الزعيم الليبي عمر المختار مصدر إلهام للمتمردين في كشمير

فيلم «أسد الصحراء» غير وجهات نظر السكان تجاه الجماعات السياسية

فيلم «أسد الصحراء» بطولة أنطوني كوين
TT

يستمد المتمردون في كشمير إلهامهم من الزعيم الثوري الليبي عمر المختار. وهم يعرفون البطل العربي من خلال الفيلم السينمائي «أسد الصحراء» الذي أنتجته مدينة السينما العالمية، هوليوود، الذي يحكي قصة عمر المختار، الذي قاوم الاحتلال الإيطالي لليبيا خلال فترة الحرب العالمية الأولى، وتم إعدامه بواسطة المستعمرين الإيطاليين.

وعندما عرض الفيلم عام 1985، أثار تمردا جديدا في كشمير، التي ما زالت تموج بشعارات «الاستقلال»، مع وقوع أكثر من 60 ألف قتيل على الرغم من مرور 25 عاما على ذلك.

وأخبر جاويد إقبال، الصحافي البارز، «الشرق الأوسط» وهو يتذكر أثر الفيلم في هذه الأيام بأنه بعدما عرض الفيلم كانت هناك مظاهرات واسعة مناوئة للشيخ محمد عبد الله (رئيس الوزراء السابق لكشمير الخاضعة لإدارة هندية، ومؤسس أكبر حزب سياسي عام في المنطقة، وهو حزب المؤتمر الوطني) في شتى أنحاء كشمير أجبرت الحكومة على وقف عرض الفيلم في الأسبوع الأول، على الرغم من أنه كان يحظى بنسبة مشاهدة كبيرة جدا.

وحوّل فيلم «أسد الصحراء»، الذي عرض خلال عام 1985 كشمير إلى بركان. وقال بشير ظابلا، الأستاذ بقسم علم الاجتماع في جامعة كشمير: «خلال ساعة واحدة، أدركت كشمير حماقات الشيخ عبد الله. وغير الفيلم وجهة نظر الكشميريين تجاه جماعته السياسية (حزب المؤتمر الوطني) ودورها في محنتهم، وخلال فترة لاحقة، غير الفيلم من التاريخ السياسي لكشمير».

وبعد عامين من عرض الفيلم، تلاعب حزب المؤتمر الوطني بالانتخابات في عام 1987، وأعلن نفسه فائزا على عكس التصور العام بأنه قد خسر أمام الجبهة الإسلامية المتحدة. وأحدث هذا تغيرا مفاجئا في الوضع وبدأ الشبان الكشميريون في عبور خط السيطرة للحصول على الأسلحة وتلقي التدريب في كشمير الخاضعة لإدارة باكستانية من أجل شن ثورة ضد الحكم الهندي، وقال إن الفيلم ترك تأثيرا اجتماعيا وسياسيا هائلا. وما زال محمد ياسين مالك، رئيس جبهة تحرير جامو وكشمير الانفصالية المؤيدة لحرية كشمير يتذكر ذلك اليوم من عام 1985، عندما كان طالبا ودخل إلى سينما ريغال في مدينة سريناغار لمشاهدة فيلم الحركة التاريخي «أسد الصحراء» الذي أنتجه المنتج السوري الشهير مصطفى العقاد عام 1981، وخرج من السينما كثائر.

وقال مالك، الذي كان ضمن أول شبان قلائل يحملون الأسلحة ضد الحكم الهندي في كشمير: «أنا والكثير من الشبان الكشميريين الآخرين حصلنا على إلهام من بطل الفيلم عمر المختار لقيادته حركة المقاومة الليبية ضد الحكم الاستعماري الإيطالي إبان فترة حكم موسوليني».

وبعد تجنب طريق العنف، أصبح مالك يناضل في قضية كشمير سياسيا، وقال: «عندما خرجنا بعد مشاهدتنا للفيلم، كانت هناك مظاهرات ضد الشيخ محمد عبد الله الذي كان حتى ذلك الوقت الزعيم السياسي والروحي لكشمير بلا منازع. وفي تلك الأيام، كان يمكن مشاهدة صوره في كل محل بكشمير. وبعدها، لم يكن الوضع ليستمر على ما هو عليه».

