الأكياس البلاستيكية.. تصنع في ثانيتين وتستهلك في 12 دقيقة وتتحلل في ما بين 200 إلى 400 سنة

ينتج منها المغرب 3 مليارات سنويا بمعدل أكثر من 11 كيلوغراما للفرد

من حملة «جمعية موارد البيئة والطاقة» للتوعية في سوق شعبية بمراكش («الشرق الأوسط»)
TT

تحول القضاء على الأكياس البلاستيكية في المغرب إلى قضية اجتماعية وحكومية، تتطلب انخراط الجميع في العمل على الحد من الآثار السلبية التي تترتب على استمرار استهلاك هذه الأكياس «عدو الإنسان والبيئة» التي تصنع في ثانيتين وتستهلك في 12 دقيقة، بينما يستلزم تحللها ما بين 200 و400 سنة.

ونظمت في مختلف المدن والقرى المغربية، على مدى الأشهر الماضية، حملات توعية قامت بها جمعيات تهتم بالبيئة وحماية المستهلك، بتنسيق مع وزارات البيئة والتجارة والصناعة، شملت الساحات العامة والأسواق الشعبية والمؤسسات التعليمية، لإقناع الناس بالتخلي عن الأكياس البلاستيكية بشكل عام، والأكياس البلاستيكية سوداء اللون بشكل خاص، واستخدام بدائل أقل تلويثا للبيئة وغير مضرة بصحة الإنسان.

وما شجع الجمعيات المغربية في حملات التوعية هو صدور قانون يحظر تصنيع الأكياس البلاستيكية سوداء اللون، ويحدد المعايير والمواصفات التقنية لتصنيع الأكياس البلاستيكية، بشكل عام. وفي هذا السياق، نظمت «جمعية موارد البيئة والطاقة» في مراكش حملة للتوعية، تحت شعار «باراكا من الميكا» (أي كفى من الأكياس البلاستيكية)، كان هدفها توعية المراكشيين بخطورة الأكياس البلاستيكية على صحة الإنسان وآثارها السلبية على الطبيعة والبيئة، مع طرح بعض الحلول البديلة للحد من هذه الإشكالية المجتمعية.

وتضمنت حملة التوعية لقاءات خصصت للتجار في الأسواق الشعبية وبائعي الأكياس البلاستيكية، وذلك من أجل توعيتهم وشرح القوانين الجديدة المتعلقة بالأكياس البلاستيكية، كما تم توزيع أكياس بديلة، صديقة للبيئة، على المستهلكين، مع تنظيم حملة لجمع الأكياس البلاستيكية، وتحفيز السكان على الانخراط في هذا المشروع، حماية لمجال عيشهم وجودة حياتهم، وبرمجة أنشطة داخل المؤسسات التعليمية لفائدة الأطفال.

وقال ياسين الزكزوتي، رئيس الجمعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا سبيل لمواجهة خطر الأكياس البلاستيكية إلا بانخراط جماعي في برنامج توعية مستمر يشمل المواطنين، ويضم جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والسلطات المحلية، وتسهم فيه الوزارة بمهمة وضع القوانين والسهر على تطبيقها».

وعن اختيار مراكش للقيام بالحملة قال إن المدينة الحمراء صارت معروفة بطابعها السياحي وبحجم سكانها الكبير وتوسعها العمراني المتسارع، مع ما رافق ذلك من نشاط اقتصادي كبير، ترتب عليه إنتاج كبير للنفايات واستهلاك متزايد للأكياس البلاستيكية.

وأشار الزكزوتي إلى أن الإنتاج المغربي من الأكياس البلاستيكية يصل إلى ثلاثة مليارات كيس في السنة، بمعدل استهلاك فردي يبلغ 11.7 كيلوغرام. مشددا على أن خطر الأكياس البلاستيكية يتلخص في أنها تصنع في ثانيتين وتستهلك في 12 دقيقة، بينما يستلزم تحللها ما بين 200 و400 سنة، الشيء الذي يفرض على كل غيور على مستقبل صحة الإنسان وجودة الحياة، أن يعمل ما في وسعه لمواجهة هذا المنتج المهدد للإنسان والبيئة، من جهة أنه ينتج مادة «ثاني أكسيد الكربون» المتسببة في السرطان، فضلا عن أنه مضر بالنباتات والحيوانات، وغيرها.

