حياة شبكشي.. وجه دار «كريستيز» الجديد في السعودية

الدار تدرس السوق وتسعى لمساندة الفنانين الصاعدين

لوحة من مقتنيات الدكتور محمد سعيد فارسي أثناء بيعها في مزاد «كريستيز» الأخير في دبي
TT

مع وجودها في دبي أصبح لدار مزادات «كريستيز» دور مهم في إنعاش الحركة الفنية، خاصة في منطقة الخليج وجذب مجموعة جديدة من المقتنين والمهتمين بالفنون لاستكشاف ما الذي يمكن أن تقدمه الدار لمن يريد اقتناء لوحة فنية أو قطعة مجوهرات. ويذكر المهتمون في المنطقة ارتباط اسم الدار بمزادات ناجحة مثل المزاد الذي بيعت فيه مجوهرات سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وأخيرا المزادات التي قدمت فيها الدار المجموعة الفنية للدكتور محمد سعيد فارسي عمدة جدة الأسبق وتقديمها لعدد من الأعمال الفنية السعودية عبر عدد من مزاداتها الأخيرة.

ومن المنطقي أن تكون الخطوة التالية للدار هي محاولة استكشاف السوق السعودية بشكل أكبر ومعرفة الإمكانات التي يمكن استغلالها سواء كان ذلك عن طريق تشجيع السعوديين على المغامرة ودخول مجال المزادات الفنية أو عن طريق تشجيع ودعم المواهب الفنية الصاعدة والمشاريع الفنية في المملكة.

وتطمح الدار أن تستطيع الوصول بشكل أسرع وفعال إلى شرائح أعرض للجمهور السعودي عن طريق أول مستشارة لهم في المملكة. استقرت الدار على حياة شبكشي وهي فتاة سعودية من عائلة تهوى الفنون لتصبح أول ممثلة لهم في المملكة.

شبكشي التي درست الفنون والاقتصاد في معهد سوذبي بلندن قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها سعيدة بفرصة العمل مع «كريستيز» في السعودية وأكدت أن دورها كممثلة للدار في المملكة سيعتمد على تعريف الجمهور السعودي بأهمية المزادات والمشاركة فيها وأيضا التوعية بالتيارات الفنية في عالم الفنون والتعامل مع الغاليرهات الفنية في المملكة.

تقول حياة التي بدأت عملها فعليا مع الدار من خلال المزاد الأخير لـ«كريستيز» الذي أقيم في دبي أواخر الشهر الماضي: «حصلت على ماجستير الفنون وإدارة الأعمال من لندن، وتوفرت لدي الفرصة لمتابعة المعارض الفنية وزيارة دور المزادات خاصة ودراستي كانت في معهد سوذبي للفنون وهو ما جعلني أهتم بدور المزادات المختلفة».

ترى حياة أن سوق الفنون في السعودية ما زالت في دور التطور «في السنوات الأخيرة ظهرت العديد من الغاليرهات الفنية في الرياض وجدة ولكن دور المزادات مازالت عالما غامضا للسعوديين». الاهتمام الذي أحدثته دار «كريستيز» في دبي، خاصة عبر بيعها مجموعة الدكتور محمد سعيد فارسي، تسبب في زيادة الوعي بأهمية دور المزادات، «دورنا هو أن نبسط الفكرة للناس عبر إزالة الهيبة التي قد يحس بها البعض من حضور المزادات أو الشراء منها».

ما الذي يجذب المشتري السعودي وما هي توقعات الدار؟ تقول حياة: «أعتقد أن المجوهرات هي أسهل شيء هنا، فالناس يحبون شراء المجوهرات، خاصة في منطقتنا، وبالتالي فلا توجد مشكلة في جذب الجمهور لمزادات المجوهرات. أعتقد أن الجزء الأصعب هو لفت الأنظار إلى سوق الأعمال الفنية، وأنا أتطلع إلى جذب العملاء للإثارة التي تمثلها عملية الشراء في المزاد».

بول هيويت مدير إدارة المشاريع الدولية بدار «كريستيز» في لندن قال لـ«الشرق الأوسط»: «كريستيز وجهت اهتمامها للمنطقة منذ عام 2005، ولاحظنا وجود اهتمام في المنطقة بالفنون التشكيلية سواء من هواة اقتناء الفنون المحليين والعالميين. ارتبط بهذا الاهتمام ولادة حركة فنية سعودية معاصرة فتية، وهو الانطباع الذي أخرج به كلما زرت السعودية أو تبادلت الحديث مع المهتمين بالفن هناك».

