«قمة النمر» يستضيفها رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين

لحماية مناطق وجود الحيوانات البرية وآخر 3000 نمر سيبيري

الجميع يتفقون على أن النمور، التي قدرت أعدادها في العالم قبل قرن مضى بـ100 ألف نمر، ستنقرض، ما لم يغير الأفراد من سلوكهم نحوها (إ.ب.أ)
TT

ينبغي أن تكون قصة النمر السيبيري الرائعة، الذي لم تنته معركته من أجل البقاء مقنعة لـ500 من دعاة الحفاظ على البيئة وقادة العالم الذين سيحضرون قمة النمر التي يعقدها فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء الروسي، نهاية الأسبوع الحالي.

وتأتي القمة، التي ستعقد في سان بطرسبورغ، حول مصير النمر فرصة فريدة للحفاظ على آخر 3000 نمر بري، أو نحو ذلك، مهددين بالانقراض، وكيفية إنقاذ مثل هذه الحيوانات الجميلة في المناطق الأخرى.

يقول دالي ميكويلي، مدير برنامج روسيا لجمعية الحفاظ على الحياة البرية: «كانت روسيا أولى الدول التي توشك على فقد نمورها، وكانت هي الأولى أيضا في الحفاظ عليها، ومن ثم هناك تاريخ طويل من الدروس في روسيا».

ويحضر ميكويلي، الذي يعمل في أقصى شرق روسيا منذ عام 1992 القمة، إذا ما سئل فإنه يعلم تماما ما سيقوله للحضور في المؤتمر.

وقال يوم الجمعة من فاليديفستوك: «النمور بحاجة إلى ثلاثة أشياء: إلى حيز أوسع، وبيئة طبيعية تضم فرائس محمية من الغزلان والخنازير البرية، وإلى قوانين تجرم الصيد، إنها تركيبة غاية في البساطة والفاعلية».

ويبدو أن الجميع يتفقون على أن النمور، التي قدرت أعدادها في العالم ككل قبل قرن مضى بـ100 ألف نمر، ستنقرض ما لم يغير الأفراد من سلوكهم نحوها. لكن بما أن العالم لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق حول أي شيء، تكرر الأمر ذاته مع النمور التي ألهبت خيال البشر في كل مكان، الذين رأوا في هذا القط الرشيق القوة والشراسة والعاطفة.

جدير بالذكر أن روبرت زوليك رئيس البنك الدولي قد نظم في عام 2008 مبادرة النمر العالمية، مستهدفا قمة 2010، سنة النمر الصينية، حيث تحاول الدول التي توجد بها النمور التوصل إلى خطة تهدف الآن إلى مضاعفة أعداد النمور بحلول عام 2022، التي توافق سنة النمر المقبلة في الصين.

ومن المتوقع أن تحضر كل دول نطاق النمر الثلاث عشرة إلى القمة، التي بدأت، أمس الأحد، وتستمر حتى يوم الأربعاء المقبل، حاملة معها خططا. وسيكون الهدف من القمة تعزيز جهود هذه الدول ووضع أجندة مشتركة، وجذب التمويلات ودفع القيادات السياسية والشعبية إلى تنفيذها. وتشارك في القمة أيضا الولايات المتحدة التي ستكون متبرعا رئيسيا في جهود الحفاظ على النمر.

وحتى الآن كانت هناك معارضة مهذبة حول المدى الذي ينبغي أن تكون عليه هذه الخطط، حيث تتوافر الرغبة في العمل على نطاق واسع وضخم عبر إشراك وتعليم المجتمعات، وتوسيع المناطق التي تقطنها النمور في الوقت الحالي. في حين يرى آخرون أن الموقف بات خطيرا، ومن ثم لا بد من تركيز المال والوقت على بعض المناطق القليلة قبل الإعلان عن طموحات أكثر تطلعا.

وقال بارني لونغ، مدير برنامج النمور في الصندوق العالمي للحياة البرية: «نود رؤية النمور تعيش في مساحات واسعة وصحية، لا في حدائق صغيرة تكون فيها عرضة للصيد».

وكانت جمعية الحفاظ على الحياة البرية ومؤسسة «بانثرا»، المتخصصتان في الدفاع عن القطط البرية، قد اقترحتا تركيز الجهود، وأكدت الجمعية على 42 موقعا ينبغي حماية النمور بها.

