أناقة بطلات المسلسلات التركية تنعكس على موضة اللبنانيات

من الفساتين القصيرة حتى السيارات الفارهة

أبطال مسلسل «العشق الممنوع» («الشرق الأوسط»)
TT

»حين زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لبنان، شعرنا أننا أمام رجل نعرفه ونعرف بلاده جيدا» تقول جنان، الصبية المتابعة للمسلسلات التركية التي تتعاقب على الشاشات العربية. أكثر من ذلك تضيف: «نعرف المدن التركية وبعض المناطق الريفية بعاداتها وتقاليدها من ماردين إلى غازي عنتاب وأنقره وأضنه، إضافة إلى اسطنبول التي تدور فيها غالبية أحداث المسلسلات».

تأثير المسلسلات التركية على اللبنانيين ما عاد يحتاج إلى دليل، وهو يتجاوز معرفة الأماكن والأسماء والعادات وسبل العيش هناك، ليدخل في تفاصيل المأكل والملبس وأسلوب فرش المنازل.

تشرح علا التي بدورها تتابع بنهم هذه المسلسلات وتقول نحن في يومي الخميس والجمعة حيث لا تعرض حلقات جديدة من مسلسلي «سيلا» و«العشق الممنوع» التركيين نشعر أننا نعيش فراغا حقيقيا في البيت. أما باقي الأيام فباتت لنا طقوس عائلية لا نغيرها. تستعد عائلتي كل مساء لمشاهدة المسلسلين بتحضير الشوكولاته والبزورات والقهوة والعصير، كي لا يضطر أحد منا لأن يتحرك من مكانه لمدة ساعتين. وتؤكد مشاهدة أخرى أن الخدم بدورهم يشاركون في هذا الطقس العائلي الذي أصبح متشابها في عدد من البيوت اللبنانية، حيث يصير الرد على التلفون من الأمور غير المحببة لأهل البيت.

تؤكد هذه المشاهدة أنها وصديقاتها أثناء عرض مسلسل «عاصي» في الموسم الماضي، بدأن يلبسن الجاكيتات الطويلة والمعاطف مع حزام عريض كما تفعل بطلة المسلسل. لكن الميول تغيرت هذا الشتاء بعد أن أصبح أبطال مسلسل «العشق الممنوع» (الذي يعرض حاليا) لا سيما بطلته الأولى سمر، موضع متابعة دقيقة من المشاهدين، من رأسها حتى أخمص قدميها. فهذه المرأة الجميلة والمتزوجة برجل يكبرها سنا مغرمة بالشاب الجامعي الذي رباه زوجها ويعيش معها في بيت الأسرة الكبير. تحولت أناقة سمر إلى نموذج يحتذى، بين المتفرجات اللبنانيات. فالفساتين القصيرة التي تلبسها مع بوطاتها الشتوية التي تصل إلى ركبتها، باتت أسلوبا في اللباس بين العديد منهن، كما إكسسواراتها المغرية التي تغيرها باستمرار. الخاتم الكبير الحجم الذي تضعه في المشاهد، خاصة أنها تغيره من مشهد إلى آخر، فيما تحرص الكاميرا على التقاط هذه التفاصيل بخبث واضح، وكأنما نية فتنة المشاهد مبيته سلفا عند هذا المخرج الحاذق في مطاردة كل صغيرة وكبيرة. فالممثلون يبدلون أزياءهم ومجوهراتهم وسياراتهم بسرعة باهرة مما يدهش العين. تتدخل نسرين وتقول إن «بطلة العشق الممنوع لا تحتفظ طويلا بأي شيء ولا حتى بالستائر الموجودة في غرفتها، وتستبدلها كلما غيرت غطاء سريرها». بذخ يبدو أنه يرضي العين اللبنانية التي تبحث عن الجمال أينما كان.

لا يفوت المتفرج على هذا المسلسل أن كاميراته تتابع تفاصيل الرغد الذي تعيشه العائلة الغنية، محور القصة، بعناية كبيرة، كما يتم التركيز على أجهزة «آي فون» التي يستخدمها الممثلون للاتصال ببعضهم البعض، مما جعل المتفرجين يتوقون إلى استخدام هذا النوع من الأجهزة التي تعمل باللمس بدل «البلاك بيري» الأكثر انتشارا في لبنان.

