زواج تونسية من تونسي مصاب بـ«الإيدز» يثير جدلا اجتماعيا

كشف عنه أثناء احتفال المجموعة الدولية باليوم العالمي لمكافحة المرض

TT

أثار زواج تونسية من تونسي مصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة المعروف باسم «الإيدز» أو «السيدا» جدلا قانونيا في تونس حول مدى مشروعية هذه النوعية من الزواج، والحال أن كلا الطرفين المقبلين على الزواج يدرك مسبقا استحالة التعايش الطبيعي بين الزوجين.

وأثار بعض خبراء القوانين مخالفة هذا الزواج لمقتضيات قانون تونسي صادر بتاريخ 3 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 1964 والذي يجبر كل التونسيين المقبلين على الزواج على ضرورة إجراء فحص طبي سابق للزواج عادة ما يكون فحصا طبيا عاما مع إجراء فحص بالأشعة للرئتين وتصويرهما إذا اقتضت الوضعية ذلك إلى جانب فحص الدم. ويجبر هذا القانون الأطباء على عدم تسليم الشهادة الطبية إن تبين أن هذا الزواج قد يمثل خطرا على المقبلين على الزواج وقد يؤخر موعد تسليم تلك الشهادة إذا اتضح أن الطرفين المقبلين على الزواج قد تصيبهما العدوى وبإمكانهما التريث إلى حين زوال تلك العدوى.

واعتبر بعض المتابعين للجدل حول هذا الموضوع أن الإصابة بمرض «الإيدز» ليست مانعا من موانع الزواج على غرار الرضاعة والقرابة والزواج بزوجة الغير أو الزواج بامرأة لم تكمل فترة العدة أو امرأة حامل، والشهادة الطبية المذكورة لا تعد أكثر من شرط قانوني لاستكمال ملف القران.

حول هذا الموضوع قال لطفي بن حسين، المكلف بالإعلام بعمادة الأطباء التونسيين، إن الشريك إن كان متقبلا وعالما منذ البداية بإصابة الطرف الآخر فليس من حق الطبيب منعه أو ثنيه عن الارتباط به، بل إن ذلك قد يدخل في خانة الحريات الشخصية.

وقال محسن حسان أخصائي نفساني بالديوان التونسي للأسرة والعمران البشري إن مثل هذا الزواج وراءه رغبة جامحة في الظهور بمظهر سوي مثل عامة الناس وقد يكون من بين أهم مؤشرات الاندماج الاجتماعي وتجاوز العائق النفسي الذي تخلفه الإصابة بالمرض. وربما تكشف هذه النوعية من الزيجات بقطع النظر عن جوانبها الصحية، عن وعي عميق لدى الفئات الاجتماعية التونسية بخصوصيات المرض وبأساليب الوقاية. ومن الضروري التأكيد على أن النظرة لمرض «الإيدز» قد تغيرت بصفة جذرية خلال السنوات الأخيرة وأصبح ينظر لها على أساس أنها مرض مزمن وليس مرضا قاتلا وهو ما يمكن، حسب هذا التعريف من التعايش مع المرض مع توفر العلاج ومجانيته في تونس.

وكان الزوج المصاب بالمرض، 43 عاما ومتعايش مع الإصابة منذ قرابة 20 سنة، قد صرح في فترات سابقة بأن حب زوجته له «جعلها تتحدى خطورة المرض وتناضل لتتزوجني رغم محاولاتي المتكررة لإقناعها بأنني حامل لفيروس السيدا وأن ذلك من شأنه أن يشكل خطورة على حياتها». ولكنها أصرت على إتمام مراسم الزواج منذ قرابة السنة ولم يتم الكشف عن هذه النوعية الفريدة من الزواج إلا أثناء احتفال تونس مع المجموعة الدولية باليوم العالمي لمكافحة مرض الإيدز الذي يصادف يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) من كل سنة.

وأكدت والدة الزوج المصاب أن «ابنها وزوجته يمارسان حياتهما بصفة عادية فهو يتناول أدويته بانتظام وزوجته تقوم بدورها بالفحوصات الضرورية بصفة منتظمة».

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد الإصابات الجديدة بمرض الإيدز في تونس مقدر بنحو 52 حالة خلال سنة 2010 في حين أن العدد الإجمالي للإصابات منذ ظهور المرض لأول مرة في تونس سنة 1985 لا يزيد على 1620 حالة تتوزع بين 63 في المائة في صفوف الذكور و34 في المائة في صفوف الإناث ويمثل الأطفال دون 15 سنة نسبة 3 في المائة. وتمثل العلاقات الجنسية غير المحمية أكبر نصيب في انتشار العدوى وذلك بما لا يقل عن 40 في المائة من الحالات المسجلة.