مترجمو ابن بطوطة يرونه عميدا لرحالة العالم في مؤتمر دولي بالدوحة

يناقش آثار الرحالة العرب والمسلمين بمشاركة 85 من المهتمين بأدب الرحلة خلال ألف عام

وزعت في حفل الختام جوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة في مجالات «تحقيق الرحلات» و«الدراسات في أدب الرحلة» و«الرحلة المعاصرة» و«اليوميات» («الشرق الأوسط»)
TT

في محور خصصه المؤتمر الدولي «العرب بين البحر والصحراء» المنعقد بالعاصمة القطرية للرحالة العربي الأشهر شمس الدين محمد بن عبد الله الطنجي الشهير بابن بطوطة، قال بعض مترجميه إنه عميد للرحالة في العالم وإن تراثه لا يخص بلده المغرب ولا العرب ولكنه ينتمي إلى التراث الإنساني.

وترجمت رحلات ابن بطوطة وعنوانها «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لنحو 50 لغة آخرها الصينية وقام بها لي قوانجبين رئيس مركز ابن بطوطة لخدمة الترجمة والبحوث وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

وقال قوانجبين إن ابن بطوطة «رحالة العرب والعجم. جواب الأرض ومخترق الأقاليم بالطول والعرض.. ساهم مساهمة جبارة في مجالات تبادل الثقافة بين الصين والمغرب... أرى الوجوب علينا أن نفرط في تمجيد أهمية كبرى لابن بطوطة ورحلته من كل الجهات الاجتماعية والثقافية والتاريخية والواقعية... أعتبر أن القيام بهذه الأمور واجب مقدس ومسؤولية مهمة.. أتحمل هذه المهمة التاريخية الكبرى مع زملائنا لتأسيس علم الاستشراق وعلم ابن بطوطة بميزتهما الشرقية والصينية بالذات». وأضاف أن ابن بطوطة ليس ملكا للمغرب الذي نشأ فيه ولكنه «ملك أبناء الشعوب في العالم بأسره ووراثته ثروة مشتركة».

وأعلن أنه يخطط لإعادة صياغة رحلة ابن بطوطة في سلسلة كتب للأطفال وكتيبات دراسية وسيناريو تلفزيوني وحلقات من الرسوم المتحركة نظرا لما تضمه رحلة ابن بطوطة من ثراء في مادتها التاريخية والاجتماعية والدينية والفولكلورية والعرقية والجغرافية.

وقال قوانجبين، في مقتطفات أوردتها وكالة «رويترز»، إن ابن بطوطة «كان صادقا» فيما كتبه عن بلدان أفريقيا وآسيا وأوروبا قبل 700 عام، إذ قدم «معلومات غنية ووقائع الحياة الحقيقية بدقة وجدية». ونقل عن الدبلوماسي والمؤرخ المغربي المرموق المتخصص في علم ابن بطوطة عبد الهادي التازي، 89 عاما، وصفه لهذه الرحلة بأنها «أهم رحلة في تاريخ البشرية جمعاء».

واستعرض الإيراني محمد علي موحد رحلته مع ترجمة رحلة ابن بطوطة إلى الفارسية وبدأت في الخمسينات ونشرها عام 1958 ثم نقحها مرة أخرى ونشرها عام 1991 مستمتعا بها نظرا لأن ابن بطوطة بلغ بلاد الشرق الأقصى وأعماق أفريقيا وهي مناطق «بقيت مجهولة حتى بعد مئات الأعوام للكثير من أبناء البشرية... كان مزيجا من الملاك والشيطان» إضافة إلى عناده وصلابته في ركوب الصعاب والتغلب على مشاق السفر.

وأضاف أن رحلة ابن بطوطة مصدر غني لمعرفة الأنظمة السياسية والإدارية والاجتماعية في العالم الإسلامي.

وقال الباحث المغربي عبد النبي ذاكر إن ابن بطوطة لم يكن يشغله شيء إلا رحلاته فلم يذكر شيئا عن حياته الخاصة مثل زواجه في بلدان سافر إليها أو زواجه في طنجة في شمال المغرب أو توليه منصب القضاء كما لم يذكر شيئا عن أولاده في هذا البلد أو ذاك وربما ذكر عرضا جانبا من خبر أولاده أو نسائه. وأضاف «مسألة الإنجاب لا تشغله ولا تستأثر بشيء من اهتمامه» لأن الارتحال كان الأمر الوحيد الذي أخلص له. وأضاف «لا نعرف شيئا عن أهله وعن نسبه. وتنسب أسرته إلى سيدة تدعى فاطمة. وتتحول فاطمة في المشرق - تدللا - إلى بطة وتسمى بطة في المغرب بطوطة».

وقال في بحث عنوانه «بلاغة المحو في رحلة ابن بطوطة» أنه كان مصرا «على بلاغة المحو» فيما يخص حياته الخاصة بل إن هذا المحو امتد إلى ما بعد موته إذ إن «هذا الرحالة العظيم يكاد لا يعرف له مثوى».

وانتهى أمس الخميس المؤتمر الذي ناقش آثار الرحالة العرب والمسلمين بمشاركة 85 باحثا من العرب والأجانب المهتمين بأدب الرحلة العربية خلال ألف عام. ويعقد المؤتمر بالتعاون بين «الحي الثقافي» في الدوحة و«المركز العربي للأدب الجغرافي - ارتياد الآفاق» الذي يديره الشاعر السوري نوري الجراح الذي قال في مقدمة أحد كتابين صدرا في المؤتمر إن ابن بطوطة في رحلته التي استمرت 30 عاما في الشرق والغرب كان نموذجا للرحالة الذي يعتبر كل مكان يبلغه وطنا له.

وأضاف «لم تظهر على سلوك الرحالة أو تفكيره أي شائبة عنصرية أو تطرف أو تمركز حول الذات بل كان ذلك الإنسان الذي ينتمي إلى العالم».

ووزعت في حفل الختام مساء أمس الخميس جوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة في مجالات «تحقيق الرحلات» و«الدراسات في أدب الرحلة» و«الرحلة المعاصرة» و«اليوميات» وفاز بها الجزائريون سميرة انساعد والخامسة علاوي وبورايو عبد الحفيظ وعبد الناصر خلاف، والمغاربة نزيهة الجابري وعبد القادر سعود وعبد الحفيظ ملوكي، والمصريان عمرو عبد العزيز منير وسعد القرش، والسعودي عبد العزيز بن حميد الحميد، والعراقي وارد بدر السالم، واليمني عبد الله السريحي، والسوري المقيم في غرناطة عاصم الباشا.