مظاهر الترف في كردستان العراق.. وهناك من يشتري

طقم من الماس بسبعة ملايين دولار.. وساعة يدوية بخمسين ألفا

«القصر الذهبي».. محل مجوهرات جديد افتتح في متجر «الماجدي مول» بأربيل («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد كل ما يلمع في كردستان ذهبا.. بل غدا الماس يزاحم الأصفر ويزحزحه عن مكانته التي ظل يحتفظ بها منذ أن دخلت أربيل أول ليرة ذهبية تركية المعروفة شعبيا بـ«الليرة الرشادية» في عهد الاحتلال العثماني، فكان كل من يمتلك ولو بضعا من هذه الليرات يوصف في أربيل بالثراء الفاحش، رغم أن قيمتها في سنوات الأربعينات والخمسينات على سبيل المثال لا تصل إلى ربع قيمة الليرة الذهبية الحالية.

لم نكن نحن جيل الستينات بل وحتى جيل التسعينات في كردستان والعراق عموما نعرف شيئا عن الماس، فقد كنا نسمع به في الأفلام أو نقرأ عنه في الصحف، لكن شراءه ولمسه كان بالنسبة لعموم البشر في كردستان بمن فيهم أغنى الأغنياء حلما بعيد المنال، لكن هذا الحلم أًصبح حقيقة، فبات الماس يرصف فوق الواجهات الزجاجية بالمحلات التجارية بمدينة أربيل.

«القصر الذهبي» محل مجوهرات جديد افتتح مؤخرا في متجر «الماجدي مول» بأربيل، ويعرض أطقما من الماس بأسعار خيالية، لكنها مناسبة لذوي النعم من فئة الأثرياء الجدد التي نشأت في كردستان بعد سقوط النظام السابق في ظل الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي يشهدها الإقليم خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وأشار أحد الموظفين العاملين في متجر «الماجدي» إلى بيع أطقم الماس بملايين الدولارات في هذا المحل، لكن عندما التقينا بصاحب المحل لقمان عزيز أكد لنا أنه باع طقما واحدا من الماس بسبعة ملايين دولار أميركي، حتى إنه لم يحاول أن يلحظ اندهاشنا بهذا المبلغ الكبير فاسترسل قائلا «السوق رائجة والحمد لله، فالمشترون جاهزون لكل ما نستورده من الحلي والمصوغات ومن كل أنواعها من الذهب والماس، بل هناك طلبيات من بعض المشترين لنوعيات معينة من الأطقم، فعلى ما يبدو أن بعض الأسر الكردية باتت خبيرة بشؤون المجوهرات وما يطرح منها من موديلات جديدة، وهناك من يطلب منا شراء بعض الأطقم وفقا للكتالوغات التي يرونها على الإنترنت، وهذا يعني أنهم يتابعون آخر الصيحات العالمية في عالم المجوهرات».

عندما سألناه عن هذا المبلغ المرعب، وعن معدل الأسعار، أجاب «لا تستغربوا إذا قلت إن هناك من يشتري بسعر أكبر من ذلك بكثير، لكن مبلغ السبعة ملايين هو الحد الأقصى الذي وصلنا إليه لحد الآن، وإذا ما جاءنا طقم أغلى، فأنا على يقين بأننا سنجد له المشتري الجاهز». أما معدل الأسعار فيشير لقمان إلى أن «الأسعار تتفاوت حسب نوعية صياغة الطقم وحسب الجودة، فهناك أطقم وقطع تباع بعشرين ألف دولار وصولا إلى الملايين. لدينا أطقم من مختلف الأسعار، ولهذا فإن الإقبال على الشراء زاد في الفترة الأخيرة».

