«مذكرات ميوزن» الكوري يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش

حضره حشد من النجوم العالميين.. وشكوى من هيمنة فرنسية

بارك جونغبوم مخرج الفيلم الكوري الجنوبي «مذكرات ميوزن» يتسلم «النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى) لمهرجان مراكش من رئيس لجنة التحكيم جون مالكوفيتش («الشرق الأوسط»)
TT

فاز الفيلم الكوري «مذكرات ميوزن» للمخرج بارك جونغبوم، بـ«النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى)، للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته العاشرة، في حين فاز مناصفة بجائزة لجنة تحكيم المهرجان، فيلم «غيوم» (المكسيك)، للمخرج أليخاندرو جيربر بيسيشي، وفيلم «ما وراء السهوب» (بلجيكا)، للمخرجة فانخا دالكنتارا. وفضلت لجنة التحكيم تسليم جائزة أحسن أداء لفريقي فيلم «مملكة الحيوان» (أستراليا)، للمخرج ديفيد ميشود، وفيلم «عندما نرحل» (النمسا)، للمخرجة فيو ألاداك.

واختارت لجنة التحكيم مكافأة فريقي الفيلمين على عملهما الجماعي المتميز، على الرغم من أن العادة جرت أن توزع في حفل اختتام فعاليات المهرجان 4 جوائز، هي: «النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى)، و«جائزة لجنة التحكيم»، و«جائزة أفضل دور رجالي»، و«جائزة أفضل دور نسائي». ويحكي فيلم «مذكرات ميوزن»، وهو الأول في فيلموغرافيا مخرجه الشاب (من مواليد 1976)، قصة شاب يدعى جيون سونكشول يجد صعوبة كبيرة في الحصول على عمل ونسج علاقات مع من يلتقيهم أثناء قداس الكنيسة، بسبب بطاقة هويته التي تكشف عن أصله الكوري الشمالي. وعلى الرغم من عدم إدانته بجرم سابق، وعدم كونه عاملا مهاجرا، فإنه يعاني التمييز العنصري، ويعتبر نفسه مهمشا في المجتمع الرأسمالي لكوريا الجنوبية.

وقال المخرج العالمي جون مالكوفيتش، رئيس لجنة تحكيم الدورة: إن ملاحظات أعضاء اللجنة تميزت بالدقة والجودة، وإن النتائج بنيت على مجموعة من المعايير لأجل فرز واختيار الأعمال الفائزة، ومن بينها أن تكون الحكايات جديرة بالسرد، وأن تعكس الملاءمة الاجتماعية في اختيار المواضيع، وأن تجسد المقاصد التي يروم المخرج إيصالها للمشاهد، علاوة على التحكم في التقنيات السينمائية.

وأشار مالكوفيتش، في نوع من المجاملة، إلى أن مجمل الأعمال، المشاركة، كانت، على العموم، جيدة، تستحق التتويج، غير أنه تصعب مكافأة الجميع. وغلب التأثر على المخرج الفائز بالجائزة الكبرى، وهو يتسلم «النجمة الذهبية» من يد مالكوفيتش. مع الإشارة إلى أن باك جونغبوم، هو نفسه مخرج وكاتب سيناريو ومنتج وبطل الفيلم الفائز.

وتنافس في المسابقة الرسمية للمهرجان 15 فيلما، هي «مملكة الحيوان» لديفيد ميشود (أستراليا)، و«غيوم» لأليخاندرو جيربر بيسيشي (المكسيك)، و«ما وراء السهوب» لفانخا دالكنتارا (بلجيكا)، و«جاك يقود القارب» لفيليب سيمور هوفمان (الولايات المتحدة الأميركية)، و«ماريكي ماريكي» لصوفي سشتكينز (بلجيكا)، و«أيام الوهم» لطلال السلهامي (المغرب)، و«طريق شيمن رقم 89» لهالون شو (الصين)، و«روزا مورينا» لكارلوس أوغوستو دو أوليفيرا (الدنمارك)، و«مذكرات ميوزن» لبارك جونغبوم (كوريا الجنوبية)، و«عندما نرحل» لفيو ألاداك (ألمانيا)، و«حياة هادئة» لكلوديو كوبليني (إيطاليا) و«نهاية» للوي سامبييري (إسبانيا)، و«كارما» لبراسانا جايكودي (سريلانكا)، و«المانحة» لمارك ميلي (الفلبين) و«الحافة» لأليكسي أوشيتيل (روسيا)، وهي أفلام أكد أغلبها توجه إدارة المهرجان نحو الاحتفاء بـ«سينما الغد»، وهو التوجه الذي برز من خلال اختيار 10 أفلام، من بين الأفلام الـ15، هي الأولى لمخرجيها.

