أزياء جديدة لا تدخل في صناعتها مواد كيميائية تحقق نجاحا كبيرا

العودة إلى الطبيعة.. أحدث توجهات الموضة في الهند

كانت الألياف العضوية والأصباغ وقماش الخادي المغزول يدويا والحرير بقصات غربية الأبرز خلال أسبوع ويلز لايف ستايل إنديا للموضة الذي أقيم مؤخرا («الشرق الأوسط»)
TT

ظلت «العودة إلى الطبيعة» شعارا لدوائر الموضة العالمية لفترة طويلة، وقد استيقظ المصممون الهنود على حقيقة أن المحافظة على البيئة يمكن أن تساعد في جمع المال بفضل الأسواق الدولية المربحة المقبلة على الأزياء الأخلاقية.

يأتي «غراس روت» كخط إنتاج الملابس العضوية لمصممة الأزياء الشهيرة أنيتا دونغر. وتتألف مجموعة أنيتا من الفساتين القصيرة والتنانير القصيرة والقمصان المصنوعة من قطن عضوي ومن بعض الأصباغ الطبيعية أو المستخلصة من الخضراوات أو النباتات الطبيعية والحرف اليدوية الهندية التقليدية مثل شيكانكاري، والطباعة عبر القوالب وتطريز الكوتش، التي تعكس الأساليب والحرف التقليدية التي لم تنل حقها من التقدير. وقد دعيت أنيتا إلى أسبوع الموضة الأخلاقية في باريس في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقد أسرت تصميماتها قلوب العديد من العملاء من النخبة من بينهن نجمات بوليوود من أمثال رافينا تاندون وماليكا شيراواتي وعائشة كوبيكار وأورميلا ماتوندكار وشابانا عزمي.

كانت كلمة الملابس الصديقة للبيئة الكلمة السحرية لدى المصممين في فعاليات الموضة الرئيسية لهذا العام. وكانت الألياف العضوية والأصباغ وقماش الخادي المغزول يدويا والحرير بقصات غربية الأبرز خلال أسبوع ويلز لايف ستايل إنديا للموضة الذي أقيم مؤخرا، الذي شارك فيه مصممون ذوو خبرة إلى مصممين أحدث استخدموا أساليب الحياكة التقليدية والأقمشة الطبيعية التي أثارت اهتمام المشترين العالميين.

وعرض المصمم الشهير ويندل رودريك، المقيم في ولاية جاوا، مجموعته الرائعة «كومبي ترايب»، التي استخدم فيها القطن الخشن المغزول يدويا، والقمصان المصنوعة من الفسكوز والحرير. وقد استلهم رودريكس ملابس مجموعته من قبيلة في جاوا تقوم على استخدام القطن والحرير المصبوغ بالألوان المستوحاة من المجتمع الغواياني التي استخدمت في صباغتها ألوان مستخلصة من أوراق الجوافة والرمان والنباتات المحلية والنيلية.

ويقول رودريكس: الأزياء البيئية هي المستقبل، والقابلية للاستدامة ستصبح الكلمة الرائجة حول العالم بالنسبة للمستهلكين؛ لذا تسعى بيوت الأزياء حاليا إلى البحث عن أصباغ وملابس لا تتهم بتلويث البيئة.

ويقول رودريك: «إنها الأزياء المتحدة مع العاطفة، إنتاج الساري في قبيلة كنوبي الذي عرض ضمن مجموعتي هو إحياء لأسلوب حياكة مفقود، ولم تصنع الملابس على حساب الطبيعة. وهو ما يعطيها تميزا؛ لأنها منتجات غير سامة».

أما المصمم سامانت تشوهان، والمقيم في دلهي فقد حاول نقل الحرير التقليدي من بغالبوري إلى مشاهدي العالم ونجح في مسعاه.

وقد استخدم تشوهان في مجموعته التي عرضت في أسبوع الموضة الهندي حرير أهيسما من متجر كوسوما راجاياه، الشخص الوحيد في الهند الذي ينتج الحرير دون قتل ديدان القز.

وقال تشوهان للمراسلين: «هذه المبادرة الجديدة أضفت بعدا جديدا تماما على خط إنتاجي، وقد لقيت الملابس صدى لدى العملاء. فهي تتسم بتصاميم رائعة والجميع يحبونها».

كان من بين المصممين الذين شاركوا في العرض المصمم جوجيت من دار إيلا، الذي عرض مجموعته من الملابس التي استخدمت فيها أقمشة عضوية. وأكد أن فكرة عرض أعماله على هذه المنصة المخصصة للأعمال جاءت بهدف الترويج للقطن العضوي حتى يستفيد منه المزارعون.

وقالت أسميت ماركتي: «إيلا» التي تعني إلهة الأرض التي تبدو الأجمل في فصلي الربيع والصيف؛ لذا فأنا أتحدث من خلال علامتي التجارية عن فلسفة ترتبط بالأرض. ولم تتعرض مجموعته العضوية إلى التبييض أو الصباغة؛ لأنها غسلت يدويا.

ولجعل هذه الملابس ذات الألوان الطبيعية تبدو مختلفة أضاف المصممون أبعادا مختلفة وإبداعية عليها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألا تأتي متأخرة في سباق الألوان في أسابيع الموضة؟ يقول تشوهان: «لا يزال كبار المصممين يستخدمون الجلود، لكني أعتقد أن مطالب السوق سرعان ما ستغير ذلك كله. وقد كان رد فعل المشترين إيجابيا تجاه مجموعتي الأخيرة، فقد احتوت على تصميمات رائعة بصورة جديدة وقد أحبها الجميع».

