العالم يشهد أول كسوف في العقد الجديد

إحدى 6 ظواهر كسوف للشمس تحدث هذا العام > بدأ في الجزائر العاصمة وانتهى بشمال غربي الصين

أطفال سعوديون يضعون نظارات مظللة لمشاهدة الكسوف في مدينة جدة السعودية (أ.ف.ب)
TT

شهدت سماء المملكة العربية السعودية ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أمس، أول كسوف جزئي للشمس في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حيث استمر 3 ساعات منذ التاسعة وأربعين دقيقة صباحا.

وحول أسباب الكسوف، قال المهندس ماجد أبو زاهرة رئيس الجمعية الفلكية في جدة: «تزامن أمس وقوع الكرة الأرضية في أقرب نقطة لها مع الشمس التي تسمى الحضيض»، وأضاف: «بدأ هذا الكسوف في شمال أفريقيا عند الساعة التاسعة وعشرين دقيقة بتوقيت مكة المكرمة، ثم أخذ طريقه إلى الشرق، وشوهد في شمال المملكة عند الساعة العاشرة والثلث صباحا».

وعن نسبة الكسوف في سماء المملكة، أشار المهندس أبو زاهرة لـ«الشرق الأوسط» أن النسبة بلغت ذروتها في شمال المملكة؛ إذ بلغت نسبة حجب قرص الشمس فيها 43 في المائة وذلك بحكم قرب المنطقة من مسار الكسوف الجزئي، في حين بلغت 13 في المائة بمنطقة جازان، و24 في المائة بالمناطق الغربية والشرقية والوسطى.

إلى ذلك، أكد رئيس الجمعية الفلكية بجدة أنه ومن 6 مرات كسوف للشمس يشهدها سكان الأرض هذا العام، فإن كسوف أمس سيكون الوحيد الذي يشاهد في سماء المملكة.

وأضاف أبو زاهرة: «من النادر ومن المصادفة أن يتكرر ما رصدناه في جدة أمس؛ إذ رصدنا بقعة شمسية ضخمة على سطح الشمس، إلى يسار المشاهد لقرصها، واستمرت إلى ما بعد انتهاء الكسوف».

وأضاف المهندس أبو زاهرة: «خلال الكسوف شاهدنا ظاهرة أخرى تحدث شهريا، بيد أنه لا يمكن رؤيتها إلا في حالة كسوف الشمس، وهي ظاهرة الاقتران حيث يكون الأرض والشمس والقمر على استقامة واحدة».

وأشار المهندس أبو زاهرة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن السبب دائما في حدوث الكسوف هو وجود الشمس والقمر على خط طول سماوي واحد وخط عرض سماوي واحد، وعندما تصل الشمس لمنطقة تسمى «العقدة»، وهي منطقة تقاطع خط استواء سماوي ودوائر البروج، وعندما يمر القمر بالمنطقة نفسها، يحدث كسوف الشمس بأنواعه؛ الجزئي، أو الحلقي، أو الكلي.

وأديت في مساجد وجوامع المملكة أمس صلاة الكسوف المسنونة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم عند حدوث كسوف للشمس أو للقمر حتى نهايتهما، وتوافق كسوف الشمس أمس مع تقلبات جوية تشهدها مدن وقرى المملكة هذه الأيام وقد حجبت السحب رؤية الكسوف في عدد منها.

وكانت الجزائر العاصمة هي أول من لاحظ كسوفا جزئيا للشمس دام قرابة ساعتين ونصف بنسبة 56.3 في المائة. وبدأت هذه الظاهرة الفلكية في الساعة 6:43 وتواصلت حتى الساعة 10:10 دقائق. وبلغ الكسوف أوجه في الساعة 8:52 بنسبة 56.3 في المائة. ومسّ هذا الكسوف مناطق أخرى من الوطن وكان حجمه متباينا من 30 في المائة بتمنراست (جنوب) إلى 60 في المائة بالقالة (شرق).

وفي القدس شاهد سكان الأراضي الفلسطينية الكسوف الذي بدأ في الساعة 7:9 صباحا بتوقيت غرينتش وبلغ ذروته، وانتهى الكسوف في نحو الساعة 10:15.

وانتهت الظاهرة فوق شمال غربي الصين في الساعة 11.54 دقيقة ظهرا.

وذكر الدكتور صلاح محمد محمود رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية المصري أن المعهد قام برصد مراحل كسوف الشمس الجزئي الذي شاهده سكان مصر والدول العربية وعدد من دول العالم، وبث مراحل الكسوف بثا مباشرا عبر موقعه الإلكتروني.

وقال محمود إن الكسوف بدأ في مدينة القاهرة في الساعة الـ9.02 صباحا، وبلغ أوجه في الساعة 10.31 صباحا، حين حجب القمر نحو 55% من قرص الشمس، وانتهى في الساعة 12.06 دقائق ظهرا بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة.

وأضاف محمود أن هذا الكسوف هو الوحيد الذي ستتمكن مصر والدول العربية من مشاهدته خلال العام الجديد؛ إذ إن الظواهر الثلاث التالية التي سيشهدها عام 2011 لن ترى في الدول العربية.

