العواصف الثلجية في أوروبا انسكبت نعيما على لبنان

«هجوم إيجابي» على بيروت وارتفاع حركة الحجوزات إلى 20%

سياح يسيرون في ميدان تايمز سكوير بنيويورك أمس وقد غطته الثلوج التي وصل سمكها إلى نصف المتر (أ.ف.ب)
TT

حرك موسم أعياد الميلاد الأسواق التجارية ونشاط المؤسسات السياحية والخدماتية في لبنان، وزادت معها حركة السياحة، بعد تدفق «مفاجئ» لسياح أوروبيين منعتهم أزمة الملاحة الجوية في بلدانهم من حجز مقاعد للعودة إلى الديار، وقضاء فترة الأعياد بين أهاليهم. إلا أنه كما يقال «مصائب قوم عند قوم فوائد». فقد استفاد لبنان من هذه الأزمة «الجوية»، بعد تعليق حركة الإقلاع والهبوط في معظم مطارات العواصم الأوروبية، بسبب موجات الصقيع وتساقط الثلوج والعواصف القاسية، وارتفعت إثر ذلك الحجوزات إلى 20 في المائة كما أكد وزير السياحة فادي عبود لـ«الشرق الأوسط».

ويشهد مطار رفيق الحريري الدولي حركة «نشطة» لسياح عرب وأوروبيين، ومغتربين لبنانيين اشتاقوا إلى عائلاتهم ووطنهم الأم. وقال الوزير عبود إنه «لا يوجد حتى نهاية فترة الأعياد، مقاعد شاغرة في الطائرات التي تنظم رحلات من بعض البلدان العربية إلى لبنان». ووصف عبود قدوم السياح في الفترة الأخيرة إلى لبنان بـ«الهجوم الإيجابي». وأشار إلى ازدياد عدد الرحلات المتوجهة إلى بيروت خلال موسم الأعياد، لافتا إلى أن «شركات طيران عدة سيرت خلال هذا الموسم رحلات يومية إلى لبنان، بعد أن كانت تؤمن 3 رحلات أسبوعيا، وذلك بسبب الطلب المتزايد للمجيء إلى لبنان». وأكد على أن حركة سياحة الأوروبيين، الذين يعملون في الخليج «متزايدة»، ولأسباب لا تتعلق فقط بـ«أزمة الملاحة الجوية» التي تعيشها بلدانهم؛ بل لأن «لبنان بلد يستطيع أن يقدم أجواء مكتملة للإحتفال بأعياد الميلاد، قد لا يجدونها في دول الخليج العربي». وتابع عبود قائلا إن «المغتربين اللبنانيين حضروا بكثافة إلى لبنان في فترة الأعياد إضافة إلى السياح العرب».

وعن الحجوزات في الفنادق، لفت عبود إلى «أنها تركزت في بيروت، حيث وصلت نسبة الإشغال فيها إلى 100 في المائة»، موضحا أن «ذلك يمتد ليشمل بعض المناطق في جونيه وبرمانا وعالية وبحمدون ومناطق التزلج في فاريا واللقلوق». وأكد أن «نسبة الحجوزات في فنادق بيروت اكتملت، وبدأت تتوزع على فنادق ضبية، كذلك بلغت نسبة الحجوزات في الشقق المفروشة نحو 90 في المائة».

وصرح كثير من أصحاب المطاعم والفنادق لـ«الشرق الأوسط» بأن الحجوزات في عيد رأس السنة أصبحت مكتملة، ولم يعد لديهم أي مقاعد شاغرة في سهراتهم، إلا في مؤسسات الوسط التجاري التي تعاني انخفاضا في الحجوزات لأسباب عدة، منها انتشار المؤسسات السياحية والمطاعم والمقاهي في عدد من المناطق في بيروت وخارجها، مما أدى إلى توزع الحجوزات على هذه المؤسسات بعدما كانت محصورة في مؤسسات الوسط التجاري، إضافة إلى التشدد الأمني الكثيف في هذه المنطقة. وأوضح الوزير عبود أن «أجواء التحضيرات لسهرة رأس السنة إيجابية ومطمئنة، ونسبة الحجوزات في مطاعم وملاهي بيروت جيدة جدا، إلا أنه لا يمكن تحديد نسبة مئوية لذلك، نظرا لكثافة المطاعم التي ارتفعت أعدادها بشكل لافت خلال السنوات الماضية».

