج لا يتناسب مع الرئاسة وتقوم به بقوة».

وتحتوي الرواية على المزيد، فهي مليئة بالأحداث الممتعة. ويؤسفني أن أخبركم بأن الصفحة الأخيرة من هذه الرواية، المسلية والمؤثرة في بعض الأحيان، تجعل والاس كينغستون تعترف للرئيسة بأنها كانت «قاسية جدا» على تارا، وهذه هي المرة الوحيدة التي جعلتني أقول إن الكاتبة لم تكن صادقة معنا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»