«كريستيز» تراقب تطور الحركة الفنية في السعودية بشكل كبير، يقول هيويت: «ولهذا قررنا الاستعانة بمندوبة عن الدار وهي حياة شبكشي لتمثلنا على الأرض هناك. ونأمل أن نستطيع العمل بطريقة متواضعة مع رعاة الفنون هناك أو حتى مع الجهات الرسمية». ويشير إلى أن الدار بدأت بإجراء بعض المحادثات غير الرسمية لإعداد برنامج لمساندة الفنانين السعوديين المعاصرين بأفضل طريقة ممكنة حتى تلاقي أعمالهم الاهتمام الذي تستحقه.

المزاد الذي باعت فيه الدار مقتنيات الدكتور محمد سعيد فارسي كانت نقطة مهمة في استراتيجية الدار لممارسة نشاطها في المنطقة حسب ما يشرح هيويت «الفارسي كان راعيا هاما للفنون في السعودية، فقد استثمر الكثير في بناء مجموعته الفنية وفي جعل الفنون جزءا من نسيج الحياة في مدينة جدة. ولهذا فأنا أتمنى أن يكون قدوة لغيره وأن يكون هناك كثيرون غيره ممن يولون اهتماما مماثلا للفنون». يرى هيويت أن السلطات السعودية مستعدة لدخول مجال الفنون، فالاهتمام بالثقافة والفنون معلن وأحد مؤشراته هو الإعداد لإقامة متحف ضخم في المنطقة الشرقية وأيضا اشتراك السعودية في بينالي فينيسيا المقبل بجناح خاص. هذا ما يحدث الآن على الأرض ومن جانبنا فنحن موجودون أيضا عبر فريق من المختصين وممثلتنا في السعودية للمساعدة في إثراء الحركة الفنية ومساندتها. هناك العديد من الفرص لنا هناك من الناحية الاقتصادية أولا، وأيضا الفرص لدعم ومساندة الفنانين الصاعدين وطلبة الفنون عبر تقديم منح لهم لدراسة الفنون.

الخطوة المقبلة منطقيا ستكون إقامة فرع للدار في السعودية إذن؟ يقول هيويت بدبلوماسية: «أستطيع القول إننا ما زلنا في المراحل الأولى، أعتقد أننا يجب أن نفعل ذلك في المستقبل ولكن الوقت مبكر للدخول في تفاصيل ذلك. فمن خبرتي أعتقد أنك لدى دخولك سوقا جديدة ينبغي عليك محاولة فهم المكان أولا. ونقوم حاليا بجمع المعلومات ولدينا علاقات جيدة مع غرفة الاقتصاد العربية في لندن وسنحرص على التواجد كمراقبين في منتدى جدة الاقتصادي المقبل».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت الدار قد أعدت دراسات تستطلع بها اهتمامات السعوديين في المجال الفني، قال هيويت: «أجرينا بعض الدراسات وأستطيع القول بأن السعودية تضم تيارات مختلفة ومفاهيم مختلفة ففي جدة على سبيل المثال هناك عدد من المقتنين البارزين الذين قاموا ببناء مجموعات فنية مميزة. إقامة متحف ضخم بها في المنطقة الشرقية سيخلق حالة فنية هناك. لاحظنا أيضا الاهتمام بالمجوهرات والساعات فهناك تقدير واضح لها، خاصة من جانب النساء». «أحد الأشياء التي نبحث عنها دائما عند دخولنا سوقا جديدة هو التركيز على الغاليرهات الموجودة هناك، وأستطيع القول إن هناك عدد من الغاليرهات المقبلة في المملكة، وما سنحاول عمله هو إقامة محادثات مع الفنانين والغاليرهات التي يعملون معها وبحث طريقة عرض وتثمين الأعمال الفنية لديهم». الحديث عن الساحة الفنية في السعودية يستدعي تناول الحراك الذي تشهده الساحة الفنية هناك ففي السنوات الأخيرة ظهرت الكثير من الوجوه على الساحة من فنانين ومقتنين ويرى هيويت أن تلك الحركة اتخذت شكلا عالميا تمثل في معرض حافة الصحراء المتنقل الذي يرى أنه أصبح «علامة» في الحركة الفنية السعودية وكذلك المشاركة السعودية في بينالي فينيسيا عام 2009.