وحول زبائن المحل يقول «زبائننا ليسوا فقط من العائلات الأرستقراطية التي نشأت مؤخرا في كردستان، بل إن نسبة كبيرة منهم يأتون من بغداد، فأنتم تعلمون أن بغداد التي كانت قبلة أنظار العراقيين وحتى الخليجيين في العقود الماضية تحولت اليوم إلى (خرابة) وإلى فوضى أمنية، حيث لا يستطيع التاجر البغدادي أن يجازف بفتح محل مثل محلنا هذا خوفا من العصابات واللصوص والسارقين، ودعني أضرب لك مثلا، فعندما افتتح السيد محافظ أربيل نوزاد هادي هذه السوق وجاء إلى محلي واندهش بما رآه من المعروضات، قال لي «لست منبهرا بما تعرضونه في هذا المحل، بقدر ما أنا فخور بذلك، لأنني سأستطيع من الآن فصاعدا وأنا أزور محلات المجوهرات في بلدان العالم أن أقول لهم إن ما تخفونه أنتم في أقفاصكم الحديدية، نعرضه نحن في أربيل على الواجهات الزجاجية».

إذا كان طقم واحد من الماس يساوي سبعة ملايين دولار، فلا بد أن المعروض في المحل يفوق هذا المبلغ بأضعاف مضاعفة، مما يعني الحاجة إلى حماية أمنية.. لكن لقمان عزيز بدا فخورا بحالة الأمن والاستقرار المستتب في كردستان، نافيا أن يكون خائفا من مداهمة محله، وقال «الأمن والأمان موجودان هنا في كردستان، ولسنا مثل بغداد حتى تتعرض محلاتنا إلى مداهمات الإرهابيين، وكما سمعتم قبل أيام كيف أن عصابة للسرقة داهمت محلات الصاغة بكركوك وقتلت عددا من أصحاب تلك المحلات ونهبت كميات كبيرة من الحلي والمجوهرات في وضح النهار، بل إن تلك العصابة استخدمت حتى الأسلحة الثقيلة في هجومها على تلك المحلات، فمن يجرؤ هنا على مثل هذه الأعمال الإجرامية؟ هذا الأمان والاستقرار هو الذي شجعنا على عرض مجوهراتنا أمام الزبائن وعلى الواجهات الزجاجية، فلا نخاف من شيء حتى نخفيها عن أعين الناس».

وعن المصدر الأساسي لتوريد هذه المجوهرات خصوصا أطقم الماس يقول عزيز «المصدر الأساسي هو الإمارات العربية المتحدة، خصوصا إمارة دبي التي أقمت فيها لسنوات طويلة، وهناك أيضا الكويت وتركيا وبلجيكا وغيرها من البلدان، بل حتى إننا نتراسل عبر الإنترنت لشراء أو بيع طقم أو قطعة من الماس أو الحلي والمجوهرات الأخرى».

وعن مدى الإقبال على شراء هذه المجوهرات وتحديدا الماس الذي تعتبر سوقه جديدة على كردستان والعراق عموما، قال عزيز «أعتقد أن الكثير من العوائل الكردية الراقية باتت تمل الذهب، حتى إن الإقبال أصبح الآن أكثر على الذهب الأحمر والأبيض بدل الذهب الأصفر المعتاد، وذلك على سبيل التغيير، أما الماس فإن الإقبال عليه جيد، خصوصا من السيدات اللاتي يبحثن عن التغيير حتى في زينتهن، لكن مع ذلك أستطيع القول إن الذهب ما زال محتفظا بمكانته خاصة لدى العوائل ذات الدخول المتوسطة، كما أنه مادة أساسية لا غنى عنها في تجهيز العرسان، واليوم سجلت أسعاره أرقاما قياسية مقارنة بعدة أشهر سابقة، ومع ذلك فالإقبال عليه ما زال كبيرا، فأسعار الماس قد لا تتناسب مع دخول معظم الطبقات والشرائح في كردستان، ومع ذلك فإن تجارته رائجة والحمد لله».

ويتحدث لقمان عزيز عن تجارته في الساعات ويقول «محلنا هو الوكيل الوحيد في العراق لساعات (روليكس)، وهذه الساعات الفاخرة غالية جدا قياسا ببقية أنواع الساعات، لذلك لها مشترون خاصون أيضا، وقبل أيام بعنا ساعة واحدة بخمسين ألف دولار».