مراكش تحتضن أعمال فنانين أفارقة في معرض «حكايات أفريقية»

محاولة لإعادة اكتشاف الأصول والجذور

من لوحات معرض «حكايات أفريقية» («الشرق الأوسط»)
TT

تحولت بناية «بنك المغرب» المحاذية لساحة جامع «الفنا» في وسط مراكش إلى رواق فني، يحتضن لوحات معرض «حكايات أفريقية». هكذا تحولت بناية «بنك المغرب» التي عرفت كمكان ووجهة يقصدها الراغبون في التعامل المالي، إلى رواق فني يحتفي بالألوان والرسومات والمنحوتات والصور الفوتوغرافية من خلال معرض «حكايات أفريقية»، الذي ضم أعمال 24 فنانا تشكيليا من أجيال مختلفة، وشكل فرصة للتعرف على مستوى الفن التشكيلي في أفريقيا جنوب الصحراء.

وتوزع الفنانون المشاركون على 11 دولة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، من الكونغو وكوت ديفوار وبنين ومدغشقر ونيجيريا وسيراليون ومالي وجنوب أفريقيا وتانزانيا وموزمبيق ومالاوي. بعض زوار المعرض تساءلوا لماذا لا يضم المعرض أعمال فنانين من شمال القارة، ما دام يحمل عنوان «حكايات أفريقية»، مشددين على أن أفريقيا ليست سمراء بالكامل، وأنها شمال وجنوب، وبالتالي فإذا كان جنوب أفريقيا ممثلا في المعرض، فلماذا لا يكون شمال أفريقيا ممثلا بدوره؟

وما بين سؤال شمال القارة وجنوبها، تمنح اللوحات المائة المعروضة للزائر فرصة للانبهار وتذوق الفن التشكيلي في أبهى ألوانه وصوره. وليست الألوان وحدها ما يثير الإعجاب، بل الجمل التي نقرؤها داخل أو خارج إطارات الرسومات، حيث نكون مع العولمة ومجموعة العشرين، من 2009 إلى قمة كوبنهاغن، والتمييز العنصري في الولايات المتحدة الأميركية خلال ستينات القرن الماضي، وهشاشة أفريقيا والمعاناة الدائمة لشعوبها، أما في لوحات شيري صامبا فنكون مع جملة «حب الألوان»، و«أفريقيا التي تبقى مجرد فكرة» و«السير مع الكبار»، و«سر الأسماك».

ويعرف الفنانون المشاركون بشهرتهم عبر العالم، حيث كسبوا اعتراف عالم الفن المعاصر. لكن رغم الشهرة والأضواء ظلوا يحافظون على أصولهم الأفريقية، خصوصا شيري صامبا (الكونغو)، الأشهر في المغرب وفي العالم، الذي يبقى مثالا للتعلق بالجذور، ابن الحداد، الذي ترعرع بين عشرة أشقاء، قبل أن نعثر على طفولته وأصوله في لوحاته.

ويقول بيير بودو (الكونغو) عن تجربته: «رسوماتي تلخص ما أراه وما أسمعه وما أؤمن به وما أحلم به»، بينما يذهب فريدريك بريلي بوابري (كوت ديفوار) إلى أن «الفن يخطو على الخطوط الأولى للحضارة. الفن كأرفع تعبير عن الذكاء». ويرى شيري شيران (الكونغو) أن «الفن هو انطباعية شعرية للواقع الذي يعيشه الفنان خلال لحظة الخلق»، بينما يكتب جون جوبا (سيراليون) إنه يستلهم رسوماته من التقاليد والأسرار الأفريقية.

من جهته كتب أندريه مانغان، مدير ومنظم المعرض، أن أعمال الفنانين المشاركين تتخطى الزمان والمكان، وتؤكد واقع أفريقيا المتنوعة والمتعددة، أفريقيا التي لم تتوقف يوما عن مد الإنسانية بنبوغ أبنائها، على عادة القارة السمراء، وهي تبني نفسها، وتبتكر. وأضاف مانغان أن «المعرض يبحر بنا في قلب الواقع الأفريقي، من خلال رسومات ومنحوتات وصور فوتوغرافية، تنطلق من اليومي والمعتقدات والأحلام، متحولة إلى فن ببعد كوني». وشدد مانعان على أن أعمال الفنانين المشاركين تلتقي في ألوانها التي تترجم حقيقة الثقافة الأفريقية. وختم بالتأكيد على أن معرض «حكايات أفريقية» هو فضاء يعيد فيه الأفارقة اكتشاف أصولهم، بينما يبنون مستقبلهم.