العرب يقتحمون «موسوعة غينيس» في 2010

حققوا أرقاما لا بأس بها.. وممثلها الإقليمي يشير لمزيد من الفرص

TT

اقتحم العرب على مدار شهور عام 2010 موسوعة «غينيس للأرقام القياسية»، وحجزوا بها بعض الأماكن اللافتة، سواء من قبل أفراد ومؤسسات عربية استطاعوا أن يحطموا أرقاما قياسية، في عدد من المجالات واستحقوا من خلالها مكانهم في هذا الكتاب العالمي، الذي يصدر سنويا منذ عام 1955، ليتصدر لائحة الكتب الأكثر مبيعا في العالم، حيث يوزع ما يزيد على 100 مليون نسخة في 100 دولة، وبـ37 لغة مختلفة، بما يضم من أرقام قياسيّة تم تحقيقها حول العالم.

وحول طبيعة هذه التسجيلات العربية؛ قال القاضي التنفيذي بموسوعة غينيس، طلال عمر، وهو العربي الوحيد في فريق الموسوعة وممثلها الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط: «هناك إقبال من جانب العرب خلال السنوات الماضية للتسجيل بالموسوعة، وهو يعود بشكل عام إلى البحث عن التميز من جانبهم.. فالمنافسة على الالتحاق بغينيس تكون على نطاق عالمي وليس في حدود دولة أو منطقة بل على مستوى العالم، كما يعود الاهتمام إلى وجود شخص عربي وموقع عربي يخص الموسوعة مما سهل من التواصل بين الأفراد العرب الراغبين في الالتحاق بالموسوعة معي، حيث أتواصل معهم عن شروط الالتحاق وكيفية التغلب على التحديات، فأصبح هناك تواصل بين الشخص أو الجهة الراغبة والمؤسسة المانحة، وهو ما لم يكن موجودا من قبل حيث كان هناك صعوبة في التواصل».

ورغم هذا التزايد في التسجيل العربي بالموسوعة؛ فإن طلال يشير في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» خلال زيارته أخيرا للقاهرة؛ إلى إنها بالمقارنة بالاهتمام العالمي تعد ضعيفة، وعلى حد قوله: «مقارنة هذا الإنجاز بالغرب تجعلنا نستشعر بأننا بعيدون جدا وأرقامنا قليلة، وهذا برأيي لعدم الوعي الإعلامي بكيفية الوصول للموسوعة» ولفت طلال إلى أنه «في الاحتفال باليوم العالمي لموسوعة غينيس الذي يوافق سنويا يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) لم يكن فيه، للأسف، حضور عربي، رغم دخول 2000 شخص حول العالم إلى الموسوعة في ذلك اليوم بإنجازات بسيطة، بينما شهدت احتفالية العام الماضي حضورا من مصر ولبنان».

ويشير طلال إلى أن الموقع العربي للموسوعة (http://www.guinnessworldrecords.com/ar) يصل إليه طلبات كثيرة متنوعة من الوطن العربي للتسجيل بها، سواء من أفراد أو مؤسسات أو جمعيات خيرية أو حكومات، وفي كافة المجالات، ويضيف: «كل ما يصل إلي أجد فيه أفكارا رائعة من مواهب خارقة، وأنا متأكد أن العالم العربي مليء بها، فوراء كل رقم قياسي أشاهد قصة كاملة من النجاح والتحدي والإصرار، تبدأ بمكالمة هاتفية ثم تستمر لأسابيع أو شهور حتى يتم تحقيقها».

هذا، وتنوعت المغامرات العربية بين أرقام يتم تسخيرها في خدمة الأعمال الخيرية، أو كسر أرقام عالمية سجلت في الموسوعة من قبل.. ومن بين الأرقام القياسية العربية المحققة هذا العام:

* أكبر زي وطني في العالم: تحقق في المملكة العربية السعودية في شهر أغسطس (آب)، تم إنتاج هذا الزي بنفس مواصفات الثوب السعودي، حيث بلغ طوله 33.90 متر وعرضه 18.50 متر، وشارك في تفصيله قرابة 22 عاملا ويزن أكثر من 400 كيلوغرام. عرض الزي في أحد المراكز التجارية بمدينة جدة، وتم تسليم شهادة التسجيل بالموسوعة في احتفالية ضمت أكثر من ألفي مشاهد، وتم تسخيره في خدمة الأعمال الخيرية بالمملكة.