وضمت لجنة التحكيم، إضافة إلى رئيسها مالكوفيتش، كلا من: المخرج فوزي بنسعيدي (المغرب)، والممثلة يسرا (مصر)، والممثل ريكار ماجي (إيطاليا)، والممثلة شونغ (هونغ كونغ)، والمنتج والمخرج والممثل جيل كارسيا بيرنال (المكسيك)، والمخرج بينوا جاكوط (فرنسا)، والممثلة إيرين جاكوب (فرنسا)، والممثل دومينيك كوبر (بريطانيا).

وشكلت الدورة العاشرة من المهرجان فرصة، بالنسبة للمنظمين، للاحتفال بمرور عقد على أولى دورات التظاهرة؛ لذلك جاءت فعالياتها متميزة وحافلة بالمفاجآت، فضلا عن حضور حشد من نجوم السينما، من أميركا وأوروبا ومصر، بشكل خاص. وشكل تكريم السينما الفرنسية، وكذا تكريم كل من الممثلين الأميركيين جيمس كان وهارفي كيتل، والمخرج الياباني كيوشي كيروساوا، والمخرج المغربي محمد عبد الرحمن التازي، فضلا عن الممثل المغربي الراحل العربي الدغمي، أقوى لحظات التظاهرة، كما أبرزت العروض التي استقبلها فضاء ساحة جامع الفنا قدرة التظاهرة على الانفتاح على محيطها.

من جهة ثانية، أعلنت لجنة التحكيم، التي ترأسها المخرج الألماني فولكلر شلوندورف، عن فوز فيلم «غفوة»، للمخرجة الشابة محاسن الحشادي بـ«النجمة الذهبية» لأفضل فيلم قصير مغربي، ضمن فقرة «سينما المدارس»، تسلمتها من يد الممثلة الأميركية إيفا منديس.

وتهدف الجائزة، وقيمتها 300 ألف درهم، وهي هبة خاصة من الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي، ورئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إلى خلق مجال للإبداع السينمائي ومنح فرصة الإدماج المهني لفائدة السينمائيين المبتدئين، على أن يخصص المبلغ لإنجاز الفيلم القصير الثاني للمتوج بالجائزة. وأكدت الفقرة الموجهة للمكفوفين وضعاف البصر، عبر تقنية الوصف السمعي، الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للمهرجان؛ حيث تم عرض «السيمفونية المغربية»، للمخرج كمال كمال، و«تشاو بونتان»، للمخرج كلود بيري، و«درس في البيانو»، للمخرج جين كامبيون، و«الكراهية»، للمخرج ماتيو كاسوفيتش، و«الابن المفضل»، للمخرج نيكول غارسيا، و«كل يبحث عن قطه»، للمخرج سيدريك كلابيتش، و«كل صباحات العالم» للمخرج آلان كورنو.

وشدد المنظمون على أن الهدف من برمجة فقرة خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر هو التأكيد أن الإعاقة البصرية لم تكن، في يوم من الأيام، عقبة في وجه الاندماج الكامل في الحياة المجتمعية والثقافية والاقتصادية، وأنه بفضل تقنية الوصف السمعي، التي تتوخى النهوض بسينما المكفوفين وضعاف البصر، ستتمكن هذه الشريحة من التمتع بحقها في الثقافة والترفيه والحلم والمعرفة التي توفرها السينما، هذا الفن الذي بدا، بالنسبة للكثيرين، كما لو أنه باب موصد، إلى ما لا نهاية، أمام المكفوفين وضعاف البصر. كما نظمت مؤسسة المهرجان، بالشراكة مع مؤسسة الحسن الثاني لطب العيون ووزارة الصحة، حملة طبية مجانية لجراحة داء الساد (الجلالة)، استفاد منها 250 مريضا معوزا.

ويرى المنظمون أن تطور المهرجان تزامن مع تطور السينما المغربية، خاصة أن المغرب صار ينتج 18 فيلما في السنة، متقدما على أفريقيا الجنوبية، مثلا، التي تنتج 14 فيلما، الشيء الذي يؤكد، حسب رأيهم، أن «المغرب ينتمي، فعلا، إلى السينما». وفي علاقة بالمشاركة المغربية في المسابقة الرسمية للمهرجان، فشل الفيلم المغربي «أيام الوهم»، للمخرج طلال السلهامي، في الفوز بأي من جوائز المهرجان.

وفي مقابل ارتياح المنظمين، وتميز وتنوع فقرات البرنامج وحضور حشد من النجوم العالميين، أعادت مواقف بعض الفنانين المغاربة النقاش بصدد ما يوصف بـ«هيمنة فرنسية» على إدارة المهرجان، بحديثهم عن «إهمال يطال الفنانين المغاربة». ورأى بعض المتتبعين لدورات المهرجان في غضب وانسحاب الفنان رشيد الوالي من فعاليات التظاهرة «ترجمة لما يخالج غالبية الفنانين المغاربة».