أول رسم يدوي ملون للحرم المكي يعرض في الرياض على مدى 45 يوما

أنجزه عالم إسلامي فارسي قبل أكثر من 475 عاما وضمنه وثيقة نادرة عن مكة المكرمة

رسم الشيخ محيي الدين الكلشي للحرم الشريف («الشرق الأوسط»)
TT

يتيح معرض تراث المملكة العربية السعودية، الذي افتتحه مساء أمس الأحد الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، للزوار الفرصة للاطلاع على أقدم رسم يدوي للحرم المكي الشريف يعود إلى قبل أكثر من 475 عاما، حيث كان الرسم هو الوسيلة الوحيدة للتصوير قبل ظهور آلات التصوير. وسيجد الزوار من الباحثين والباحثات وشرائح المجتمع المختلفة لوحة مرسومة للحرم المكي الشريف في وثيقة تاريخية نادرة لعالم إسلامي فارسي سجل فيها رحلته إلى مكة المكرمة، وهي تعد من أقدم المنمنمات الإسلامية، وقد ظهرت بشكل أنيق وبألوان زاهية.

وتعود قصة هذا الرسم اللافت إلى عام 957 هجريا، عندما قام العالم الإسلامي محيي الدين الكلشي بمحاولة لرسم الحرم المكي الشريف أثناء رحلته لأداء مناسك الحج والعمرة وزيارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ضمنها كتابه المخطوط النادر «فتوح الحرمين الشريفين» باللغة الفارسية، الذي وصف فيه رحلته إلى مكة المكرمة، وظهر رسم الكلشي الذي يعد من أقدم المنمنمات الإسلامية أنيقا وبألوان زاهية ومتناسبة استخدم فيها المسطرة والمنقلة وغلب عليها اللون الأصفر بجوار ألوان الأحمر والأزرق والبني بدرجاتها، وكتب على بعض المواقع الواضحة في الحرم الشريف اسمه، مثل الأبواب التسعة عشر في ذلك الوقت. واللوحة المرسومة تعد وثيقة تاريخية مهمة تنقل ما كان عليه الحرم قبل ما يقارب خمسة قرون للباحثين في تاريخ الحرم الشريف، ومصدرا لكثير من المعلومات المعمارية والفنية والهندسية للحرم الشريف. وهذه الوثيقة التاريخية يجدها الزائر ضمن مخطوط كتاب «فتوح الحرمين الشريفين»، أحد المخطوطات النادرة المعروضة في معرض تراث المملكة العربية السعودية المخطوط، الذي يحظى حاليا بإقبال متصاعد من شرائح المجتمع المختلفة بصفة عامة ومن الباحثين والباحثات من مناطق السعودية ودول الخليج بصورة خاصة.

وتظهر اللوحة وكأنها لمهندس معماري حاذق أو لفنان تشكيلي ماهر، فهي تقبل الرأي بأنها لوحة فنية أو رسم هندسي، فقد حرص الشيخ محيي الدين الكلشي مؤلف كتاب «فتوح الحرمين الشريفين» على تلوين المواقع واستخدام الخطوط المستقيمة والدوائر بخطوط غير متعرجة في مبنى الحرم الشريف، كما اهتم بإضافة أسماء لمواقع عدة في الصورة بلغة الكتاب الفارسية، وظهرت الكعبة المشرفة تتوسط اللوحة المرسومة ويظهر تحتها بابها «المعجن»، وظهر إلى اليمين حجر إسماعيل وميزاب الكعبة وحولها دائرة المطاف والقناديل التي تعلق بها، وأظهر الرسم المنبر ومقام إبراهيم وخمس منائر والأبواب الرئيسة للحرم الشريف، وظهرت ألوان الرسم محتفظة بنصاعتها ووضوحها مما يعبر عن جودة مادة الألوان المستخدمة.

دارة الملك عبد العزيز سبق لها الاستعانة بهذا الرسم القديم الذي يوثق أيضا للرسوم الإسلامية القديمة في إعداد مادة كتاب الأطلس المصور لمكة المكرمة والأماكن المقدسة الذي يعد أحد الإصدارات المهمة في تاريخ دارة الملك عبد العزيز، والذي تطرق بالشرح المفصل لعدد من الرسومات القديمة لمكة المكرمة والأماكن المقدسة. وكانت الدارة قد حصلت على هذا المخطوط ضمن مخطوطات مكتبة مكة المكرمة أثناء تنفيذها لمشروع مسح المصادر التاريخية في المملكة العربية السعودية.