* أكبر منطقة مفتوحة مخصصة للمطاعم والكافيهات في العالم: تقع في العاصمة المصرية القاهرة، وتسمى مجمع «تيفولي دوم هليوبوليس»، حيث يقع على مساحة 5700 متر مربع، مخصصة جميعها للمطاعم والمأكولات والمشروبات فقط من دون الاعتماد على مناطق تسوق، ويضم المجمع فروعا للمطاعم العالمية، وفي شهر نوفمبر دخل المجمع الموسوعة نظرا لطاقته الاستيعابية في عدد الزوار، حيث يستوعب 2100 زائر في نفس الوقت، ويتردد يوميا على المكان نحو 7 آلاف زائر في الأيام العادية، ويرتفع هذا العدد إلى ما يقرب من 10 آلاف في نهاية الأسبوع وأيام العطلات، ليسجل لنفسه مكانة خاصة كأول منشأة مصرية وعربية في مجالها تحوز سبق دخول الموسوعة.

* أطول ماراثون للعب كرة القدم: شهدت قطر في شهر مايو (أيار) أطول مباراة كرة قدم في العالم يلعبها فريقان من الرجال يتكون كل فريق منهما من أحد عشر لاعبا، استغرق زمنها 42 ساعة و5 دقائق و1 ثانية، وأقيمت في أكاديمية أسباير بالدوحة، شارك بها شباب من عدد من الدول العربية نجحوا في تحطيم الرقم القياسي الذي كان مسجلا بالموسوعة من قبل وهو 33 ساعة و36 دقيقة، وخلال المباراة كان يسمح بمدة 5 دقائق راحة للفريقين كل ساعة.

* تحطيم أكبر عدد من العلب المعدنية: دخلت الإمارات بهذا الرقم إلى الموسوعة خلال شهر مارس (آذار)، من خلال أحد الأشخاص أراد أن يظهر قدراته الاستعراضية في قيادة السيارات العملاقة، حيث استطاع تحطيم (61106) علب معدنية ضخمة لأحد مشروبات الطاقة خلال ثلاث دقائق.

* أكبر عدد من الأشخاص يلوحون بالأعلام: تحقق الرقم في مصر في مارس، تحت سفح الهرم للاحتفال بيوم اليتيم، وبمشاركة ما يقرب من 5 آلاف طفل مصري، قاموا لمدة 7 دقائق بالتلويح بالعلم المصري، في وقفة رمزية وجهوا فيها نداء إلى المجتمع الدولي لدعم يوم اليتيم العربي واعتباره يوما عالميا، وهو اليوم الذي يوافق سنويا الجمعة الأولى من شهر إبريل (نيسان)، الرقم المصري بحسب الموسوعة تفوق وحطم الرقم البلجيكي السابق وهو 760 طفلا ملوحين بالأعلام وذلك في عام 2009.

* أكبر لوحة تشكيلية من الحلويات الشرقية: دخلت بها سورية الموسوعة في شهر يوليو (تموز)، ظهرت الحلويات كلوحة فسيفسائية بشكل رائع الجمال وبألوان زاهية قدمتها شركة «حلويات السلطان» الدمشقية، بلغ طولها 112 مترا ومساحتها 135.12 متر مربع، وتتخلل العلبة قناطر نصف دائرية بعرض 220 سم، ضمت اللوحة ستمائة ألف وستة آلاف ومائتي قطعة من قطع الحلوى الشرقية التي تشتهر بها سورية مثل البقلاوة والبورمة. وبلغ عدد العاملين في إنجاز هذا العمل الضخم 80 عاملا واستغرق إنجازها شهرين متواصلين، وضمت اللوحة رسومات للمواقع التاريخية والسياحية مثل قلعة حطين وقلعة حلب والجامع الأموي، وكتابة كلمات كبيرة بالحلوى مثل «سورية الحبيبة» و«سورية مهد الحضارات».

* أكبر علم في العالم: دخل العلم اللبناني موسوعة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عن طريق تصنيعه من جانب أحد الأفراد، حيث بلغ طوله 222 مترا وعرضه 210 أمتار، ووزنه 8 أطنان. صنع العلم في الكويت من عدة أجزاء بينما صممت شجرة الأرز التي تتوسط العلم من الخيط، واستغرق شهرين في تصنيعه، وتم عرضه في احتفال في قاعدة رياق الجوية العسكرية الواقعة في سهل البقاع شرق لبنان من خلال حمله بواسطة 250 عنصرا من الجيش اللبناني.

