450 ألف لاعب إلكتروني.. في المنطقة العربية

عوائد بمليارات الدولارات من التعاملات المالية لألعاب الإنترنت الجماعية

مشهد من لعبة «أمل الشعوب» الجماعية العربية
TT

ما سر الشعبية المتزايدة لألعاب الإنترنت الجماعية (Massively Multiplayer Online Role - Playing Games MMORPG) في العالم؟ يسمح هذا النوع من الألعاب لأعداد ضخمة من اللاعبين بالتفاعل مع بعضهم بعضا في عالم خيالي افتراضي عبر شخصيات افتراضية يصممها اللاعب أو يضفي لمساته الخاصة على أشكالها ومهاراتها، كما يجري تطوير الشخصيات وفقا لما يراه كل لاعب مناسبا، والتحكم فيها. ويتطور عالم اللعبة الافتراضي بشكل مستمر، حتى وإن كان اللاعب بعيدا عن اللعبة أو خارج عالمها، ولا توجد نهاية للعبة، حيث «يعيش» اللاعب دور الشخصية ويصطاد ويقاتل ويعمل ويؤدي التعاملات المالية الداخلية مع الشخصيات الأخرى، أي أنه يقود حياة اجتماعية افتراضية عبر هذه الشخصية الافتراضية.

وتجاوزت أرباح هذا النوع من الألعاب نصف مليار دولار أميركي في العالم الغربي عام 2005، ومليار دولار عام 2006، مع إنفاق 1.4 مليار دولار أميركي في الدول الغربية في عام 2008 بدعم 364 مليون لاعب في العالم (أكثر من 20% من مستخدمي الإنترنت)، بينما تصل قيمة هذه السوق في آسيا نحو 5 مليارات دولار أميركي. واستطاعت لعبة «وورلد أوف ووركرافت» المعروفة الحصول على 12 مليون مشترك حتى بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2010. وجلبت ألعاب الإنترنت في الصين وحدها 4.5 مليار دولار أميركي لشركات الاتصالات، و1.6 مليار دولار أميركي لقطاع التقنيات. ومن المتوقع أن تعود ألعاب الإنترنت بشكل عام بأكثر من 13 مليار دولار أميركي بنهاية عام 2011. ويقدر عدد لاعبي ألعاب الإنترنت الجماعية في المنطقة العربية بـ450 ألف لاعب من بين 36.5 مليون مستخدم للإنترنت، أي بنسبة تبلغ نحو 1%، أي أن السوق العربية خصبة لتطوير هذه الشريحة من اللاعبين والاستثمار فيها.

وتستخدم غالبية هذه الألعاب نظاما اقتصاديا في داخل عالمها، حيث يستخدم اللاعبون عملة افتراضية ويشترون ويبيعون مختلف السلع. وقد يؤثر هذا الاقتصاد الافتراضي على الاقتصاد الواقعي في بعض الأحيان، حيث إن بعض السلع الافتراضية محدودة، أو قد يكون عليها طلب مرتفع جدا وفقا للحاجة أو لظروف عالم اللعبة، فتزداد قيمتها الافتراضية. وقد يحدث تداخل بين العالمين، مثل بيع اللاعبين لسلع نادرة، أو مبادلتها بسلع ذات قيم مقاربة، أو شراء السلع الافتراضية بالنقود الحقيقية، أو شراء النقود الافتراضية بالنقود الحقيقية. ويمكن أن تتجاوز قيم بعض النقود الافتراضية قيمة النقود الحقيقية في بعض الأحيان، مثل تجاوز عملة لعبة «إيفركويست» قيمة الين الياباني.

وتجني بعض الشركات المطورة لهذا النوع من الألعاب أرباحها بعدة طرق، مثل وضع رسوم اشتراك شهرية أو سنوية، أو جعل اللعبة مجانية للجميع وبيع بعض العناصر فيها، أو السماح بتطوير الشخصيات بسرعة عبر شراء موارد محددة، أو إضافة إعلانات إلى عالم اللعبة، وغير ذلك.

إلى ذلك، يمكن للاعبين جني الأرباح من هذه الألعاب في الكثير من الأحيان، مثل بيع بعض اللاعبين النقود الافتراضية لقاء نقود حقيقية، في حال أراد لاعب ما الحصول على المال الافتراضي من غيره بصورة سريعة.