وتحدث الزكزوتي عن إشكال ثقافي يعرقل القضاء على الأكياس البلاستيكية سوداء اللون، يتمثل في أن بعض المغاربة يفضلون حجب مشترياتهم عن الفضوليين، ولذلك يميلون إلى استعمال الأكياس البلاستيكية سوداء اللون. لكنه أضاف: «حين نخيرهم بين حجب مشترياتهم وتهديد صحتهم يختارون الصحة»، موضحين لهم أن أكياس القماش، مثلا، يمكنها أن تغطي المشتريات، وفي الوقت نفسه، غير مضرة بالصحة والبيئة.

وانتقد الزكزوتي تحايل بعض الصناع، الذين صاروا يصنعون أكياسا بنية اللون، مشيرا إلى أن جمعيته تراهن على استمرار هذا البرنامج، وعلى توسع دائرة المسهمين فيه، وذلك بهدف تغيير ثقافة الاستهلاك التي غدا من الملح، اليوم، إدماج مبادئ احترام البيئة فيها من أجل مدينة نظيفة، محترمة لحق الأجيال المقبلة في محيط عيش متوازن وسليم.

وسبق للمغرب أن أقر قانونا، أعدته وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة ووزارة الطاقة والمعادن والمياه والبيئة، ينص على إجبارية تطبيق المعيار المغربي (11.4.050) المتعلق بالتغليف بالمواد البلاستيكية والأكياس المعدة للمواد الاستهلاكية، وكذا متطلبات الجودة والحفاظ على البيئة. ويفرض هذا القانون وضع ختم على الأكياس واللفائف تبرز التركيبة والمواصفات التقنية ومدة صلاحيتها، ويحدد أنواع الأكياس البلاستيكية المعنية، ونطاق تطبيق بنود هذا القانون، مستثنيا الأكياس البلاستيكية التي تستعمل في المجال الصناعي والزراعي، وفي جمع النفايات.

ويعتقد أن من شأن توضيح المسار المرتبط بإنتاج الأكياس، وأصلها، وهوية الجهة المصنعة، تلافي الاستخدام المضر بالبيئة والصحة، ويجعل تحلل الأكياس عملية قصيرة المدى.

وكان أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، شدد، لدى تقديمه هذا القانون، على أن تقدم الدول لم يعد يقاس بأرقام المعاملات الاقتصادية بقدر ما يقاس بمدى احترام شعوبها ومؤسساتها للتوازن الشامل بين استغلال الموارد الطبيعية والمحافظة عليها.

وقبل الوصول إلى مرحلة المصادقة على حظر استعمال الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل، واستبدال الأكياس واللفائف القابلة للتحلل بيولوجيا بها، وضع المغرب برنامج عمل مر عبر مراحل، هي: وضع مواصفات ذات تطبيق إجباري للأكياس واللفيفات البلاستيكية، منذ سبتمبر (أيلول) 2009، تمنع استعمال الأكياس سوداء اللون، والأكياس البلاستيكية ذات السمك الأقل من 35 ميكرومترا، كما شمل تنظيم حملات تواصلية وتحسسية حول استعمال الأكياس البلاستيكية، إلى جانب تنظيم حملات لجمع النفايات الناجمة عن الأكياس واللفيفات البلاستيكية، للتخلص منها.

ولم يتوقف التعامل مع استعمال الأكياس البلاستيكية سوداء اللون، في المغرب، عند حد التوعية والتحسس، بل امتد ليشمل المراقبة الميدانية على مصانع البلاستيك، بقصد التأكد من التوقف عن إنتاجها، وهي مراقبة تصل حد تعريض المخالفين إلى عقوبات.