«الشرق الأوسط» تحاور الشيخ عبد الله آل ثاني رئيس مؤتمر «وايز» للابتكار في التعليم

قال: نهدف خلال 10 سنوات أن يصبح «وايز» المرجع العالمي الأول في التعليم

جانب من أعمال مؤتمر «وايز» الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة.. وفي الاطار الشيخ عبد الله آل ثاني رئيس المؤتمر («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الشيخ الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني نائب رئيس «مؤسسة قطر» ورئيس لقاء القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز)، أن المؤتمر يهدف خلال عشر سنوات قادمة أن يكون المرجع العالمي الأول في التعليم والقضايا المرتبطة به، مشيرا إلى أن «وايز» استطاع خلال عامين من بدايته أن يصنع اسما بدأ في جذب اهتمامات المختصين في التعليم من حول العالم وانعكس ذلك على مستوى استجابة المتحدثين للدعوات التي وجهت لهم، حيث لبى 98 في المائة منهم الدعوة للمشاركة، إضافة إلى ارتفاع جودة وعدد المشاريع التي ترشحت للفوز بجائزة «وايز» 2010 والتي وزعت أثناء المؤتمر.

وأكد الشيخ عبد الله آل ثاني أن المؤتمر سوف يسهم في تطوير التعليم في المنطقة العربية ومشاركة الخبرات العالمية والتعجيل بتحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة للألفية.

وذكر في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال المؤتمر، الذي اختتم أول من أمس (الخميس) ، بمشاركة 1250 خبيرا عالميا في التعليم، أن القائمين على «وايز» يأملون أن يسهم الاهتمام الذي وجدته قطر بعد فوزها بتنظيم كأس العالم 2022 في زيادة الاهتمام بـ«وايز» على المستوى العالمي ورفع مستوى المشاركة فيه.

فيما يلي نص الحوار:

* مع تنظيمكم «وايز» للمرة الثانية.. ما الذي استطعتم إنجازه منذ المؤتمر الأول؟

- من بداية تأسيس المؤتمر كان هدفنا الأول أن نخلق بيئة أو محطة للنقاش بين جميع المشاركين فيه سواء على مستوى المتحدثين أو مستوى الحضور. وفي السنة الماضية حددنا عشرا من الأولويات في مجال التعليم التي أردنا أن يتشاركها ويطبقها الحاضرون للمؤتمر في عملهم وتخطيطهم المستقبلي للتعليم في مؤسساتهم ودولهم. ومنذ نهاية «وايز» 2009 عدنا إلى جميع الملاحظات التي أشار إليها المشاركون في المؤتمر وذلك بغية تطويرها وتحسين التجربة في «وايز» 2010. فعلى سبيل المثال اشتكى الحاضرون للمؤتمر من عدم توافر أوقات كافية لبناء علاقات مع الحاضرين، وهو ما دفعنا إلى تخصيص فترات خاصة ببناء العلاقات والتعارف بين المشاركين أثناء جدول المؤتمر. ولكن الأهم من ذلك أن اثنتين من الأولويات التي حددها المشاركون في المؤتمر، وكان لـ«مؤسسة قطر» اهتمام بها، قد بدأنا في تطبيقها خلال العام الحالي، واحدة من هذه الأولويات هي جودة التعليم في الوطن العربي. وهو الأمر الذي نعمل في «مؤسسة قطر» على الارتقاء به، وقد قمنا بالتنسيق مع البنك الدولي و«الألسكو» من أجل عقد اجتماع مع قادة التعليم في الوطن العربي في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد دعونا 21 من وزراء التعليم في الوطن العربي للمشاركة، لبى 18 منهم الدعوة، وقد تناقشنا حول كيفية بناء آلية لتقييم التعليم في الوطن العربي لمعرفة ما إذا كان يؤدي الغرض المطلوب منه. وقد اتفق المجتمعون على أهمية إيجاد تصور لتقييم جودة التعليم في الدول العربية، وهو الأمر الذي نعمل عليه من خلال عدد من الاجتماعات التي ستعقد مع بداية السنة القادمة إضافة إلى اجتماعات جانبية عقدت خلال مؤتمر «وايز» الحالي. كما خرجنا من اجتماعنا مع وزراء التعليم العرب بـ«إعلان الدوحة للتعليم».

المشروع الآخر الذي جاء كنتيجة لمؤتمر «وايز» في العام الفائت والذي كان لـ«مؤسسة قطر» اهتمام كبير به هو مساعدة رؤساء الجامعات في الدول النامية حديثي التعيين ببرامج تدريبية حول كيفية تطوير التعليم في جامعاتهم المحلية. كان هذا البرنامج ناجحا حيث عقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الفائت وحضره عشرون شخصا من جامعات تقع في الدول النامية وسوف نستمر في البرنامج مستقبلا.

