أول وفد من نوعه لسيدات سعوديات في ندوة استضافتها اليونيسكو في باريس

تحدثن عن دور المنظمات غير الحكومية في حماية الأسرة وتأهيل المرأة

أعضاء الوفد السعودي أثناء لقاء مع وزيرة التضامن الفرنسية روزلين باشلو أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

لأول مرة، يجد جمهور متنوع الجنسيات والتخصصات نفسه أمام باقة من نساء متميزات، بينهن الطبيبة والمحامية ووكيلة الجامعة وسيدة الأعمال، جئن من المملكة العربية السعودية إلى باريس للتحدث عن تجاربهن في العمل ضمن المنظمات النسائية غير الحكومية، إحدى أهم دعائم المجتمع المدني في أي بلد حاليا. ورغم أن الوفد كان برئاسة رجل، هو الدكتور ماجد قاروب المحامي، ممثلا عن الأميرة عادلة بنت عبد العزيز، ومستشار الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن الحضور القوي فيه كان للنساء اللاتي شكلن مفاجأة لمن يحملون نظرة نمطية سلبية ظلت وسائل الإعلام الغربية تجترها على مدى عقود.

خارج القاعة الدافئة في مقر «اليونيسكو» كان الثلج يغطي شوارع باريس بشكل يندر أن تعرفه العاصمة الفرنسية بهذه الكثافة. لكن الطقس السيئ لم يمنع الجمهور من الحضور والاستماع إلى الآراء والأرقام التي طرحت في الندوة، رغم الوقت الضيق الذي حدد مداخلة كل واحدة من المتحدثات. وفي كلمتها، قالت مها قباني، المتخصصة في القانون الدولي الخاص، إن المرأة السعودية برهنت على حضورها المتميز في العمل الاجتماعي عندما شكلت منظمة خاصة لحقوق المرأة عملت على وضع برامج لمحو الأمية والحد من العنف الأسري. أما الدكتورة نهاد الجشي، الطبيبة الاستشارية في أمراض الأطفال بمستشفى الولادة في الدمام، فقد شرحت خصوصية الثقافة السعودية القائمة على الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي، كما استشهدت بآيات كريمة وأحاديث شريفة تحث على تماسك الأسرة وحماية الأبناء. وقدمت المتحدثة جداول إحصائية تشير إلى تطور الجمعيات الخيرية في المملكة والتي بلغ عددها 550 جمعية. وقالت إن الجمعيات النسائية كانت من أوائل التجمعات التي سجلت في المدن الكبرى. فقد ظهرت الجمعية الخيرية النسائية في جدة عام 1963، وفي السنة التالية لحقتها جمعية النهضة النسائية في الرياض، ثم الطائف، وهكذا حتى غطت كافة مناطق البلاد. وكلها جمعيات تتطوع النساء للعمل فيها لمساعدة العائلات المحتاجة ورعاية المعوقين والأطفال الذين يعانون من متلازمة داون والتوحد، وتوفير خدمات الإيواء والرعاية الطبية لهم. كما تحدثت الدكتورة الرائدة في مجالها عن برنامجين مهمين للرعاية الصحية، الأول يتمثل في الفحص الطبي لما قبل الزواج، والثاني ينشط في مجال الكشف المبكر على الأطفال حديثي الولادة ومتابعة 16 مرضا من أمراض التمثيل الغذائي والغدد الصماء.

وأشارت المتحدثة إلى الجهود المبذولة، من أعلى المستويات في المملكة، لدعم برنامج التصدي للعنف الأسري، الذي بدأ العمل به عام 2005، من خلال التوعية والتوجيه وتعزيز الشراكة على المستوى الرسمي والأهلي وإيجاد الحلول للحد من معاناة المتضررين من العنف.

أما الدكتورة حصة آل الشيخ، عميدة كلية البنات في جامعة اليمامة رئيسة جمعية رعاية مرضى «متلازمة داون» وغيرها من الجمعيات، فقد تكلمت عن تجربة شخصية في العمل الاجتماعي والتنموي، وقالت إن مشاركة المرأة السعودية في الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية لا ينفصل عن دورها داخل أسرتها. وذكرت أرقاما تشير إلى أن بداية التعليم الرسمي للفتيات تعود إلى عام 1960، لكن التقدم المتسارع جعل من عدد الملتحقات بالتعليم، حاليا، 3 ملايين طالبة، بينهن 200 ألف طالبة في التعليم العالي، وعدد المعلمات 215 ألفا. وأضافت أن عدد خريجات الجامعات يشكل 60% من مجموع الخريجين. وقدمت المتحدثة تفاصيل عن الجهود المبذولة لتمكين المرأة ونماذج من المبادرات التي قامت بها الجمعيات مثل المطالبة بقيادة المرأة للسيارة. كما شرحت للجمهور الفرنسي والأجنبي تأثير الدين على المجتمع بما يشيعه من قيم التكافل والزكاة والبر والإحسان والحث على التفاني من أجل الغير. ولما جاء دور إلهام حسنين، نائبة عميد كلية علوم الحاسبات وأنظمة المعلوماتية، فإنها انطلقت تخبر الحضور عن الجمعية السعودية للمعلوماتية التي رأت النور عام 1977 وكانت أول جمعية علمية في المملكة تضم الرجال، في البداية، قبل أن تلتحق بها النساء. وقالت إن هناك هدفا غير مكتوب يقوم على تشجيع المعرفة المستمدة عن طريق التكنولوجيا الحديثة، لأن هناك نظرة في دول العالم الثالث ترفض تمكين النساء من هذه المستجدات باعتبارها تفتح أمامهن نوافذ غير مناسبة لهن. وأضافت: «لا بد من التوعية بأن شاشة الحاسوب هي مصدر إيجابي للتثقيف، أما الجوانب السلبية فيجب توعية الشبيبة بأضرارها، خصوصا أن هناك، اليوم، مليوني شخص يستخدمون الحواسيب في السعودية». الدكتورة عائشة نتو، عضو غرفة تجارة جدة، كانت مؤثرة وهي تشرح الجهود التي تبذلها مع رفيقاتها لجمع المنح من الشركات وأصحاب الأموال لدعم جمعيات رعاية المعوقين وفاقدي البصر والصم والبكم. وقالت إن الجمعية التي تعمل فيها «باعت» غرف مقرها لرجال الأعمال، بمعنى أنها أطلقت اسم المتبرع على كل صالة يساهم بماله في تجهيزها بالأدوات والأجهزة الإلكترونية التي تتيح للمكفوفين التعرف على الحواسيب عبر أنظمة وبرامج مهيأة لهم. ولفت النظر ما قالته الناشطة نتو من أن الدول العربية الـ22 لم تتوحد في قضية مثلما توحدت في إصدار قاموس للصم والبكم، كان كبيرا وثقيلا ثم تم تحويله إلى بطاقة إلكترونية يمكن حملها في الجيب. وقالت إنها عرفت أن فرنسا تلزم كل مؤسسة بتشغيل المعوقين بما نسبته 6% من مجموع العاملين فيها، أما في السعودية فإن مقابل كل 4 عاملين هناك معوق يجب تشغيله.

وعن المشاركة السياسية للمرأة، اختتمت الحديث الدكتورة نهاد الجشي بالقول إن هناك 25 مستشارة في مجلس الشورى السعودي، كما أن هناك الكثير من القوانين التي تسن لصالحها، وتبقى المشكلة كامنة في توعية المرأة بالحقوق التي يضمنها لها القانون.