مصطفى محمود.. في فيلم وثائقي بمناسبة ذكرى رحيله

كشف عن جوانب خفية في حياته كمفكر وعالم وطبيب ورجل خير

مصطفى محمود يتأمل بخبرة العالم مجسما لجمجمة بشرية
TT

«مصطفى محمود.. العلم والإيمان»، بهذا العنوان يظهر أول فيلم وثائقي يوثق لحياة الدكتور مصطفى محمود، بمناسبة الذكرى الأولى لرحيله، حيث يتطرق إلى تجربة العالم المصري من خلال التعرف على حياته وأفكاره عن قرب بعد رحلة طويلة من الشك إلى اليقين ومن الكفر والإلحاد إلى العلم والإيمان، كما يرصد الفيلم جوانب من حياته كمفكر وعالم وطبيب وفيلسوف وكاتب وأديب ورجل خير، وذلك عبر رحلة تمتد 88 عاما عاشها الراحل منذ مولده في عام 1921 إلى رحيله في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2009.

يتكون الفيلم من جزأين، مدة كل منهما 52 دقيقة، وقامت بإنتاجه شركة «آي فيلمز ميديا برودكشن» بالقاهرة، وأخرجه البراء أشرف وإياد صالح، وكتب مادته العلمية وقام بإعداده مادة علي عبد المنعم، ويعد من الأعمال الضخمة على مستوى الإنتاج في العالم العربي لعام 2010، حيث استغرق العمل فيه ما يزيد على 6 أشهر، لمحاولة تتبع الطرق التي مشى فيها بطل الفيلم بالتسلسل التاريخي، ومقابلة أكبر عدد من أقاربه وأصدقائه، فضلا عن خبراء ومفكرين قاموا بتقييم المشروع الفكري له عارضين جانبا من وثائق وصور نادرة تكشف عن أجزاء خفية من حياة المفكر الراحل.

يقول علي عبد المنعم، معد الفيلم لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر تجربة مصطفى محمود من أهم التجارب الفكرية والأدبية في النصف الثاني من القرن العشرين، لذا كان الهدف من توثيقها تعريف الأجيال الجديدة بهذه الشخصية الفذة ورصد جميع جوانبها المتعددة من البداية حتى النهاية، لأن معظم الجمهور العربي تعرف على مصطفى محمود من خلال برنامجه الشهير (العلم والإيمان) فقط دون معرفة الجوانب الأخرى، كما أن حياة الرجل غنية وكانت له إسهاماته المتعددة والمتنوعة، بدءا من الطب والفلسفة والتأليف مرورا بالأدب والإعلام وانتهاء بالمؤسسة الخيرية التي قام بإنشائها باسمه في سنواته الأخيرة».

ويوضح عبد المنعم أن هناك الكثير من المعلومات عن مصطفى محمود كشف عنها الفيلم، مثل أنه أنشأ جمعية دينية وهو في سن الثانية عشرة، فضلا عن أنه ترك المدرسة عامين كاملين اعتراضا على ضرب مدرس له، وكذلك يكشف الفيلم عن حقيقة الصراع بينه وبين الرئيس جمال عبد الناصر والمواجهة بين الطرفين، فضلا عن أن الفيلم يكشف ويعرض وثائق سرية عن دور رئاسة الجمهورية التي تدخلت للتقليل من حدة هجوم مصطفى محمود على اليهود في بعض مقالاته.

وعن أهم المشاهد التي وردت في الفيلم يشير إلى أنها مشاهد الطفولة، وكذلك مشاهد ولقاءات الفترة الشائكة التي مر فيها من الشك إلى الإيمان ومشاهد فترة الشفاعة التي شهدت أكبر انكسار في حياة الدكتور مصطفى محمود لوقوف كل علماء الدين في مصر ضده، وكذلك وصف أئمة المساجد له بالكفر، وأيضا ما يعرضه الفيلم من لقطات لأهم ما جاء في 400 حلقة من حلقات «العلم والإيمان».

أما مخرج الفيلم البراء أشرف، فيوضح أنه كانت هناك معضلة في كيفية إنتاج عمل يكون بحجم وضخامة السيرة الذاتية للدكتور مصطفى محمود، مما نتج عنه ظهور بعض الصعوبات والعوائق، مثل العثور على أشخاص عاصروا العالم الراحل وكانوا قريبين منه، وصعوبات أخرى في التصوير داخل بعض الأماكن التي وجد فيها، وصعوبة العثور على وثائق أو مستندات بخط يده، كما رفض بعض المسؤولين الرسميين الحديث حول الرجل.

ويوضح مخرج الفيلم لـ«الشرق الأوسط» أنه لجأ إلى أسلوب «إعادة البناء أو إعادة تمثيل المشاهد»، الذي يمزج بين الوثائقي والدرامي كحل فني يحكي عن جوانب من حياة مصطفى محمود لم يكن يوجد لها مواد لعرضها، وكان لا بد من توضيحها للمشاهدين، حيث تمت الاستعانة بطفل شبيه به، لتمثيل فترة طفولته لأهمية ما وقع بها من أحداث أثرت على حياته فيما بعد، وتكرر الأمر مع فترات شبابه وكهولته، وذلك لمزج الدراما بالتوثيق حتى لا يمل المشاهد من كثرة المعلومات والأحاديث النظرية التي يتحدث فيها ضيوف الفيلم.

الفيلم إضافة إلى دوره في توثيق تجربة مصطفى محمود، يعد، في رأي مخرجه، إضافة مهمة للتجربة الوثائقية في الوطن العربي، لأنه يضيف إلى المكتبة العربية رصيدا من المشاهد والوثائق التي يكشف عنها لأول مرة، كما يرصد تاريخ الرجل من خلال مذكرات صوتية سجلها الراحل قبيل وفاته.

ويلفت أشرف إلى أن الجزء الأول من الفيلم ينتهي عند مرحلة الشك والإلحاد لدى مصطفى محمود بعد تأليفه كتابه الأول «الله والإنسان»، ويبدأ الجزء الثاني برحلته إلى الإيمان حتى وفاته، وهي التجربة التي تحكي عنها زوجته وأقاربه وأصدقاؤه.

وبحسب القائمين على الفيلم، فسوف يتم عرضه قريبا على عدد من الفضائيات العربية، في مقدمتها «الجزيرة الوثائقية»، وذلك في الذكرى الأولى للراحل.