ورأى جان حتي، صاحب أحد المطاعم في بيروت أن الحركة السياحية عشية الأعياد «ممتازة»، ولاحظ أن هذا التحسن مستمر منذ نحو سنتين، حيث سجل قطاع المطاعم ازدهارا لافتا وتبين ذلك من خلال إحصاءات وزارة السياحة التي منحت رخصا استثمارية لتشجيع السياحة. وأشار إلى أن «الحجوزات بدأت قبل موسم الأعياد وأن المطاعم تعج بالرواد يوميا، وذلك على مستوى بيروت الكبرى، والمناطق الساحلية، لا سيما جونية».

من جهته، أكد ربيع ناغي (صاحب مطعم) أن حجوزات سهرة رأس السنة اكتملت، ولم يعد من مجال لحجوزات إضافية، لافتا إلى أن الأسعار تتراوح بين 50 و500 دولار أميركي، «وهي لم ترتفع مقارنة مع السنوات الماضية على الرغم من رفع الحد الأدنى للأجور» على ما يقول.

ووصف ناغي وضع المطاعم في الوسط التجاري بـ«الأحسن»، خاصة بعد عودة الاستقرار الأمني فيه، وعودة الحياة إليه بعد أن كانت خيم المعارضة قد ضيقت الخناق على الحركة الاقتصادية فيه في سنوات ماضية. لكن على الرغم من ذلك، فإن بعض أصحاب المطاعم في «الوسط التجاري» يشتكون من انخفاض الحجوزات بعد أن حول رواد هذه المطاعم وجهتهم إلى المناطق المجاورة التي انتشرت فيها المقاهي والملاهي، بحيث افتُتحت مطاعم جديدة في الحمرا وفردان والجميزة وغيرها على خط أنطلياس - جل الديب الساحلي.

وفي منطقة ‏ «فاريا» السياحية الواقعة على بعد 50 كيلو مترا شمالي بيروت تكثفت حركة المتزلجين لما تمتاز به ‏المنطقة من ‏مناظر خلابة، وتعد مكان جذب لمحبي هواية التزلج على الجليد بأنواعها. ويشير فهد الجار الله من السعودية، الذي كان يتسابق مع رفاقه على «اسكي دو» إلى أن قرار قضاء عطلة رأس السنة في لبنان كان «حاسما» على الرغم من صعوبة الحجز. وأكد أن «فاريا هي أكثر منتجعات لبنان جمالا، حيث تتوافر كل التجهيزات والخدمات»، التي تقدم ‏ ‏لسياحها الذين يتوافدون عليها في موسم التزلج، خاصة في فترة أعياد الميلاد.

ويؤكد صاحب إحدى محطات التزلج، غابي شديد، على أن ارتفاع نسبة المتزلجين والسياح في فاريا بدأ مع انطلاق موسم ‏الأعياد. وأشار إلى أن «ما يقارب 5000 سيارة تزور المنطقة الثلجية يوميا»، حيث يتم تقديم الخدمات كافة ‏ ‏للمتزلجين من تدريب وإشراف ومعدات وملابس خاصة برياضة التزلج وغيرها من ‏ ‏المستلزمات التي يحتاجونها. ‏وأفاد أن معظم محطات التزلج مزودة بالمعدات اللازمة المستوردة من أوروبا التي يتم تأجيرها بأسعار رمزية. وأوضح أن المنتجعات توفر عددا من الرياضات؛ منها رياضة التزلج على الجليد «اسكي ‏ ‏بوردينغ» و«سنو موبيل» وهي عبارة عن عربات للانتقال السريع ‏ ‏عبر الجليد. وبعضها أيضا يقدم خدمة «التليفريك» وهي العربات المفتوحة المعلقة بسلك كهربائي ‏‏تحملها لتصل إلى هضبات الجبال على ارتفاع مئات الأمتار عن أسطح الأودية التي تمر ‏ ‏فيها. وتتراوح أسعار حجز بطاقات الدخول إلى محطات التزلج بأنواعها بين 20 ‏ إلى 30 دولارا للفرد الواحد، مشيرا إلى أن «ساعات العمل الرسمية تبدأ من الثامنة ‏ ‏صباحا وحتى الرابعة بعد الظهر». ‏