«حروف»: ليلة للخط العربي في الدوحة

مزاد لدار «سوذبي» يدور حول تطور ه عبر الأزمنة

«البيت» للفنان حسن مير
TT

فنون الخط العربي تتصدر الساحة الفنية منذ قرون، ولا تزال من أكثر الأشكال الفنية رواجا بين الجماهير العربية المهتمة بالفنون. ومن الملاحظ خلال السنوات الأخيرة استقرار هذا الفن الرفيع كأحد أهم أعمدة المزادات الفنية العربية والشرق أوسطية. ومن تلك المزادات التي أقامتها كبرى دور المزادات العالمية صعدت أنجم فنانين تخصصوا في هذا المجال، ولمع آخرون، ورسخ أساتذة في المجال أسماءهم بحيث أصبح لا يذكر مصطلح فن الخط العربي من دون أن تتبادر إلى الذهن أسماء مثل أحمد مصطفى أو محمد احسائي أو فرهد موشيري وغيرهم.

وربما لكل هذه الأسماء مجتمعة، وللنجاح المادي الذي تحققه تلك الأعمال، قررت دار «سوذبي» أن يكون مزادها القادم في الدوحة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، خاصا بفن الخط العربي دون غيره. الدار تعول على حب جماهير المنطقة العربية ومنطقة الخليج تحديدا لهذا الفن، ولذلك جمعت عددا كبيرا من أشهر الأسماء في هذا المجال في مزاد جديد من نوعه.

ويهدف المزاد من خلال تركيزه على باقة مختارة من أكثر الخطاطين المبدعين ابتكارا، والذين يعملون في مجال الخط العربي من اليابان، والولايات المتحدة الأميركية، وتركيا، والشرق الأوسط، والصين وشبه القارة الهندية، إلى تجسيد كل التطورات التي طرأت على هذا الفن وهو يستعد لدخول الألفية الثانية، ويعرض المزاد لقطع رائعة مرسومة على الكنفا، أو مخطوطة بالبرونز والنيون أيضا، وتلمع في هذا المزاد أسماء بحجم فرهد موشيري، أحمد مصطفى، برويز تنافولي، حسن مسعودي، محمد احسائي، علي عمر أرمس، ليلى الشوا، والفنان الباكستاني صديقين، بالإضافة إلى المشاركة القطرية المتمثلة في الفنانين يوسف أحمد وعلي حسن، فضلا عن الفنان إم إف حسين المقيم في دولة قطر.

المزاد يضم 145 تحفة فنية تمثل أعمال 65 فنانا من 24 بلدا مختلفا، والملاحظ فيها هو تنوعها ما بين الأشكال الكلاسيكية لفن الخط العربي من مخطوطات قرآنية بالخط الكوفي إلى منسوجات مطرزة بآيات قرآنية وستائر للكعبة من عهد الدولة العثمانية إلى لوحات معاصرة تعالج موضوعاتها باستخدام الخط العربي، وإن كانت تتنوع ما بين الآيات القرآنية والشعر إلى الموضوعات السياسية والاجتماعية.

ربى أصفهاني، خبيرة الفن العربي والإيراني بقسم الشرق الأوسط في «سوذبي»، قالت في حديث مع الشرق الأوسط «عندما فكرنا في إقامة مزادنا التالي في الدوحة، قررنا أن يكون هناك موضوع واحد يجمع الأعمال الفنية المعروضة. الخط العربي كان هو الاختيار الواضح الذي سيجمع بين الفنانين البارزين في هذا المجال من الشرق الأوسط وإيران، وأيضا سيمنح الفرصة لفنانين من أماكن أخرى في العالم مثل اليابان والصين وباكستان للمشاركة وعرض أعمالهم». وتشير أصفهاني إلى أن معرض «الكلمة في الفن» الذي احتضنه المتحف فالبريطاني في لندن عام 2006 كان بمثابة مقدمة للجمهور الغربي لهذا الفن.

التنوع في الأعمال المعروضة ملحوظ جدا، ويطرح تساؤلا حول تفسير مصطلح الخط العربي كما تقدمه الدار، وتعلق أصفهاني قائلة «مجال الخط العربي كان مقتصرا على الكتابات الدينية والشعر قديما، لكنه الآن تطور واتسعت رقعته، وضم إليه الغرافيتي والرسومات والصور». وفي هذا الإطار يمكن رؤية عمل الفنانة بيتا غيزلياغ والتي تصور رداء عربيا قديما مصورا عليه زهور زرقاء تقابلها صفوف من البندقيات الفضية والذهبية، بشكل مختلف، وبالمثل أعمال أخرى لمصورين مثل حسن مير، والذي يقدم صورة فوتوغرافية لشخص يرتدي جلبابا ويغطي رأسه ووجهه بوشاح، وفي الخلفية نرى بقايا منزل قديم، والكتابات تنتثر على جدران المنزل، وعلى رداء الرجل الواقف أمامنا، وحسب أصفهاني فإن أبيات الشعر المكتوبة على المنزل تعمل على إضفاء صبغة شاعرية على الصورة.

من الأعمال التي يقدمها المزاد أيضا لوحة للفنان الباكستاني صديقين «سورة الرحمن» مرسومة بالزيت والحبر على الكنفا (60 ألفا إلى 80 ألف دولار)، والفنان المصري أحمد مصطفى بعنوان «الإسراء والمعراج» تنبض بالروحانية والسكينة (700 ألف إلى 900 ألف دولار). وتتصدر المزاد لوحة بديعة التكوين تحمل كتابات باللون الذهبي على خلفية من الكنفا البيضاء للفنان فرهد موشيري تتراوح قيمتها التقديرية بين 11 ألفا و150 ألف دولار أميركي، ويحاول موشيري في هذه اللوحة المزج بين جمالية الفن الانطباعي التجريدي الغربي والمفهوم الإسلامي. أما الفنان الإيراني محمد احسائي فيقدم لوحة غير معنونة مرسومة بالزيت على الكنفا وهي من بواكير أعماله (250 ألفا إلى 350 ألف دولار أميركي). من قطر يشارك الفنان يوسف أحمد بعمل «حركة الحرف» (30 ألفا إلى 50 ألف دولار)، ومن فلسطين ليلى الشو بلوحة من سلسلة «من جدران غزة» (20 ألفا إلى 25 ألف دولار أميركي).