وقالت جوي والستون، مديرة جمعية الحفاظ على الحياة البرية في آسيا، إن تمركز 70 في المائة من نمور العالم في آسيا، من بينها 18 موقعا فيها تمركز رئيسي للنمور، في الهند وثمانية في ماليزيا وستة في روسيا توجب ضرورة بذل المزيد من الأموال من أجل مراقبة وتعزيز إنفاذ القانون لوقف عمليات الصيد غير الشرعي في هذه المناطق.

وحذر لوك هانتر، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة «بانثرا» من خطورة توسيع نطاق المحاولات، وقال: «إذا بدأتم بالحديث عن البنية التحتية والقول إن سدا لن يبنى طالما يشكل ذلك خطرا على النمور فذلك أمر جيد. لكن المشكلة هي أننا لا نملك الوقت لذلك. وربما كان تعليم المجتمعات أمرا جيدا، لكن مع الوقت سيكبر هؤلاء الأطفال وستكون النمور قد اختفت».

ويرى زوليك أن وجهات النظر هذه أقل تناقضا مما تبدو، وقال: «نحن نتفق على أننا إن لم نحافظ على السكان الأصليين، فليس هناك ما يمكن أن نتحدث بشأنه، لكن هؤلاء السكان يحتاجون في الوقت ذاته إلى مساحة أوسع للتجول فيها».

ويرى الصندوق العالمي للحياة البرية، أن الجميع سيتفقون، إلى حد ما، لأنه ينبغي عليهم ذلك إذا كان هناك بارقة أمل في إنقاذ النمور، ويقول مايك بالتزر، رئيس مبادرة إنقاذ النمور في الصندوق العالمي للحياة البرية: «سيكون العائق هو التمويل، ونحن نأمل أن نتمكن من الحصول على داعمين لنا».

القوانين القوية التي تجرم الصيد غير الشرعي والتمويل ستكون على الأجندة الروسية التي تستضيف القمة. وقد شهدت روسيا تراجع أعداد النمور وزيادتها خلال فترات ضعف وقوة القوانين والشرطة.

يذكر أن النمور السيبيرية كانت تتجول في السابق في غابات وجبال أقصى شرق روسيا بالمئات، لكن الاصطياد والتجارة دمرتها، وبحلول عام 1940 عندما كان ليف كابلانوف، مدير الحفاظ على الطبيعة الروسية قام بأول إحصاء علمي له، وجد 20 إلى 30 نمرا فقط.

وبحلول عام 1948 جرمت الحكومة السوفياتية اصطياد النمور، ولم تكن هناك سوى وسائل أو أسباب محددة لانتهاك هذا القانون.

بعد ذلك تم حظر استخدام الأسلحة، كما أغلق قسم كبير من الحدود من الصين، مما منع الاتجار غير المشروع في هذه الحيوانات وحظر بيع أي أجزاء من النمور. وبحول الثمانينات بلغ عدد النمور نحو 400 نمر.

وقال ميكويلي: «لم تكن هناك محفزات على الصيد غير الشرعي، وتضاءل إلى حد كبير».

وبين تفكك الاتحاد السوفياتي والاضطرابات التي تلت ذلك، تلاشت تلك الرقابة وحل محلها الفقر الذي شجع عمليات الصيد والسوق المستعدة في الصين القريبة، حيث تباع أجزاء النمر لاستخدامها في أغراض الطب التقليدي. ويتم اصطياد 20 إلى 30 نمرا سنويا بصورة غير شرعية في روسيا، ويخشي ميكويلي على مستقبل 500 نمر سيبيري يعتقد أنها لا تزال موجودة في المنطقة.

وقد أوقفت الشرطة في أقصى شرق روسيا شاحنة، يوم الاثنين، في إقليم خاسان بالقرب من الحدود مع الصين وكوريا الشمالية، تحمل نمرا مقتولا داخلها، وألقي القبض على الأشخاص الأربعة الموجودين بالشاحنة بتهمة الصيد غير المشروع. وأبدى ميكويلي أسفه على مقتل النمر، لكنه أبدى في الوقت ذاته سعادته باعتقال منتهكي الصيد. وقال: «إن لم نستطع حماية النمور، فلن نتمكن من حماية الموارد الطبيعية التي نعتمد عليها. وإذا أمكننا إنقاذ القطط الكبيرة، فسنستطيع إنقاذ أنفسنا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»