وفي هذا المؤتمر واصلنا تطوير المشاركة بزيادة عدد المدعوين من ألف مشارك إلى 1250 مشاركا. إضافة إلى دعوة متحدثين أفضل، وقد لبى معظم من وجهت لهم الدعوة لحضور المؤتمر، حيث بلغت نسبة الاستجابة 98 في المائة. و«وايز» قد بدأ في تكوين اسمه الخاص في بناء الخبرات التعليمية وجمعها في منتدى واحد لمشاركة التجارب.

* ما الانعكاسات المستقبلية لـ«وايز» كما تخططون له.. هل ستظل محدودة بقطر ومنطقة الشرق الأوسط أم تهدفون إلى جعله حدثا عالميا؟

- هدفنا من «وايز» ليس محدودا بحدود قطر، بل نريد له أن يتجاوزها إلى خارجها. وليس الوطن العربي أيضا، بل نريد له أن يكون ذا صبغة عالمية. وهدف الشيخة موزة المسند رئيسة «مؤسسة قطر» من إنشاء «وايز» هو أن يكون حدثا عالميا والمرجع الأول في التعليم ومستجداته.

* فيما يخص جائزة «وايز» المرتبطة بالمؤتمر.. ماذا كانت آلية تقييم وترشيح الفائزين بالجائزة؟

- في هذا العام فتحنا المشاركة أمام الجميع دون تقيد بمجالات محددة للجائزة، ما دام المشروع يحمل صبغة تعليمية. بينما في العام السابق كانت هناك 3 مجالات فقط للترشح من خلالها. ولكن حددنا شروطا معينة لقبول المشروع بحيث يكون مشروعا مؤثرا ويصل إلى أكثر عدد من السكان ويكون جديدا ومختلفا. وفي هذه السنة كانت نوعية المشاركات أفضل من السنة السابقة وواجهت لجنة التحكيم صعوبة في تفضيل مشروع عن آخر من أجل اختيار الفائزين الستة بالجائزة. وكما شاهدنا في حفل تكريم الفائزين بالجائزة أن جميع المشاريع حققت شروط الترشيح وكانت مؤثرة واستفاد منها عدد كبير من السكان. وأغلبهم قادمون من دولة نامية حيث هناك الكثير من الجهد يمكن القيام به للارتقاء بالتعليم.

* إلى أي مدى يدعم «وايز» الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة والتي تعد الشيخة موزة المسند عضوا في الفريق الخاص بها؟

- بالطبع الشيخة موزة هي المحرك الأول للمؤتمر. وفيما يخص الأهداف الإنمائية التي تعد الشيخة موزة أحد المشاركين الفاعلين في تحقيقها، فقد خصصنا جلسة خاصة في آخر يوم من المؤتمر لمناقشة هذه الأهداف وما تم إنجازه منها وكيفية إنجاز ما تبقى. وسيتاح للمشاركين في المؤتمر الاجتماع مع الشيخة موزة لنقاش كيفية تحقيق هذه الأهداف من منطلق اهتمامها وعملها في هذا المجال. و«وايز» هو إحدى المبادرات التي تساعد في التعجيل بتحقيقها.

* كيف ينسجم «وايز» مع رؤية قطر 2030 للتنمية؟

- التعليم هو عنصر أساسي في هذه الرؤية، ومشاركة هذا العدد من الخبراء العالميين في مجال التعليم في المؤتمر سوف يساعدنا في قطر على اكتساب المزيد من الخبرة وبناء علاقات مع أهم المختصين في هذا المجال وهو ما يعود علينا بالفائدة في إنشاء مشاريع مثل التي كانت نتيجة لـ«وايز» 2009 في جودة التعليم ومساعدة الدول النامية. المشاركون في المؤتمر أتيحت لهم فرصة زيارة الجامعات القطرية ولقاء القائمين عليها وبناء علاقات معهم، وهذا كله سيعود علينا بالنفع، إضافة إلى التركيز على ما سوف يطرح خلال المؤتمر من مشاريع وتجارب ومحاولة الاستفادة من التجارب التي فازت بجائزة «وايز» لتحديد كيفية الاستفادة منها. ونأمل أن يعجل المؤتمر في تحقيق هذه الرؤية.

