إيف سان لوران يتجلى في «حديقة ماجوريل» عبر معرض «أمير الموضة والمغرب»

مصمم الأزياء العالمي نثر رماده بين أشجار واحدة من أجمل الحدائق في العالم

الأميرة للا سلمى لدى افتتاح معرض «إيف سان لوران والمغرب»
TT

ترأست الأميرة للا سلمى، قرينة العاهل المغربي الملك محمد السادس، في حديقة «ماجوريل»، بمراكش، حفل تدشين معرض «إيف سان لوران والمغرب». وكان «أمير الموضة»، وهو اللقب الذي اشتهر به المصمم العالمي الراحل، إيف سان لوران، توفي في يونيو (حزيران) الماضي، عن 71 سنة. واشترى الفنان الراحل عام 1980 مع صديقه، بيار بيرجيه، رجل الأعمال الفرنسي، فيلا «الواحة والحديقة» التي كان يملكها الرسام الفرنسي جاك ماجوريل. وتلبية لوصية، تم الإعلان عنها بعد وفاته، قام أصدقاء المصمم العالمي الراحل بنثر رماده بين ظلال حديقة «ماجوريل»، التي تعد حاليا واحدة من أجمل الحدائق في العالم. ويعتبر إيف سان لوران من بين مشاهير العالم، الذين عرفوا بعشقهم للمغرب ومدينة مراكش، غير أنه ذهب مع عشقه إلى أقصى حد ممكن، وهو يوصي بنثر رماده بين أغصان وخضرة وظلال الحديقة «الزرقاء».

ويعول المنظمون على أن يشكل المعرض فرصة للاطلاع، عن قرب، على مدى تأثير المغرب في أعمال الفنان الراحل، حيث اعتبر هذا البلد من بين أهم مصادر الإيحاء والإلهام التي ميزت تصميماته. ويجد الزائر في استقباله بالمعرض مجموعة من الصور والرسومات التي تؤرخ للحظات السعادة التي قضاها إيف سان لوران في المغرب، حيث امتزجت الصداقة بالعمل لتشغل الحيز الأكبر من حياة هذا الفنان.

ويقدم المعرض 44 نموذجا مزينا بإكسسوارات متنوعة، ومصحوبة بوثائق من صور ونصوص. وهو يشتمل على ثلاث قاعات، تضم الأولى مجموعة من التصاميم التي أبدعها الراحل إيف سان لوران، كالقفطان والعباءات والسراويل المزينة والمطرزة على الطريقة المغربية، التي استلهمها من اللباس المغربي الأصيل، وفي الثانية يأخذ كريستوف مارتن، مصمم المعرض، الزائر خارج المنزل في جولة بين أحضان الطبيعة، حيث يمتزج اللون الوردي والأحمر والأصفر بالألوان الصامتة كلون الصوف الطبيعي والبني والأزرق الداكن، وفي الثالثة يستحضر مصمم المعرض الحلم الأفريقي، حيث تعرض نماذج خالدة من مواد متنوعة، ناهيك بقصات الشعر الرائعة التي تتزين بها هذه النماذج.

وتعتبر حديقة «ماجوريل»، التي تحتضن المعرض، أحد أهم معالم مدينة مراكش، وسميت كذلك نسبة إلى الرسام الفرنسي جاك ماجوريل، الذي ولد في مدينة نانسي الفرنسية عام 1886، قبل أن يحلّ بمراكش لأول مرة عام 1919، حيث وجد السحر اللازم والفضاء الملائم لوضعه الصحي، واستقر هنا وواصل هوايته كرسام.

وفي عام 1924 اشترى جاك ماجوريل قطعة أرضية، حولها إلى حديقة اشتهرت لاحقا بحديقة «ماجوريل» وأصبحت عنوانا ووجهة سياحية. وقد تم افتتاح الحديقة أمام الجمهور عام 1947. وبعد فترة من موت جاك ماجوريل، إثر حادث مروري عام 1962، بقيت الحديقة مفتوحة أمام الجمهور، لكنها تعرضت لإهمال كبير، إلى أن اشتراها، عام 1980، إيف سان لوران وبيير بيرجي، اللذان كانا من المعجبين بها، حيث قاما بإنقاذها من الزحف العمراني الذي حصد عددا من الحدائق بالمدينة الحمراء.

وتقول مصادر محلية في مراكش إن إيف سان لوران وصف فكرة تحويل الحديقة إلى فندق بأنها «أقصى درجات البشاعة». ولأنه لم يكن، كما قال عنه الفنان عبد الرزاق بن شعبان، مهووسا بالربح المادي، فقد تدخل واقتنى الحديقة للحيلولة دون اندثارها، الذي بدا حينها وشيكا، فحافظ عليها وطورها لتأخذ موقعها في قلب نسيج المعالم التي تشكل نقطة جذب لسياح المدينة الحمراء وعشاق الحدائق من مختلف أنحاء المعمور، لتبدأ، بعد ذلك، عمليات الترميم، التي نتج عنها إنشاء وتمويل «جمعية حماية وإشعاع حديقة (ماجوريل)» من أجل حماية التراث الآيكولوجي التاريخي والثقافي، الذي تمثله الحديقة وكذا «متحف الفن الإسلامي»، الذي كان في بدايته مرسما بناه جاك ماجوريل لنفسه عام 1931. ويوجد «متحف الفن الإسلامي» داخل الحديقة، التي تبلغ مساحتها هكتارا، وتضم أكثر من 300 نوع من النباتات النادرة، تم جلبها من مختلف مناطق العالم، بعد أن لم يكن العدد يتجاوز 195 نوعا عام 1999.

وتعرض بالمتحف قطع فنية تلخص للفن الإسلامي، وتشمل معروضات خزفية وأسلحة ومجوهرات ومنسوجات، وهي كلها من مقتنيات إيف سان لوران وصديقه بيير بيرجيه، رئيس «مؤسسة بيير بيرجي إيف سان لوران»، كما تعرض به بعض أعمال جاك ماجوريل، وفاء للراحل ومتعة للعين وغذاء للروح.