ولكن بعد عرض فيلم «أسد الصحراء»، بدأ الشباب داخل كشمير في عقد موازنات بين عبد الله وعمر المختار، وكانوا محبطين من «تعاون» عبد الله مع العدو. وقال مالك إنه عرض الفيلم خلال فترة لاحقة على شريط فيديو لمحمد يوسف شاه، الذي يعرف الآن بشكل أكبر باسمه الحركي سيد صلاح الدين، رئيس مجلس الجهاد المتحدة، وهي مجموعة من 15 منظمة مسلحة يقاتلون القوات الهندية في المنطقة ويقيمون داخل باكستان.

وقال شابير شاه، وهو قائد انفصالي كشميري آخر، شاهد أيضا الفيلم الذي يظهر أنطوني كوين في دور عمر المختار، القائد البدوي الذي خاض حرب عصابات رائعة وبلا هوادة ضد الغزاة الإيطاليين لليبيا خلال الفترة من عام 1911 وحتى اعتقاله وإعدامه بواسطة قوات موسوليني في عام 1931: «الشبان الكشميريون الذين شاهدوا الفيلم اختلف حالهم فجأة. وقد دخلتُ قاعة عرض الفيلم كشاب مهمل، وخرجت منها كشخص مستعد للتضحية بحياته في سبيل حرية دولته».

وبعد عرض الفيلم، كانت هناك مظاهرات واسعة في شتى أنحاء كشمير ضد عبد الله وحكمه الوراثي الفاسد. وقال ساجد باري، وهو قائد عسكري سابق: «أردت أنا والكثير من الشبان الآخرين الذين شاهدوا الفيلم الحصول على تدريب على حمل الأسلحة لكي نصبح مثل عمر المختار. وأردنا أن نعيش مثل عمر المختار، ونموت مثل عمر المختار. وقد اشترينا صورا أكبر من الحجم الطبيعي للشيخ عبد الله، حاكم كشمير في ذلك الوقت، وأضرمنا النيران فيها. وعلى الرغم من أن الشيخ كان زعيما في كشمير، فإننا لم نرده أن يكون جبانا مثلما كان. وكنا نريده أن يكون أسدا مثل عمر المختار».

وكان عمر المختار قد ولد خلال عام 1862 في قبيلة المنفة بقرية جنزور بالقرب من مدينة طبرق شرق برقة. وانتهى كفاح عمر المختار الذي استمر لمدة 20 عاما تقريبا يوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 1931، عندما جرح خلال معركة، وبعد ذلك أسره الجيش الإيطالي. وفي يوم 16 سبتمبر عام 1931، وبناء على أحكام المحكمة الإيطالية، ومع الآمال الإيطالية بأن المقاومة الليبية سوف تموت معه، تم إعدام المختار أمام أتباعه في معسكر سلوق للاعتقال.

وذكر أحد الثوار الكشميريين وهو محمد أفضل إنديان، الذي تآمر سرا لشن هجوم على البرلمان الهندي في عام 2001، وحكم عليه بالإعدام لتخطيطه هذا الهجوم، في التماس الرحمة الذي قدمه لتخفيف عقوبة الإعدام المفروضة عليه، والذي رفعه إلى الرئيس الهندي أيضا، أنه انضم إلى الحركة الكشميرية وذهب إلى باكستان في بداية عقد الثمانينات مثل المئات من الشبان الكشميريين الآخرين.

وكتب أفضل: «لقد استلهمت قصة (عمر المختار) في عرض فيلم (أسد الصحراء) الذي صور قصة مدرس حارب من أجل تحرير شعبه وتم إعدامه».

والمثير للاهتمام أن الباعة المتجولين في سريناغار، العاصمة الصيفية لكشمير، باعوا خلال العام الماضي المئات من الصور المحاطة بإطار للزعيم الليبي معمر القذافي بعد خطابه الأول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي قال فيه إن كشمير يجب أن تكون «دولة مستقلة» غير تابعة للهند أو باكستان.

وكان هذا يمثل إحراجا دبلوماسيا للهند، ولكن خطاب القذافي أمام الأمم المتحدة أكسبه بالفعل قاعدة جماهيرية حماسية في كشمير التي أنهكتها الحرب، والتي يقاوم فيها المسلحون المسلمون حكم نيودلهي.