* عودة إلى جائزة «وايز» 2010.. كيف يمكن أن تصبح الجائزة العالمية الأولى في مجالات التعليم والتربية؟

- في هذه الجائزة نحن نكرم ستة فائزين كل عام قاموا بمشاريع مؤثرة في مجال التعليم سواء كانت مشاريع حديثة أو بدأت من وقت سابق. الهدف من هذه الجائزة أن نشجع على إيجاد طرق مبتكرة في تقديم التعليم وإيصاله لأكبر شريحة ممكنة. ونحن سنشجع على أن تكون المشاركات في الجائزة أكبر، وهذا العام حققنا عددا أكبر في المتقدمين وجودة أعلى. ونحن نهدف إلى تسليط الضوء على الفائزين بهذه الجوائز وتقديم مشاريعهم للعالم وإخراجها من الإطار المحلي، كما نقوم بمتابعة تقدمهم في هذه المشاريع ومحاولة نقل تجاربهم إلى بلدان أخرى للاستفادة منها.

* هذا العام 14 في المائة من الترشيحات التي تقدمت للجائزة كانت من الوطن العربي، لكن لم يفز أي منهم بالجائزة. برأيكم ما الذي ينقص المبادرات التعليمية في الوطن العربي لتصبح ضمن قائمة الفائزين؟

- إن شاء الله يكون هذا الأمر حافزا للعرب للمشاركة بصورة أكبر في الجائزة. وهذا الأمر يدل على أننا وضعنا معيارا عالميا وموحدا للجائزة. والمحكمون للجائزة التي أرأس لجنة التحكيم الخاصة بها من أصحاب الخبرات العالمية وقادمون بخلفيات مختلفة. وبغض النظر عن الوطن العربي نحن نكرم المشاريع الأكثر تأثيرا، وفي العام الفائت كان هناك مشارك عربي قريب من الفوز بالجائزة وهذا العام هناك 14 في المائة من المشاركات قادمة من الوطن العربي ونأمل أن تحقق الفوز خلال الأعوام القادمة وتزداد نسبة المشاركين. وشخصيا أفضل أن يكون هناك دور فعال للمؤسسات التعليمية غير الحكومية، في حين أن الوطن العربي يعتمد في التعليم على المبادرات الحكومية. وكما شاهدنا فإن المشاريع الفائزة كانت بمبادرات شخصية وغير حكومية.

* بعد فوزها بتنظيم كأس العالم 2022 أصبحت قطر محط أنظار العالم.. كيف يمكن لـ«وايز» أن يستفيد من هذا الاهتمام؟

- طبعا نظرة صاحب السمو الشيخ حمد وصاحبة السمو الشيخة موزة تهدف إلى وضع قطر في مركز عالمي ليس في التعليم فقط ولكن في جوانب أخرى، ونحن نعرف أن قطر احتضنت دورات ومنتديات كثيرة في الماضي وشعرنا في هذا الوقت أن قطر لديها الإمكانية لتنظيم أحداث عالمية أكبر. ورغم أن الإعلان عن فوز قطر بتنظيم كأس العالم تم قبل بداية المؤتمر بأيام، ولكن نحن في «وايز» يجب أن نفكر مع شركائنا في كيفية الاستفادة من هذا الاهتمام العالمي في خدمة المؤتمر خلال السنوات العشر القادمة. وأنا أعتقد أن تنظيم كأس العالم سوف يعود بالنفع على «وايز» بشكل كبير، ومهم جدا أن نخلق مؤتمرا عالميا يكون المرجع الأساسي للتعليم في العالم. وإن شاء الله «وايز» خلال السنوات العشر القادمة سيكون ذلك المرجع، بحيث يصبح «وايز» هو أول ما يقفز إلى أذهان المهتمين حين الحديث عن التطوير في التعليم.

* في ظل المتغيرات الجذرية التي يمر بها التعليم في عصر انفجار المعلومات.. كيف سيعالج «وايز» هذه الإشكالية؟

- «وايز» كما يظهر من الأجندة المطروحة فيه أنه يركز بشكل كبير على الاتجاهات الجديدة في التعليم بمشاركة خبراء من جميع أنحاء العالم للتعرف على آخر ما توصل إليه العالم في طرق التعليم بشكل يبتعد عن التفكير بطريقة تقليدية. ونحن في العالم العربي يجب أن نفكر كثيرا في هذا المجال ونفتح باب الاختيار والابتكار في مجال التعليم، فليس جميع الدارسين يجب أن يذهبوا إلى ذات المرحلة التي تقدم ذات النوع من التعليم دون اختلاف، وأن نطلع على الأساليب الجديدة من ناحية التقنية والمعلم ومشاركة الأسرة في التعليم. ونحن رأينا في المشاريع التي تقدمت للجائزة عددا كبيرا من هذه الأفكار الابتكارية التي تقدم التعليم بصورة غير تقليدية.