ويرى رودريكس، الذي كان واحدا من أوائل المصممين الذين بدأوا العمل مع الألوان والأقمشة العضوية، أن بطء عملية تصنيع الأقمشة العضوية هو ما يبعد المصممين عن اللجوء إلى العودة إلى الطبيعة «فالعديد من المصممين يخافون من فساد الألوان الطبيعية وتغير رائحتها، لكنها ليست كذلك. ربما تستغرق عملية إعداد الألوان وقتا أطول، لكنها ملابس ذات ضمير».

وأضاف تشوهان أن المستهلكين أو المشترين طلبوا منه إضافة لون إلى الملابس، لكنهم فيما بعد طلبوا الملابس بألوانها الطبيعية؛ لأنهم أدركوا أنها تبدو رائعة في نسقها الطبيعي.

وحملت مجموعة «أبهيشك دوتا وسوميترا موندال»، التي عرضت في أسبوع موضة لاكمي في سبتمبر، تركيزا خاصا على اللون الأخضر، ويقول أبهيشك: «استخدمنا أغراضا صديقة للبيئة، لكن الملابس في الوقت ذاته كانت مستقلة عن بعضها». وحملت مجموعته «إنديغو ريفولت» ألوانا طبيعية أكثر من استخدام الألوان الكيميائية في مجموعاته. وأضاف: «استخدمنا القطن العضوي في المجموعة ولو دققت النظر في الملابس لوجدت أن الملابس أكثر انسيابية واسترخاء وبسيطة في تصميماتها. هناك قصة هندية فيها، وقصاتها أكثر غربية. ولأنها مجموعة مبهجة يجب أن يحصل الأفراد عليها كلها».

من ناحية أخرى، حاول سوميترا أن يحطم الانطباعات التي استقرت في الأذهان بشأن قماش الخادي في إبداعاته، فيقول: «مجموعتي تتحدث بشكل عام عن الخادي، التي تدور هي أيضا عن الهند، فمن الضروري أن نبرز هويتنا. ولو أنك لاحظت لوجدت أن قماش الخادي هدية الهند للعالم، فهو قماش رائع. لقد أردت تحطيم الفكرة بأن الخادي مقصور على السياسيين أو كبار السن. فالخادي لكل الأعمار ويمكنك ارتداؤه في أي موسم. إنه موسم مبهج لكي تظهر أنه وقت سعيد. وقد فضلت الألوان الزاهية واستخدمت الظلال الداكنة للونين الرمادي والبني، وهكذا. وجاءت التصميمات زاهية الألوان. وهي ليست طباعة، بل مزيج من الحرفية؛ لذا فإن المجموعة بأكملها مطبوعة يدويا».

وتتفق مريم مزرور من الكويت مع مراسلة «الشرق الأوسط» في أن هذه الأزياء الصديقة للبيئة في أسبوع ويلز للموضة هي أحدث الاتجاهات التي تسود عروض الأزياء في لندن ونيويورك.

وقالت: لدينا أسماء كبيرة مثل ستيلا مكارثي التي تتسيد الموضة النظيفة. ويطبق المصممون عبر عواصم الموضة بالأمر ذاته. وهذا أمر منطقي؛ لأن متاجر التجزئة للملابس الفخمة، مثل بارنيز، تقدم خيارات للملابس الصديقة للبيئة. قد حصلت بارنيز مؤخرا على توكيل لعرض تصميمات فيليب ليم وستيلا مكارثي.

جدير بالذكر أن الهند تعتبر أولى دول العالم في إنتاج القطن العضوي، فقد وصل نصيب الهند عام 2009 في سوق إنتاج القطن العضوي إلى 60%. ومعروف أن الزراعة العضوية هي الزراعة التي لا تستخدم الأسمدة الكيميائية أو المبيدات الحشرية، وهو ما نتج عنه انخفاض المؤثرات الضارة على البيئة والمنتجين.

عندما يتعلق الأمر بالعودة إلى الطبيعة في الأقمشة والأزياء تحتل دارا أزياء مرتبة الصدارة، هما: فان هاوزن وآرو اللتان تقدمان أزياء مصنوعة 100% من القطن والكتان والأصباغ الطبيعية، واللتان تراعيان الحفاظ على البيئة ونشر الوعي بين المستهلكين. وعلى الرغم من أن أسعار ملابس فان هاوزن المصنوعة من مواد طبيعية تبدأ من 1,599 روبية، فإنها بذلك تقارب أسعار الملابس الأخرى المصنوعة من أقمشة أخرى، أما ملابس آرو فأغلى قليلا مقارنة بأسعار الملابس الطبيعية.

وقد أعلنت فان هاوزن أيضا عن تدشين خط إكو الجديد للقمصان، المصنوعة من قطن عضوي 100% زرع في بيئات طبيعية. وقد تم إيلاء الرعاية الكافية لضمان عدم استخدام المواد الكيميائية، وهو ما يضمن حماية دورة التربة، لا مساعدة النظام البيئي فقط، بل مساعدة الإنسانية ككل.

وقد أعلنت فان هاوزن أنها ستدفع نسبة 1% من كل قميص يباع لمنظمة «تري فور فري»، التي تولي اهتماما كبيرا بالغطاء الأخضر على هذا الكوكب. وقد لقيت هذه المبادرة استقبالا طيبا من العملاء في عموم أنحاء الهند.