«إذاعات الإنترنت».. نافذة خاصة لفنانين وسياسيين ومنظمات حقوقية

سهلة التكلفة وتجتذب حماس الشباب

ملصقات تحمل أسماء إذاعات الإنترنت المختلفة المنتشرة
TT

«إذاعات الإنترنت».. ظاهرة جديدة فرضت نفسها على الكثير من الشباب في مصر، خاصة بعد تسارع إيقاع الحياة، وتنوع مظاهر التطور التكنولوجي الهائل في عالمنا والذي يكرس للاختزال والاختصار كسمة أساسية لمواكبة هذا التطور، حتى أصبح المستمع لا يريد إلا «ما قل وما دل».. هذه الإيقاع هو ما نجحت إذاعات الإنترنت في تقديمه بأسلوب سلس وجذاب، أغرى الكثير باقتحام مغامرة إنشائها ليعبروا من خلالها عن رؤيتهم حول ما يدور، سواء في محيط واقعهم الاجتماعي، أو في محيط العالم من حولهم، واستطاعوا بإمكانيات مادية قليلة أن يحققوا هذا الهدف.

وفي مقابل الإذاعات الموجهة التي تنتهج الشكل التقليدي، ولا تعتد كثيرا بخبرة الشباب وطموحاتهم، تقدم إذاعات الإنترنت خطابا إعلاميا عصريا يتسم بالبساطة والإيجاز والبعد عن الإطناب والحشو، وإشاعة جو الحوار، ومخاطبة المستمع باعتباره فاعلا وشريكا في المنتج الإعلامي الذي تقدمه.

من أهم الإذاعات الناجحة في هذا السياق: راديو «حريتنا»، وراديو «رحاب إف إم» للفنان حميد الشاعري ووليد الشاعري، وراديو «دياب إف إم» للمطرب عمرو دياب، وراديو «منير» للمطرب محمد منير. وراديو «محطة مصر» للمذيع أسامة منير. وكذلك الجمعيات الأهلية مثل راديو «رسالة» لسان حال جمعية رسالة الخيرية، والأحزاب السياسية مثل راديو «الغد»، وراديو الحزب الوطني الديمقراطي. ثم إذاعات حقوق الإنسان مثل راديو «حقوق» و«ماعت»، وإذاعات الصحف مثل راديو «اليوم السابع». وأيضا «ستارز راديو»، وراديو جامعة عين شمس، وغيرها من الإذاعات.

الإعلامي محمد جراح، كبير مذيعي إذاعة الشباب والرياضة المصرية الرسمية، المدير التنفيذي في ما يتعلق بإذاعات الإنترنت، يعتبر هذه الظاهرة جيدة وتقدم شكلا جديدا، لكنه مع ذلك يرى أنها «تفتقد المهنية وبعضها من دون هدف ومن دون خلفية إعلامية، وذلك لا ينفي وجود الجيد منها، لكن في إطار الاجتهاد الشخصي». ويرى جراح أن تأثيرها محدود، ولا يمكن القول إنها ستؤثر كليا على إذاعات الموجات، ويبرر ذلك بالمواقع الكثيرة المنتشرة على الإنترنت لمواكبة التطور والتي ما زال الشباب يستمعون إليها ويلتفون حول البرامج الشبابية والمسابقات التي تقدمها.

وحول كسر إذاعات الإنترنت التقليدية الراسخة في إذاعات الموجة يقول جراح «التقليدية ليست اتهاما، بقدر ما هي نظام عمل، لكن المهم ألا تفضي إلى الجمود، ونحن نتحاشى هذا بالانفتاح على الجديد، وبعقد دورات تدريبية، وإن كان كل هذا يتم في خطط تتسم بالبطء إلى حد ما».

وعلى عكس جراح يقول محمد فاروق، مدير البرامج براديو «حريتنا»: «مستقبل إذاعات الإنترنت لا أعتبره في الشرق الأوسط فقط، بل في كل العالم. فهناك برامج كثيرة يمكن استماعها من خلالها، كما أنها تقدم كل ما هو متنوع وتهتم بالشباب. والحياة أصبحت عملية أكثر، والناس أيضا، فلا بد أن أقدم لهم ما يجذبهم للاستماع وبشكل ملخص، لأن المستمع أصبح يقوم بأكثر من شيء في وقت واحد. التلفزيون هو سيد الموقف في المنزل. وإذاعات الموجات لا أحد يسمعها في المنزل إلا فئة عمرية محددة، وسيأتي عليها وقت وتنقرض إن لم تكن انقرضت بالفعل. ونحن لا نقارن أنفسنا بها، لأنها تستهدف راكبي المواصلات فقط، أما نحن فنستهدف كل مستخدمي الإنترنت في أي مكان».

وعلى العكس ترى ياسمين الضوي، مديرة «راديو حقوق»، أن إذاعات الإنترنت أصبحت مثل الفضائيات، وفي الوقت الحالي لن تلغي إذاعات الإنترنت إذاعات الموجات، فما زال لها مستمعوها، وما زال الفلاح لا يستغني عنها، «لكن من الممكن أن تلغى عندما نصل إلى عمر أجدادنا».

وتستثني الضوي «راديو حقوق»، وترى أنه خارج المنافسة، لأنها أول راديو حقوق إنسان على مستوى الشرق الأوسط، على حد قولها. وتدافع الضوي عن اتهام إذاعات الإنترنت بأنها لا تقدم إلا برامج الحب، مشيرة إلى أن راديو «حقوق» يقدم موضوعات مهمة، وكذلك «حريتنا» و«اليوم السابع».

ويؤكد أحمد حمادة، مدير «ستارز راديو» الخاص بجامعة عين شمس، أن الفترة القادمة هي مستقبل إذاعات الإنترنت، لأن الشباب أصبح – في رأيه - متعلقا به أكثر؛ وهذا شيء طبيعي، فمنذ وقت مضى كنا نسمع فقط إذاعات الموجات، ثم انجذب الشباب لـ«نجوم إف إم»، ومستقبلا ستسيطر كل هذه الإذاعات الجديدة.

ويضيف حمادة «لا أستطيع القول إننا يمكننا الاستغناء عن إذاعات الموجة لأن لها مستمعيها، فالبرنامج العام ما زال يقبل عليه الكثير من الشباب».

ويعتبر أحمد ثروت، مدير راديو «منير»، أن إذاعات الإنترنت تشكل نقلة جديدة في الخطاب الإعلامي، لافتا إلى أن «مستخدم الإنترنت لديه حب الاستطلاع أكثر من حب التلقي، وإلا كان استخدم التلفزيون والراديو، وهذا يعني أن استماعه لإذاعات الإنترنت سيكون لفترة محدودة، فبغض النظر عن التطور فلن تتأثر إذاعات الموجة، وذلك لأن لها شعبية كبيرة فنحن في مجتمع يميل لــ(old fashion) في كل شيء، ونحن لا ننافس أحدا، فقط نحن مختلفون، ونريد أن نقول ذلك في إذاعاتنا الخاصة على الإنترنت، وبرؤى وموضوعات مغايرة وجديدة».