تحقيق النجاح في الهند يتطلب السفر للدراسة

200 ألف طالب وطالبة يدرسون في الخارج حاليا

بعض الطلاب في الهند يشعرون بالاحباط من أنظمة التعليم في بلادهم (أ.ب)
TT

لا يستطيع برث فايشناف الانتظار حتى يتخرج من الجامعة، فهو لا يهتم كثيرا بدرجة البكالوريوس التي سيحصل عليها من جامعة مومباي في الصيف المقبل، ويعتقد أن أرباب العمل لن يقدروها أيضا، لذلك فهو يحاول الالتحاق بإحدى كليات الهندسة بالجامعات الأميركية، التي قيل له إنها تتميز بالمرونة وتنوع مناهجها والخبرة العملية التي تقدمها.

ويقول فايشناف: «في الأساس، جميع طلاب الصف لديهم شعور بالإحباط من أنظمة التعليم في الهند؛ فنحن لم نتعلم، خلال السنوات الثلاث الماضية، أي شيء على الإطلاق، لأن كل ما نتعلمه عبارة عن مناهج نظرية، بينما التعليم في الولايات المتحدة يمنح الطلاب الخبرة العملية. وفيما يتعلق بالمناهج، فليس لدينا أي مرونة في الهند».

وفايشناف، هو واحد من بين عدد متزايد من الطلاب، من بين شريحة الشباب المتزايدة بسرعة في الهند، الذين يرغبون ويستطيعون تحمل تكاليف الحصول على تعليم أفضل. لكنهم يعلمون أنه في بلد يتنافس فيه آلاف الطلاب على كل مقعد في الجامعات الكبرى، فإن فرص الحصول على تعليم أفضل تكون بعيدة. ويقول هؤلاء الطلاب إن الحصول على درجة علمية جيدة من جامعة أجنبية سوف يساعدهم في نيل فرصة عمل أفضل ويمنحهم حياة أفضل.

وإذا كان العائد المحتمل لهذا الاستثمار مجديا، فإن الكثير على استعداد للاستثمار فيه.

وفي خلال المقابلات التي أجريت مع عدد من الطلاب في جميع أنحاء الهند في الآونة الأخيرة، قال معظمهم إنهم يريدون زيادة قدراتهم من خلال الدراسة خارج الهند، وأعربوا عن أملهم في أن يساعدهم ذلك على الرقي في الهند بعد العودة، كما تحدثوا أيضا من عن بعض المخاوف المعتادة لدى الطلاب الذين يريدون السفر للدراسة في الخارج.

وروشيكا كستلينو، رئيسة عمليات الهند للدراسة بالخارج، وهي شركة تقدم المشورة والنصيحة للطلاب الذين يرغبون في الدراسة في الخارج، تقول: «هناك أمر شائع بين الطلاب في جميع أنحاء البلاد، هو: انظروا، أنا أقوم بالاستثمار في هذا الحقل؛ ما هي العوائد المتوقعة لي؟ وهذا سؤال كبير لدي الطلاب، ثم يأتي بعد ذلك أسئلة أخرى كثيرة؛ إلى أين يتعين عليّ الذهاب؟ وما هو نوع الدراسة وفترات التدريب التي يجب أن أحصل عليها؟.. إلخ».

وتقول كستلينو إن عدد الطلاب الهنود الذي يسافرون للدراسة في الخارج سنويا قد تضاعف على مدى السنوات الست الماضية ليصل إلى أكثر من 200 ألف طالب وطالبة.

وعلى الطلاب الذين قرروا الدراسة في الخارج التعامل مع عدة عقبات. وتقول شيفانيكا غياني، إن إيجاد وسيلة لدفع أكثر من 150 ألف دولار للدراسة لمدة عامين والحصول على دارجة الماجستير في إدارة الأعمال من الخارج لا يمثل التحدي الأكبر.

وتضيف غياني قائلة: «إن أول عقبة هي القدرة على اجتياز اختبارات القبول بإحدى كليات إدارة الأعمال الأميركية الكبرى، وهو ما يعني تحقيق نتيجة جيدة في اختبار القبول».

وقالت غياني: «بالنسبة للكليات الأميركية، فإنني بحاجة لتحقيق مجموع درجات يزيد على 700 درجة لكي أتمكن من الالتحاق بكلية ذات مستوى عالٍ»، في إشارة إلى نظام درجات مكون 800 درجة.

واستطردت قائلة: «لذلك في هذه الأيام لم أعد أتواصل اجتماعيا مع أحد، وأصبحت أتحدث فقط إلى الذين يريدون مناقشة امتحانات القبول في الدراسات العليا الإدارية وكليات الإدارة».

ولماذا اختارت الولايات المتحدة؟

تقول غياني (29 عاما)، التي كانت تعمل في شركة توظيف في مومباي بعد التخرج من الجامعة: «إذا ذهبت إلى الولايات المتحدة، فهناك فرصة أكبر لكي يكون لديك شبكة أكثر عالمية، لأن الكثيرين من جميع أنحاء العالم يذهبون إلى الولايات المتحدة للدراسة هناك».

وقد اطلعت على بعض البرامج في أوروبا، لكنها ترى أن «أوروبا ليست حقا المكان الأفضل للذهاب إليه للدراسة الآن، نظرا لمحدودية فرص العمل، وعليك أن تتعلم اللغة إذا كنت ترغب في العمل».

