في السعودية.. «جامعتك داخل جيبك»

ثورة «الهواتف الذكية» تجتاح المقررات الدراسية وتختصر المحاضرات والتواصل مع الأساتذة

طفرة الهواتف الذكية تصل إلى الجامعات السعودية وتحدث «ثورة» جديدة في تقنيات التعلم، بعد أن اختزلت المقررات والمحاضرات في أجهزة الجيب
TT

«جامعتك في جيبك» مفهوم جديد تحاول بعض الجامعات السعودية تحقيقه مؤخرا، انسجاما مع «ثورة» الهواتف الذكية التي شغلت السعوديين بأحدث تقنياتها، وخاصة مع انجذاب شريحة الطلبة لها، إذ أصبحت معرفة رقم الـ«بي بي» أهم لديهم من تبادل أرقام الهواتف، إلى جانب تنافسهم على امتلاك أحدث تطبيقات «آي فون» و«آي باد» وغيرها، وهو ما دفع جامعات سعودية للتواصل مع الشباب بلغة عصرهم، من خلال توفير قاعات دراسية مصغرة عبر هذه الأجهزة.

فبعد اليوم، لم يعد من الضروري أن يتواجد الطالب في الحرم الجامعي لكي يتابع الواجبات والدرجات وتسليم الأنشطة، فكل هذا يمكن توفيره عبر هاتف يضعه في جيبه، تحت شعار «تصفح مقرراتك وتواصل مع طلابك».

وجاءت البداية مع جامعة الملك سعود في الرياض، التي تدشن هذه الأيام الخدمة بعد أن نشرت إعلانها الذي يقول: «لأعضاء هيئة التدريس والطلاب.. يسر عمادة التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد تقديم خدمة الجوال التعليمي، من خلال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية الآتية (أندرويد)، (بلاك بيري)، (آي فون)، و(آي بود تتش)، (آي باد)».

عن هذا التوجه، تحدث لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سامي الحمود، وهو عميد عمادة التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد في جامعة الملك سعود، موضحا أن الهدف من الخدمة هو «توسيع نطاق بيئة التعليم والتفاعل خارج حدود الحرم الجامعي، والوصول إلى الطالب حيثما وجد، كما تمكن أعضاء هيئة التدريس من الدخول إلى بيئة التعليم الإلكتروني من خلال الهواتف الذكية للتفاعل مع أنشطة المقرر بطريقة ميسرة وبسيطة، متخطين بذلك حدود الزمان والمكان».

وحول خدمات الجوال التعليمي المقدمة عبر الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية (Tablets) العاملة بأنظمة «iOS» أو «أندرويد»، يلخصها الحمود في الآتي: «دخول عضو هيئة التدريس إلى مقرراته ومتابعة سير العملية التعليمية. دخول الطالب إلى المقررات المسجلة له ومتابعة الواجبات والدرجات من خلال حسابه الموحد في الجامعة. المشاركة في منتديات المقرر والتفاعل معها بحيث يمكن لأعضاء هيئة التدريس الإجابة على تساؤلات الطلاب وفتح المجال للطلاب لمناقشة مواضيع جديدة والبحث في أمور تدعم الجانب التعليمي في المقرر».

يضاف لذلك «تلقي الإعلانات الموجهة من عضو هيئة التدريس بكل ما يخص أنشطة المقرر (مواعيد تسليم الواجبات، تأجيل المحاضرات.. إلخ). ومتابعة الدرجات للأنشطة والواجبات والاختبارات. وأخيرا، تمكين الطلاب من الوصول إلى ملفات الوسائط المتعددة (صوت، فيديو، صور) التي تم رفعها من قبل أعضاء هيئة التدريس».

ليس هذا كل شيء، حيث يفصح الحمود، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه يجري النقاش حاليا للربط من خلال الهواتف الذكية بنظام المكتبة الجامعية ككل، بحيث يتمكن الطالب من تصفح المكتبة والبحث فيها ومعرفة إصداراتها عبر هذه الأجهزة، ويفيد كذلك بأنه سيكون بالإمكان الاطلاع على خرائط ومباني الجامعة ومتابعة أخبار الجامعة أولا بأول، في أي مكان يتواجد فيه الطالب.

وعلى الرغم من ترحيب الطلبة بهذه «المغازلة» التقنية، فإن بعضهم لم يخف توجسه من تحقيق نزر يسير من أهدافها، كما ترى البندري خالد، مرجعة ذلك «لعدم مواكبة الكثير من الأساتذة للتقنية وتواضع معلوماتهم حولها»، حيث تتساءل «نحن الطلبة قادرون على التفاعل مع الخدمات الجديدة، لكن ماذا عن الأساتذة؟».

في المقابل، يرى طلبة آخرون أن هذه الخدمة في حال تم تطويرها؛ قد تسهم في التقليص من مدة تواجدهم في الجامعة والتقليل من مصاريف التنقل وتكاليف الحضور اليومي.

وينبغي الإشارة إلى أن تقنية التعليم عبر الهواتف الذكية تعد خطوة جديدة نسبيا على مستوى العالم ككل، فقد كشفت «نيويورك تايمز» العام الماضي، عن اتجاه صناعة الهواتف إلى تحسين القدرات الحسابية للطلبة الأميركيين داخل الفصول الدراسية، وذلك على خلفية المؤتمر الذي عقد في واشنطن تحت عنوان «التعلم عن طريق الهاتف الجوال»، وأعلنت خلاله إحدى شركات صناعات الهواتف أنها تقوم بإجراء حوارات مع إدارات المدارس في شيكاغو وسان دييغو وفلوريدا حول شراء أجهزة الهواتف الذكية لاستخدامها في الفصول.

إلا أن السعودية قد تكون سباقة عربيا في هذا المضمار، حيث تأتي هذه الخطوة في ظل «الثورة» التي تشهدها الهواتف الذكية بين السعوديين، خاصة أجهزة «بلاك بيري» التي تحظى بالرواج الأكبر، إذ يتجاوز عدد مستخدمي خدمة «بلاك بيري» في السعودية حدود الـ700 ألف، بحسب آخر الإحصاءات، وذلك بعد اجتاح «بلاك بيري» كل قطاعات الأعمال في البلاد خلال فترة قصيرة.

ومما يؤكد استمرار «طفرة» الهواتف الذكية حول العالم، ما كشفته قبل أيام شركة «أسيمكو» الأميركية في آخر أبحاثها بأن «الهواتف الذكية ستشكل نحو 50 في المائة من إجمالي الهواتف المحمولة المستخدمة في العالم في 2011»، وهو ما يعتبر ارتفاعا عن نسبة استخدامها في الوقت الحالي، التي تبلغ 30 في المائة، في حين كانت نسبة استخدامها في عام 2009 لا تتجاوز 18 في المائة فقط.

وأوضحت الشركة في دراستها، أن «عدد مستخدمي الهواتف الذكية في الولايات المتحدة الأميركية وحدها سيرتفع من 35 مليونا في الوقت الحالي، إلى 120 مليونا في عام 2011، ثلثهم سيستخدم إما نظام التشغيل (ويندوز) من شركة (مايكروسوفت) أو نظام (أندرويد) الخاص بـ(غوغل)».

وكانت شركة «كوم سكور» أشارت في إحصائياتها الأخيرة إلى أن 61 مليون أميركي يقتنون هواتف ذكية خلال الشهر الماضي، بزيادة قدرها 14 في المائة عن الثلاثة أشهر الماضية.