طاه هندي يطعم الفقراء بالمجان ويقص شعر المحتاجين

ترك عمله في الفنادق الفاخرة

قدم كريشنان حتى الآن أكثر من 1.2 مليون وجبة إلى مشردي ومعدومي الهند الذين يمثل الجزء الأكبر منهم العجائز الذين تخلت عنهم أسرهم («الشرق الأوسط»)
TT

رغم صغر سنه، 29 عاما فقط، وشهرته في مجال الطهي، يضرب نارايانان كريشنان واحدا من أروع الأمثلة على الالتزام الشخصي. يستيقظ كريشنان كل صباح في الرابعة فجرا ويعد وجبة نباتية بسيطة ساخنة بنفسه ثم يحملها بمعاونة فريقه على عربة نقل صغيرة ويقطع نحو 200 كم ليطعم المشردين في مادوراي في تاميل نادو، وهي ولاية بجنوب الهند.

كثيرا ما يطعم كريشنان نحو 400 من الفقراء المعدمين بيديه يوميا، بل يقوم بقص شعر المحتاجين مجانا، فهو يحمل مشطا ومقصا وموسي حلاقة ويتقن عمل 8 تسريحات للشعر بالإضافة إلى حلاقة اللحية ليشعر من يقدم لهم هذه الخدمة بمزيد من الكرامة.

عمل كريشنان، الطاهي الشاب الموهوب القادم من مادوراي، قبل 8 سنوات لدى مجموعة فنادق فاخرة، وكان يستعد للذهاب إلى سويسرا لتولي وظيفة رفيعة الشأن، لكن زيارته لمسقط رأسه غيرت حياته إلى الأبد. فقد شاهد كريشنان رجلا مشردا عجوزا يأكل فضلاته، وقد غير هذا المشهد المؤسف حياته.

تخلى كريشنان عن خططه وطموحاته المهنية على غير رضا من والديه، وقرر أن يقضي حياته ويستغل مهنته في رعاية الذين لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم، فأنشأ مؤسسة غير ربحية باسم «أكشايا تراست» واستثمر بها كل مدخراته (2500 دولار). تستمد المؤسسة اسمها من الأسطورة الهندوسية التي تحكي عن «إناء أكشايا» وهو إناء بلا نهاية يمكن أن يأكل منه الجوعى إلى الأبد، وهو ما يتمنى أن تنجح فيه مؤسسته.

قدم كريشنان حتى الآن أكثر من 1.2 مليون وجبة، تشمل وجبات الإفطار والغداء والعشاء، إلى مشردي ومعدومي الهند، الذين يمثل الجزء الأكبر منهم العجائز الذين تخلت عنهم أسرهم.

يقول كريشنان إن الكثير من المشردين لا يعرفون أسماءهم أو أصلهم ولا يستطيعون التسول أو طلب المساعدة أو التعبير عن الشكر، بل إن بعضهم مصاب بالبارانويا (جنون الارتياب) وعدواني نتيجة لظروفهم، لكنه يؤكد أن هذا يقوي عزمه على تقديم المساعدة.

اضطرت المؤسسة لإيقاف بناء منزل أكشايا، الذي كان يمثل رؤية كريشنان لمسكن يوفر مأوى لمن يساعدهم مؤقتا نتيجة عدم توفر المال. ورغم الحاجة وقلة وسائل الراحة في نمط الحياة التي يعيشها كريشنان فإنه يقول إنه يستمتع بحياته.

وأوضح قائلا: «أشعر الآن بالراحة والسعادة، فعندي شغف واستمتاع بعملي. أريد أن أعيش مع أهلي». يعد كريشنان من أفضل 10 أبطال على قائمة قناة «سي إن إن»، وقد اختارته لجنة تحكيم الـ«سي إن إن» التي تتألف من نشطاء وفاعلي خير مثل محمد علي والسير ريتشارد برانسون من بين 10 آلاف مرشح. وسيتم اختيار الفائز من خلال استطلاع رأي شعبي على شبكة الإنترنت، وسيفوز المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات بمبلغ 100 ألف دولار إضافية.

من بين العشرة الموجودين على قائمة الـ«سي إن إن» ماغنوس ماكفارلين بارو، وهو رجل اسكوتلندي يقدم وجبات مجانية يوميا إلى 400 ألف طفل، وأكي را، الذي كان طفلا جنديا في صغره، ويعمل الآن في إزالة الألغام الأرضية في كمبوديا، وأنورادا كويرالا، التي تحارب الاتجار في البشر والاستغلال الجنسي لفتيات نيبال.

وتبلغ تكلفة العمليات التي تقوم بها مؤسسة «أكشايا تراست» نحو 327 دولارا يوميا، في حين تغطي التبرعات 22 يوما فقط من أيام الشهر. ويقول كريشنان «لقد كان أبواي غاضبين من قراري في البداية لتوقعهما الكثير من نجاحي في مهنتي»، وطلبت من أمي قائلا: «أماه فلتصحبيني وتري ما أفعله»، وبعد العودة إلى المنزل قالت لي أمي: «إنك تطعم كل هؤلاء وسأطعمك أنا بقية عمري». وأضاف قائلا: «إنني أعتني بأكشايا، ووالداي يعتنيان بي».