ويمكن لبعض اللاعبين أن ينشئ شخصية ويطورها إلى مراحل متقدمة، ومن ثم يبيع حسابه إلى شخص آخر يريد الدخول في عالم اللعبة والحصول على شخصية متطورة بسرعة، لقاء مبلغ مالي حقيقي. واستطاع بعض اللاعبين جني أرباح مالية حقيقية تجاوزت 100 ألف دولار أميركي في بعض الألعاب والخدمات الجماعية، مثل «إنتروبيا» (Entropia) و«وسيكند لايف» (Second Life). وكمثال على ذلك، اشترى لاعب في لعبة «إنتروبيا» نيزكا لقاء 100 ألف دولار أميركي، وباع حقوق الاصطياد والتنقيب فيه، بالإضافة إلى بيع بعض الأراضي عليه، واستطاع جني رأسماله بعد مرور 8 أشهر فقط، من ثم بيعه لقاء 635 ألف دولار أميركي، بعد 5 أعوام على صفقة الشراء الأولى. ودخل هذا النيزك موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية كأعلى قيمة في العالم لسلعة افتراضية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة موجودة في العالم العربي، حيث لوحظ وجود نشاط تجاري كبير لمتابعي ألعاب جماعية عربية في الكثير من الدول العربية، مثل السعودية وقطر والإمارات والكويت والجزائر، حيث يبادل اللاعبون شخصيات وأسلحة وعناصر مختلفة لقاء مبالغ مالية افتراضية أو حقيقية، أو لقاء عناصر من داخل عالم اللعبة. وتتخصص شركة «جيم باور سيفن» (Game Power 7) في تعديل ألعاب الإنترنت الجماعية لتتناسب وتتماشى مع الثقافة والعادات العربية والإسلامية. وتعتمد لعبة «أمل الشعوب» على تعاملات مالية صغيرة من طرف اللاعب، بحيث يمكنه شراء بعض السلع الخاصة والحصول على عناصر مختلفة (مثل الأدوات القتالية)، ورفع مهارات الشخصيات، وتطوير خصائصها وأشكالها، لقاء مبالغ مالية محددة. وبالنسبة لترتيب البلدان العربية من حيث الإقبال على اللعبة، تأتي السعودية في المرتبة الأولى، تليها مصر، ثم الإمارات، فالكويت، وسورية، وقطر.

ويبادل لاعبو «أمل الشعوب» (Arabic Rappelz) شخصيات رئيسية ومساعدة وحيوانات وبطاقات مهارات وأحجار نادرة بشكل يومي في عالم اللعبة الافتراضي، إما لقاء مبالغ مالية افتراضية، أو لقاء شخصيات بديلة، أو حتى مبالغ مالية حقيقية، مثل بيع صقر لقاء 150 دولارا أميركيا، وحسابات وصل سعر بضعها إلى أكثر من 1600 دولار أميركي.

وبالنسبة للعبة «عالم الأسرار» (Arabic ASDA Story)، فيمكن فيها شراء الألبسة وأدوات الزينة وتربية الحيوانات الأليفة وتطوير الأسلحة والدروع. وتقدم الشركة إعلانات ضمن عالم اللعبة في لافتات إعلانية خاصة، ويوجد فيها متجر أدوات غني جدا يقدم أكثر من 250 أداة مختلفة، مثل أدوات لتزيين الشخصيات وتطوير الأسلحة، وحماية اللاعب وإضافة مخلوقات تساعده وتقاتل إلى جانبه.

إلى ذلك، يمكن تأجير مساحات إعلانية في الألعاب التي تسمح بذلك، مثل لعبة كرة القدم العربية الجماعية «إكس - كيك» (X - Kick) التي تسمح للشركات المهتمة بتعهد فريق مميز ضمن بطولة، وذلك بوضع شعار المعلن على قمصان ذلك الفريق. ويمكن للاعبين أيضا الاشتراك في بطولات كرة القدم الجماعية التي تعقد بشكل دوري. وأطلقت الشركة أيضا مؤخرا أول لعبة متصفح استراتيجية لها في العالم العربي، تحت اسم «أرض المعارك» (Ministry Of War) التي تدور أحداثها في العصور الوسطى، حيث يختار اللاعب واحدة من أربع حضارات (الفرعونية، والرومانية، والبابلية، والصينية)، ويجب عليه تطويرها وبناء القلاع وجمع الجيوش والتحالف وقيادة الأبطال وتنظيم صفوف جيوشه في مغامرات ملحمية، مع القدرة على التنافس مع آلاف اللاعبين الآخرين، وتقديم تحديثات كبيرة على صعيد التصاميم والرسومات.

وهذه اللعبة مجانية لمدى الحياة، ومن دون أي تحميل ممل أو انتظار طويل، وتحضر الشركة متجرا خاصا لبيع أدوات خاصة في هذه اللعبة، من شأنه مساعدة اللاعبين في تنظيم حضاراتهم وتسريع تطويرها. ومن المتوقع أن تلقى هذه اللعبة شعبية كبيرة لدى اللاعبين في المنطقة العربية، وخصوصا لما تحتويه من حضارات عاشت في المناطق العربية، وسهولة في البدء باللعب من أي كومبيوتر في العالم. وبدأت المرحلة التجريبية المغلقة للعبة أرض المعارك في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2010.

ويوجد حاليا أكثر من 150 موزعا معتمدا لبطاقات الشراء في مدن مختلفة في 18 بلدا عربيا (قائمة الموزعين المعتمدين متوفرة في مواقع الألعاب)، هي: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر، وعمان، والبحرين، واليمن، وسورية، والأردن، وفلسطين، ولبنان، والعراق، ومصر، والسودان، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، ويمكن من خلالهم شراء بطاقات خاصة لشراء عناصر في اللعبة، أو التحويل إلى حساب معتمد.