ولا تخفي إحدى المتفرجات وتدعى علا، أنها تقصت من بعض المقيمين في تركيا حول أسماء المحلات التجارية التي يمكن عبرها الحصول على ملابس كتلك التي يلبسها الممثلون والممثلات في هذا المسلسل. أما ريان فلا تخفي أنها منذ رأت فيروز خانوم (أم سمر) تلبس قلائد اللؤلؤ على أنواعها صارت ترغب في هذا النوع من الإكسسوار، فيما تقول صديقتها إن كل المجوهرات الماسية التي تستخدمها البطلات باتت مشتهى السيدات.

حين تتحدث مع المتفرجات اللاتي تابعن «العشق الممنوع»، تعرف أنهن بتن يستخدمن الكولونات الملونة، وحتى الفوسفورية منها منذ شاهدن الجميلة سمر تلبسها وتبدلها لونا بعد آخر. تضحك إحداهن وتقول: أنا لم أكن ألبس الكولون النايلون مع الصندل الصيفي، لكن منذ رأيت سمر تفعل ذلك، قلدتها وخرجت من البيت وكنت سعيدة جدا بذلك.

الصدود عن البرامج السياسية جعل المتفرجين نساء ورجالا يبحثون عن نوع آخر من البرامج، لا سيما البرامج المضحكة التي تعتمد النكتة والسخرية إضافة إلى المسلسلات على أنواعها، ومنها المسلسلات التركية التي باتت تشكل نافذة على ما هو مختلف عن العربي. وبعد أن أصبحت موضة المكسيكي نافدة، جاء التركي وكأنما هو موجة محببة لما عند المتفرج من خلفية مسبقة بالإحساس بتشابه الثقافتين. وإذا كان الحس العائلي العالي في مسلسل «نور ومهند» قد خلب الألباب حين عرضه، فإن مسلسل «سيلا» الذي يعرض حاليا يجد صدى، بحسب ما تقول إحدى المشاهدات: «لأنه ينقلنا إلى الريف التركي لنتعرف على العادات والتقاليد، وحياة الأغوات هناك، ومشكلة الشرف التي ما تزال موجودة في بعض المجتمعات العربية إن لم يكن أغلبها». أما «العشق الممنوع» بما فيه من غنى ورفاهية، فقد جعل المتفرج يدهش أمام ما تراه عيناه طوال الوقت من ترف بدءا من الملابس وفرش المنازل التي تبدو كأنها تغطس في الماء وصولا إلى الحدائق الخلابة والمناظر الطبيعية.

تقول ندى إن «موجة تقليد ما يشاهد في المسلسلات التركية ليست مسألة جديدة، لكن الوتيرة ترتفع الآن، فالطالبات في الجامعات بتن يحاولن الظهور على طريقة هذه البطلة أو تلك، ويبحثن في الأسواق عن بلوزات وتنانير وفساتين تشبه التي تلبسها البطلات». وتضيف: «كنبة سمر الزهرية التي تضعها في غرفتها محط أنظار الكثيرات، وكذلك الثريات والسجاد واللوحات الزينية الفاخرة الموجودة في البيوت الفخمة وصولا إلى حقائب اليد وشنطات السفر».

ومع أن الغالبية النسائية هي الأكثر تعلقا بهذه المسلسلات فإن الرجال يتابعونها بدورهم وإن بنسبة اقل، ويقول أحدهم إنه ما كان يهتم في البداية لكن «حين يصبح المسلسل برنامجا منزليا يوميا، فلا بد من مجاراة الآخرين في اهتماماتهم». وهو يعتبر أن «القصص التركية مسلية، وتناسب المزاج العربي، وإن كانت الحلقات كثيرة حيث تتجاوز المائة بكثير».

ولا يتردد الذين تحدثنا معهم في الربط بين السياحة إلى تركيا التي ازدادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بسبب رغبة اللبنانيين في زيارة الأماكن التي باتوا يعرفونها عن ظهر قلب، بفضل المسلسلات. وثمة من يضحك ويقول بعد أن كان اللبنانيون يسخرون من اللهجة السورية باتت محببة إليهم، لأن أبطالهم الأتراك يتحدثون بها (الدبلجة باللهجة السورية) وربما أنهم وجدوا الأمر مسليا وباتوا هم أيضا يستخدمونها في يومياتهم، تيمنا بالشخصيات التي أحبوها في هذا المسلسل أو ذاك.