وتقول غياني إن المكان، والدراسة التي تقدمها كلية لندن لإدارة الأعمال، جذابين، لكن هناك مشكلة كبيرة في بريطانيا: «إن حالة الطقس هناك تقلقني. وهي عامل كبير في اتخاذ قراري، لقد أجريت محادثة طويلة مع شخص ما، وظل يؤكد لي قائلا: (أجعلي الطقس عاملا مهما عند تفكيرك، فالتواجد في مكان بارد سوف يزيد من التكلفة التي تتحملينها)».

وكان لدى شيفام أرورا، وهو طالب في السنة النهائية في كلية بمومباي، نفس المشكلة عندما فكر في العيش في كندا، حتى عندما قيل له إن كندا تقدم منحا دراسية للطلاب المسجلين في برنامج «البكالوريا الدولية»، وهو يخطط للالتحاق بإحدى الكليات الكندية «على سبيل الاحتياط».

وبالنسبة للطلاب الذين يعتبر المال أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لهم، فليس لديهم حرية الاختيار. وبالنسبة للكثيرين منهم، فإن البرامج ذات العام الواحد في الجامعات البريطانية هي نقطة جذب كبيرة، وبحسب فيشال غيل، وهو متخصص توريد في شركة «تاتا موتورز»، فإن الحصول على درجة علمية في إدارة الأعمال لمدة سنتين من مؤسسة تعليمية جيدة في الهند يتكلف نحو 34800 ألف دولار. وبنفس التكلفة، أو أقل، إذا نظرنا إلى تكلفة الدراسة لمدة عام في كلية إدارة أعمال هندية، قال غيل إنه يستطيع الدراسة لمدة سنة في جامعة بريطانية جيدة، ويمكن أن يختار مقررات تركز على تخصصه. وأضاف قائلا: «لماذا لا أذهب للدراسة بالخارج، والتنافس على ساحة عالمية وأدفع أقل؟».

وبعد الانتهاء من دراسته، يرغب غيل أيضا في العمل بالخارج، ولديه دراية بسنغافورة، لأن أحد الموردين للشركة التي يعمل بها من هناك. وقال غيل: «إنها بلد يقع به مقر الكثير من الشركات الكبرى. ولا توجد به عنصرية وهو مكان رائع».

ولكنه حتى إن لم ينجح في خططه للسفر إلى الخارج، فإنه واثق من أن شركة «تاتا موتورز» سوف تكافئه على ذلك: «بعد حصولي على درجة الماجستير، سوف تزيد الشركة راتبي بالتأكيد».

وهذا هو ما سمعه سوراب بايهار، وهو مهندس الإلكترونيات، من أبناء عمومته الذين يعملون في الشركات العالمية في الهند، وقال إن زيادات الرواتب التي أعطت للعاملين الذين يحصلون على شهادات علمية من الخارج خلال السنوات الـ5 إلى 10 الماضية، جعلت العائلات الأكثر تحفظا أقل ترددا في إرسال أبنائها إلى الخارج للدراسة.

وقال بايهار إن والده، وهو موظف حكومي في بلدة شمال جودبور، سوف يطلب الحصول على قرض لإرساله إلى بريطانيا لعمل الدراسات العليا لمدة عام والعودة بعد ذلك، لكن بايهار «واثق إلى حد ما» من أن الدرجة العلمية التي سيحصل عليها من بريطانيا ستجعل من السهل عليه سداد القرض.

وقال ديباك كريشناكومار، وهو طالب هندسة يسعى للحصول على درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأميركية: «كل ما تحتاجه هو الخطوة الأولى. وهي أن تذهب إلى هناك». وكطالب في المعهد الهندي للتكنولوجيا، قال إن هناك الآن الكثير من فرص العمل في مجال البحوث والتنمية.

اتفق راجيف فارما، الذي سجل للحصول على درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة مومباي، معه قائلا: «إن شركات الأدوية بدأت تعود إلى الهند. وهذا القطاع يشهد حالة ازدهار، حتى لو كان هناك أزمة مالية، فإن شركات الدواء لم تحقق خسائر أبدا».

وقال إن طلاب الكليات العلمية الذين يسافرون إلى الخارج يحصلون على فرص غير متوفرة بكثرة في الهند، مثل العمل مع باحثين من الشركات الرائدة في العالم.

وقال: «إذا عملت في مختبرات دولية شهيرة، فإنك ستحصل على فرص جيدة للغاية. ويمكنك الحصول على فرصة جيدة جدا لاكتساب الخبرة».

«الشهرة» هي الكلمة التي جاءت على لسان جميع الطلاب في كل المقابلات التي أجريت، بغض النظر عن الحقل الذي يدرسون فيه.

ويقول فايشناف، طالب الهندسة بجامعة مومباي، إن الشهرة أكثر من مجرد كلمة، وقال إنه قد رأى زميله يتغير تماما بعد الالتحاق بإحدى الجامعات الكندية والاستفادة من الدراسة هناك.

واستطرد قائلا: «لقد تعلم عشرة أضعاف ما تعلمناه في السنوات الثلاث الماضية، على الرغم من أنه لم يدرس هناك سوى عام واحد». وكجزء من شهادة في الهندسة، فإن صديقه استطاع اختراع نظام رش للمزارع، وأضاف فايشناف: «لقد كان يستمتع كل شيء».

* خدمة «نيويورك تايمز»