* أكبر شريط بشري في العالم: تحقق في السعودية في شهر أكتوبر، حيث استطاعت نحو 5 آلاف سيدة تسجيل الرقم القياسي، بعد أن وقفن في صفوف لتكوين أكبر سلسلة بشرية تمثل شعار حملة التوعية بسرطان الثدي حول العالم وهن يتشحن باللون الزهري. الرقم جاء ضمن حملة «وقفة نساء» في مجمع وزارة التربية والتعليم الرياضي في جدة، التي تهدف إلى التوعية بمخاطر سرطان الثدي وما يتعلق به من إجراءات وقائية وكشف مبكر، ولم تقتصر السلسلة على السيدات السعوديات فقط، وإنما تعدت ذلك لتشهد وجود نساء من جنسيات متعددة من ضمنها الولايات المتحدة وإندونيسيا وفنلندا وجنوب أفريقيا.

* أطول كوفية في العالم: صنعت في فلسطين بطول يبلغ 6552 مترا، وعرضت في لبنان في شهر مايو الذي يتوافق مع الذكرى الـ62 للنكبة، من خلال مجموعة من الناشطين والمتطوعين الفلسطينيين والأجانب، وأدرجوا إنجازهم في إطار المطالبة بحق العودة بموجب القرار الدولي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والقاضي بعودة الفلسطينيين إلى أرضهم مع التعويض المادي والمعنوي. صنعت الكوفية من عدة أجزاء وباللونين الأبيض والأسود، وكُتب على طرفي الكوفية عبارة «194: سنعود.. حملة حماية قرار حق العودة».

* أكبر لوحة من بصمات الأيدي: دخلت الموسوعة في شهر أكتوبر، برعاية الصليب الأحمر اللبناني، وتمثل تنفيذ لوحة فنية شارك فيها أكبر عدد من الأشخاص من خلال بصمة أيديهم التي يتم طباعتها على قطعة قماش بلغ طولها 82 مترا وعرضها 9 أمتار. اللوحة جاءت بعنوان «إيدك معنا.. أكبر لوحة مرسومة ببلادي»، وتحت شعار «السلام واللاعنف.. حرية التعبير والتفاهم وتقبل الرأي الآخر.. عدم التمييز واحترام كرامة الإنسان». قسمت اللوحة القماشية إلى ثمانية أجزاء شارك فيها طلاب المدارس وأفراد الجمعيات والأهالي، وتم عرضها في أحد الاستادات الرياضية ببيروت بوضعها على أرضية الاستاد.

* أكبر ثريا (نجفة) في العالم: حقق العرب رقمين خلال هذا العام من خلال ثريات الإضاءة، حيث دخلت مصر الموسوعة بعد أن قامت إحدى الشركات المصرية المتخصصة في صناعة وحدات الإضاءة بتصنيعها مؤخرا حيث تزن 3 آلاف كيلوغرام (3 أطنان)، ويبلغ ارتفاعها 17.7 متر بقطر 17.6 متر، وتضاء بأكثر من 612 لمبة، ويحتضنها مسجد «حسن شربتلي» بالتجمع الأول في ضاحية القاهرة الجديدة. لكن ما لبث أن كسر هذا الرقم عن طريق ثريا أخرى أكبر في قطر، تزن 18 طنا وتحتوي على 165 ألف مصباح ثنائي باعث للضوء، وهي معلقه في مبنى الحتمي للتجارة على كورنيش الدوحة، وقد صممت الثريا على شكل أفعى تتوسط الجانب العلوي من المبنى، لتبدو كأنها نهر دافق ينساب في سماء البناية.

وعن الانتقادات التي توجه لبعض التسجيلات بالموسوعة على أنها «تافهة» أحيانا، يقول طلال: «ليس بالضروري أن يكون الرقم شيئا خياليا، أو يكون خلفه رسالة، أو يكون صاحبه لديه قدرات خارقة، فكل شخص له سمة مميزة في شيء ما، والمهم أن يكون هناك تحد وعزم على النجاح ومقدرة على صنع إنجازات، فالهدف معنوي في الأساس ولا يقف وراءه مكاسب مادية مثلا، وما تعلمناه في الموسوعة من خلال تجربتنا حول العالم أن البشر ليس عندهم أي سقف، أحيانا نظن فشل محاولة ما بعد أن تصل لمرحلة صعبة لكن نفاجأ أن الشخص يتخطى الصعاب بإرادته، والدافع هنا هو التحدي وإنجاز شيء ما».

ويتمنى طلال أن يتسع نطاق التسجيل العربي بالموسوعة خلال السنوات القادمة، قائلا: «المجال في غينيس متسع ولا يتوقف على حدود معينة، والإمكانات التي تملكها المنطقة العربية كبيرة، ويوجد فيها الكثير من المتحمسين، لذا نود البحث عن تسجيل مزيد من الأرقام القياسية العربية خلال السنوات القادمة».