وفي السياق ذاته، فتحت كل من الجامعة الأميركية بالقاهرة ومركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية أبوابهما للجماهير من أجل مشاهدة الظاهرة، وتوافد المئات من المصريين على الموقعين لمشاهدة الكسوف، حيث وفرت الجامعة والمكتبة نظارات خاصة تتيح رؤية قرص الشمس، ومناظير مجهزة لمراقبة الظاهرة من دون تضرر شبكية العين.

وفي أوروبا تمكنت بعض الدول من مشاهدة الكسوف على الرغم من أن السحب حجبت مشاهدة الكسوف في كثير من الدول.

وأمكن مشاهدة الكسوف، الأول في العام الحالي، في جنوب السويد في نحو الساعة 07:30 بتوقيت غرينتش، واستمر حتى الساعة 10:30 صباحا بالتوقيت المحلي في الشمال.

وحظي مشاهدو الكسوف في شرق السويد بأفضل رؤية لهذه الظاهرة. ويقدر علماء الفلك أن القمر حجب ما يصل إلى 80 في المائة من قرص الشمس في السويد.

وفي النرويج المجاورة، كان الكسوف أكثر وضوحا في الجزء الجنوبي من البلاد في نحو الساعة 08.35 بتوقيت غرينتش.

أما في ألمانيا، فقد وصل الكسوف إلى ذروته في الفترة ما بين الساعة 08.18 بتوقيت غرينتش بمدينة ميونيخ جنوبي البلاد والساعة 08.27 صباحا بالعاصمة برلين في الشمال.

وكان تأثير الكسوف أكبر في شمال ألمانيا، حيث حجب القمر جزءا أكبر من قرص الشمس.

وعلى الرغم من ذلك، فإن السحب أعاقت الرؤية في كثير من أنحاء أوروبا، مما أدى إلى زيادة نسبة الظلام في الصباح.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أنه من المتوقع حدوث كسوف جزئي للشمس في أول يونيو (حزيران) وأول يوليو (تموز) و25 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي.

في فرنسا حجب القمر أكثر من نصف قرص الشمس وصولا إلى ثلثيه، جراء وقوعه بين الشمس والأرض، قرابة الساعة 08.00 ت.غ.

وقد شوهد الكسوف في ما بين الساعة 07:50 و10:30 بتوقيت غرينتش. بحسب المناطق، مع بلوغ الظاهرة ذروتها عند الساعة 09:00. وانتهى الكسوف بين الساعة 10:15 و10:35 تقريبا، أيضا بحسب المناطق.

بعد ذلك أمكن مشاهدة الكسوف في مناطق وسط روسيا وكازاخستان ومنغوليا وشمال غربي الصين، التي شاهدت الكسوف لدى غروب الشمس.

وانتهى الكسوف الجزئي للشمس عندما خرجت الأرض من ظل القمر في قرابة الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش.

وتحدث ظاهرة الكسوف الشمسي عندما يمر القمر بين الأرض والشمس حاجبا أشعتها بشكل جزئي أو كلي.

وعندما تمر الأرض في ظل القمر، يكون الكسوف جزئيا، على غرار الكسوف الذي حدث أمس؛ إذ يحجب القمر قرص الشمس بصورة جزئية. أما الكسوف الكلي فيكون في المناطق التي تقع تماما في ظل القمر، ولن يشهد عام 2011 هذا النوع من الكسوف.

ومع أن قطر الشمس أكبر من قطر القمر بـ400 مرة تقريبا، إلا أنها أيضا أبعد منه عن الأرض بـ400 مرة، مما يسمح للقمر بحجبها عن الأرض تماما في حالة الكسوف الكلي.

ولو كانت دورة القمر حول الأرض مشابهة لدورة الأرض حول الشمس، لكان الكسوف الشمسي ظاهرة تشاهد كل عام، إلا أن مدار القمر حول الأرض فيه شيء من الانحناء.

ومن المتوقع أن يشهد عام 2011 أربع ظواهر كسوف جزئي واثنتين تامتين، وهو أمر نادر لن يتكرر في القرن الحادي والعشرين سوى ست مرات.

والكسوف الكلي الأخير للشمس حدث في الحادي عشر من يوليو (تموز) 2010، وأمكن مشاهدته من المناطق الجنوبية للمحيط الهادئ.

أما الكسوف الكلي المقبل فهو مرتقب في 13 من نوفمبر 2012، ويمكن مشاهدته في أجزاء من أستراليا ونيوزيلندا وجنوب المحيط الهادئ وأميركا الجنوبية.

وبات في الإمكان توقع تاريخ حصول الكسوف منذ أيام بطليموس في القرن الثاني. أما منطقة حصوله بالتحديد فبات بالإمكان معرفتها منذ القرن الثامن عشر. ومع عصر المعلوماتية تم تبسيط حسابات الكسوف التي كانت تتطلب شهرا من العمل اليدوي من قبل علماء الفلك.